وليد كمال

احد مقابلات حزمة: التعاون بين مجتمعات مختلفة في العالم العربي,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

السيد وليد كمال أحد كوادر بيت النجاح اليمني، الذي شارك بمشروع أقيم بالتعاون مع مركز المواطنة الأردني وكان تحت عنوان: المواطنة وإدارة التنوع. يقيّم تجربة العمل المشترك بينهم فيقول:

كان اختيارنا لمركز المواطنة لما له من تاريخ طويل في التعامل معنا. وفيما يخص تجربتنا الحالية مع مركز المواطنة الأردني نستطيع القول بوضوح: أن تجربة العمل بيننا ثرية ومميزة، وبالإضافة لطبيعة العمل بيننا اكتسبنا بُعداً آخراً مع القائمين على هذه المؤسسة، واستطعنا أن نربط أواصر علاقة جيدة رغم الاختلاف الكبير، الاختلاف الجغرافي والهوياتي.

وعن الصعوبات الاجتماعية والمؤسساتية التي واجهتهم أثناء تنفيذ المشروع، يقول:

من الناحية الاجتماعية في الحقيقة لم نواجه صعوبات لافته، وذلك يعود لأشياء عديدة: منها معرفتنا السابقة وتجربتنا في تنفيذ برامج سابقة، لكن من الناحية المؤسساتية وجدنا بعض الصعوبات الطفيفة التي تتعلق بآلية التواصل، وفي اختلاف التوقيت، بالإضافة إلى بعض النقاط بما يتعلق بمسألة التمويل، لكن أثناء تنفيذنا للبرامج السابقة لم تواجهنا مشاكل إطلاقاً، وربما ذلك يعود لأننا كنا قد نفذنا البرنامج "أونلاين" عن طريق "جوجل نت" مما سهل لنا كل الأمر. 

أما العاملين في الجهة المشاركة معنا في هذا المشروع أي مركز المواطنة في الأردن، فلم نواجه أي صعوبات معهم، فقد كانوا متعاونين جداً، ومتفهمين أيضاً لاحتياجنا، لذلك كانوا --من المدير إلى الأعضاء الآخرين الذين تواصلنا معهم- سريعي الاستجابة وجديين حقاً بما كان يتعلق بموضوع التمكين.

ثم يتطرق السيد وليد للحديث عن الإيجابيات والسلبيات ثانياً التي لاحظها في التعاون المتعدد بين جهات متنوعة الانتماء الديني أو العرقي، بين بيت النجاح اليمني ومركز المواطنة الأردني، فيقول: 

بالنسبة للإيجابيات نتفق جميعاً بأنها مهمة لنا جداً كمؤسسات مجتمع مدني، فالتعامل والتعاون والشراكات وتبادل الأنشطة والبرامج مع جهات ومؤسسات لديها تنوع ثقافي وديني، هذا الأمر يثري المعرفة المرتبطة بالتنوع، أيضاً يساعد بالتعرف على الثقافات وخلفيات وأدوات جديدة، أيضاً يساعد في التعرف على خارطة التنوع الموجودة في المنطقة، كل هذا يعزز سلوكنا كأشخاص وكأفراد من المجتمع في كيفية التعامل مع الآخر. وأعتقد بأن واحداً من أهم الإيجابيات لهذا الموضوع أنه يفتح أعيننا بشكل واسع على ما يوجد في محيطنا، نحن لسنا وحدنا في هذه المنطقة، نحن موجودين مع عناصر من ثقافات وهويات مختلفة ولا بد لنا أن نتعايش معهم تعايشاً إيجابياً. 

ويضيف:

نراه تجربة مشجعة ساعدتنا على تقبل الآخر، ونمّت لدينا طرق التفكير المختلفة، وهذا الأمر برأي أصبح ملحاً ليس فقط لمؤسسات المجتمع المدني، بل للشباب وللمجتمعات بشكل عام، ولابد لنا جميعاً من أن نعزز التعاون والتبادل الإيجابي فيما بيننا من أجل أن نصل إلى فكرة السلام، وبدون هذا الأمر لا أعتقد أننا سنصل يوما ما إلى فكرة السلام.

من ناحية مؤسساتية أو من ناحية إدارة للبرنامج من الجهتين، وأنا كنت أحد الأعضاء للبرنامج فلا توجد هناك مشكلة، لكن المشكلة التي لاحظناها أثناء عملنا للتقديمات للمشاركين والحاضرين: أن كثيراً منهم يعتبر أن مسألة التعايش والتعامل مع الآخر المختلف دينياً وعرقياً مسألة سهلة، لماذا؟ لأن الأشخاص الذين تعاملوا معنا هم أشخاص بقمة الرقي ولديهم الأدوات اللازمة للتدريب، فيرى الأمر بأنه يتعامل مع كل أفراد المجتمع بهذه الطريقة، وينسى أنه قادم من بيئة معقدة، وخصوصاً بما يتعلق بالدين، فقد تجاوز البعض عن مسألة الاختلاف الجغرافي، لكن في مسألة الدين وخصوصاً أن يتلقى معلومة من شخص من ديانة أخرى أو لا ديني فقد يواجه هذا الأمر بتطرف.

يرجعنا هذا إلى نقطة مهمة جداً وهي أننا أثناء تناولنا لمثل هذه المواضيع أن نبنيها بشكل منهجي ومؤسسي لكي لا نصطدم مع الأفراد والمواطنين الموجودين في المجتمعات المحلية، وهذا يذكرني بحادثة: أن أحد المتدربين عاد إلى اليمن، لكن عندما تواصلنا معه قال: أنا لا أستطيع أن أعيش في هذا المجتمع، لأنه يتعامل بانغلاق شديد ولا يتقبل أي فكرة سواء من الليبرالي أو العلماني وينظر إليها على أنها ضرب من ضروب الكفر وما إلى ذلك. هذه السلبية والتي أراها ليست سلبية بالمعنى الحرفي، بل هي مدخل لأن تكون إيجابية، وهي أن تعيد إلى أذهاننا كيف يجب أن نقدم مثل هذه البرامج.

ثم ينتقل السيد وليد للحديث عن العلاقة المباشرة بين بيت الشباب اليمني وبين المؤسسات الداعمة، وأثر ذلك على قراراتهم أثناء تنفيذ المشروع المشترك، فيقول: 

هذه النقطة تتفرع إلى عدة نقاط، سأحاول أن أوجزها، النقطة الأولى: أن تكون المنظمة أو مؤسسة المجتمع المدني التي تقدم التدريب ذات تاريخ عريق، وذات قوة ونفوذ في المجال الذي نحن فيه، فبكل تأكيد هذا يجعل المتلقي يتقبل النقاط التي تطرحها بشكل أكبر، لكن بالنسبة لنا كمتدربين في هذا البرنامج فنحن جميعاً قادمين من بيئة جامعية، مترسخة لدينا مسألة التفكير النقدي، فلم يؤثر هذا الموضوع بالنسبة لنا كثيراً فكل معلومة لم نكن نراها متناسقة مع التي قبلها أو مع المجتمع الذي نحن فيه فغالباً ما كنا نطرحها للسؤال والتمحيص والنقاش، وبطبيعة الحال بحكم خبرتهم بالتدريب وبحكم ثرائهم المعرفي، فكانوا غالباً ما يوصلونا إلى مسألة إقناع في النقاط التي يطرحونها، وهي في نهاية الأمر تكتسب قوتها من الفرجة التي تتبناها، فمثلاً المؤسسات التي تدعو إلى الحرية إلى الليبرالية إذا ما الإنسان سمح لنفسه أن يفكر تفكيراً جيداً هي بطبيعة الحال تدعو إلى راحته وإلى استقراره وإلى أمنه وإلى زيادة تفاعله مع المحيط.

لكن هناك نقطة لفتت نظري ولفتت زملائي في الفريق المنفذ أو المتدربين، وهي أننا تقمصنا جزءاً من شخصية هذه المؤسسة، بمعنى أنه عندما نتدرب مع مؤسسات خارجية غير يمنية، سرعان ما نلاحظ حجم الفرق الكبير في مستوانا أو في أدائنا أو في طريقة تعاملنا مع الأحداث أو مع المختلف. كل هذا بصراحة عزز عندنا الرغبة الشديدة في التعلم، لدرجة أننا أصبحنا بين كل فترة وأخرى نتواصل مع هذه المؤسسات بشكل مؤسسي أو بشكل شخصي من أجل افادتنا وإثرائنا. وبرأيي نحن لا يمكن أن نقول بأننا لم نشعر بنوع من الطبقية، وهذه الطبقية إيجابية لأنها مبنية على التجربة وإرثها كبير لا نملكه نحن كمؤسسة لا زالت في خطواتها الأولى في مسألة التدريب والتأهيل.

ثم ينتقل لتبيان أثرها عليه شخصياً، فيقول:

نظراً لأني آتي من أسرة أو بيئة تميل إلى العمل السياسي وإلى العمل الاجتماعي والقبول، هذا الأمر، وأيضاً تخصصي في الجامعة علوم سياسية، فمجرد أن تعاونا مع المنظمة ورأيت أداء كوادرها وثقافتهم السياسية والاجتماعية الكبيرة، هذا الأمر أثر عليّ من ناحيتين: الناحية الأولى وهي إيجابية وكانت برغبتي أن أتعلم أكثر وأن أصبح مطلعاً أكثر. والناحية الثانية سلبية، وهي أنني أدركت حجم الهوة الكبيرة بين المجتمعات التي تعيش في لبنان أو التي تعيش في الأردن على سبيل المثال، على الرغم من الاختلاف الهائل في المذاهب وفي المناصب حتى في الخلفية الجغرافية التي أتوا منها، إلا أنهم استطاعوا أن يصلوا إلى نقطة من الالتقاء والتعايش على عكس ما يوجد في بلد مثلنا على الرغم أنهم ليسوا مختلفين كثيراً في الجغرافيا وحتى في مسألة المذاهب والاتجاه، فالأغلب ما نسبته 95% من السكان يعودون إلى نفس المذهب وإلى نفس الاتجاه، إلا أننا لم نستطع أن نصل إلى بيئة نستقر ونتعايش فيها بسلام، العنصرية متفشية جداً، العنف والإرهاب الفكري، هذا الأمر أصابني بإحباط شديد، هل نستطيع أن نصل في يوم من الأيام إلى هذا المستوى من التعايش أم لا؟ 

ثم يتحدث السيد وليد عن مدى تغيير آلية عمل بيت النجاح اليمني بعد تجربة التعاون هذه مع مؤسسات دولية وعربية، ذات ثقافات مختلفة، يقول: 

في الأساس بيت النجاح اليمني هي مؤسسة منفتحة ومتقبلة للآخر، يعود ذلك إلى سبب كبير وهو أن عدداً كبيراً من الشباب المختلف الانتماء الفكري والعلمي والجغرافي هم من أسسوا هذه المؤسسة.

فالتعامل مع الآخر هو أساس جوهري في عملنا، لذلك فإن هذه البرامج التي نفذناها أتت لتعزيز هذا السلوك المتبع داخل الجمعية. لكن بطبيعة الحال ترسخت الفكرة أكثر بظروف التعامل مع مؤسسات مختلفة من مناطق ودول مختلفة، بسبب أساسي هو أن هذا الأمر من شأنه أن يؤسس لقاعدة واسعة وصلبة ننطلق منها في عمليتنا الهادفة لتكوين عدد كبير من الفرق الشبابية الناجحة والمؤهلة والمزودة بالأدوات المطلوبة، التي تمكنها من المشاركة الإيجابية في إعادة لملمة المجتمع وإعادة المشاركة في نهضة بلدنا اليمن. هذا فيما يتعلق بالبرنامج الأول الذي نُفّذ.

ويضيف:

أما البرامج الأخرى التي تتعلق بالإعلام الالكتروني والتفكير الناجح وما إلى ذلك، أعتقد أنها عززت قناعتنا بأن نتحول إلى "الأونلاين" بنسبة 90 إلى 100 بالمئة، وهذا هو الأمر المتبع حالياً في المؤسسة، بتحويل أعمالنا بالكامل إلى العالم الافتراضي مع جزء بقي عادي، لكن الأغلب سيتحول إلى الافتراضي.