أبو فاروق

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: مرسيليا, فرنسا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يبلغ أبو فاروق من العمر 29 عاماً وينحدر من قرية واقعة بالقرب من مدينة طرطوس، وأبو فاروق الذي لم يكمل دراسة المرحلة المتوسطة والذي كان يمتلك مطعماً قروياً صغيراً، قادم من عائلة مزارعين، ويعيش حالياً في مارسيليا مع زوجته وطفل بالغ من العمر سنتين ونصف. 

يقول إنه رفض الانضمام إلى الجيش وسُجن لقاء ذلك مدة شهرين، تم توجيه "اتهامات ملفقة للسرقة والاغتصاب إليه، وبعد ثلاثة أيام من التعذيب بصم بأصابعه على وثيقة تؤكد تلك الرواية المفترضة" على حد قوله، ومع ذلك فقد كان معصب العينين فلم ير ما الذي وقّع عليه.

باع والديه الأرض لسداد أجور المحامين، كما دفعوا لمسؤولي السجن لكي يطلقوا سراحه، ولمهربي النظام لإخراجه من المناطق المحاصرة وإيصاله إلى لبنان. وهناك سجّل نفسه كلاجئ سياسي مع منظمة تعنى بحقوق الإنسان، لكن هذه المرة تم القبض عليه، لدخوله بشكل غير قانوني إلى لبنان، عند نقطة تفتيش تابعة للجيش اللبناني، فسجن لمدة شهر ونصف، على حد قوله، وكانت زوجته قد لحقته الى بيروت مع طفلهما واتصلت به محاولة أن تخرجه من السجن. 

في هذه الأثناء قامت عائلة مؤلفة من زوج من الأطباء الفرنسيين في مارسيليا "بتبني" قضية أبو فاروق، من خلال نفس منظمة حقوق الإنسان التي تسجّل فيها. بعد إطلاق سراحه، ساعدتهم المنظمة في الحصول على تأشيرات من السفارة الفرنسية. فطار مع عائلته إلى مطار مرسيليا حيث قابلتهم الأسرة الفرنسية. بعد ذلك عاشوا في منزل الطبيبين لمدة خمسة أشهر، وكانوا موضع ترحيب حار على أنهم جزء من العائلة. كان لعائلة أبو فاروق غرفتهم الخاصة وحمّامهم وإمكانية الوصول الكامل إلى بقية المنزل والمطبخ، كما تناولت الأسرة وجبات الطعام معاً. وقد تم اصطحاب عائلة أبو فاروق في نزهات نهاية الأسبوع كذلك.

 كان زوج الأطباء يعمل لساعات طويلة فطلب المساعدة من عائلة فرنسية أخرى وهي من أصدقائهم المقربين من اجل مساعدة أبو فاروق وزوجته في المعاملات الورقية ودروس اللغة ومختلف المسائل العملية.  في الواقع، كان لدى هاتين العائلتين العديد من الأصدقاء الذين باتوا أيضاً بدورهم أصدقاء لعائلة اللاجئين السوريين. لقد شعروا بالدعم والمحبة والثقة والامتنان لحظهم "الاعجازي" ولكرم العائلة الفرنسية العارم. لقد فتح أصدقاء العائلة منازلهم وقاموا بأخذ عائلة أبو فاروق إلى الشاطئ واصطحابها في رحلات أخرى، كما أوكل إليه عدد كبير من أصدقاء العائلة مهمة رعاية حدائقهم بما أنّه ترعرع وهو يزرع أرض عائلته في الوطن. 

عندما حان موعد زيارة أطفال الزوجين الطبيبين للمنزل خلال فصل الصيف أقام الزوج حفلاً كبيراً لجمع التبرعات، وتم دعوة جميع الأصدقاء في المجال الطبي اليه حيث ساهم كل ضيف بمبلغ 5 يورو شهريًا لمدة عام لتغطية تكاليف إيجار شقة تكون في مكان قريب، تسكنها عائلة أبو فاروق خلال السنة الأولى. الآن تدفع الحكومة الفرنسية 80٪ من الإيجار ويقوم أبو فاروق وعائلته ومن خلال مبلغ  المعيشة الشهري الحكومي الذي يتلقونه بدفع الـ 20٪ الأخرى.

عن عائلته المضيفة يقول أبو فاروق: "لقد ذهبوا ليعملوا ساعات طويلة من النهار كل يوم منذ أول يوم لوصولنا، وقد وثقوا بنا مع أشيائهم الثمينة الموجودة في منزل جميل بالاضافة الى أطفالهم الصغار"، ويكمل قائلاً: "أملك مفاتيح ثلاثة منازل مختلفة، وقد بقينا في منزل أصدقائهم بينما كان هؤلاء في إجازة، وأفتح أبواب منازلهم لرعاية حدائقهم، وهم جميعهم يصرون على أن نشعر بالحرية في القدوم إذا احتجنا إلى أي شيء". 

يشعر أبو فاروق وزوجته بالبركة، ويقولان إنهم جميعا أسرة واحدة حقاً. لقد بكى مضيفوهما عندما انتقلت عائلة أبو فاروق إلى الشقة لكنهم ما زالوا جميعاً يجتمعون معاً لتناول وجبات الطعام ومع أصدقائهم أيضاً، والجميع مرتبط بولده الصغير ويطلب منهم رؤيته بانتظام.
يأخذ أبو فاروق دروساً في اللغة وبمجرد انتهائه منها سيأتي دور زوجته، هو لا يرغب في العودة إلى المدرسة بل يودّ العمل كبستاني، كما أنه يفكر في الانتقال إلى "بلفور" للحصول على وظيفة مع أقارب له يعيشون هناك. قام أبو فاروق أيضاً بتكوين صداقات خلال دروس اللغة، بعضهم سوريون وكذلك أشخاص من جنسيات مختلفة، يقول إنه تم تعليمه في المدرسة أن الفرنسيين كانوا مستعمرين لكن من هذه التجربة الرائعة من التبني والحب بات يرى أفراداً فرنسيين لا يتوافقون مع أي شيء تعلمه.