أحمد موسى مطر

الكلمات المفتاحية العراق, العمل, الهجرة, قبرص
احد مقابلات حزمة: قصص عن الانتماء,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لارنكا, قبرص
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

أنا أحمد موسى مطر، عمري 45 سنة، فلسطيني من مدينة القدس، مواليد بغداد 1975، محامي سابقاً.

وصلت قبرص في نهاية عام 2006، وعندما وصلت مدينة لارنكا لم أكن أعرف أحد فيها، فكان الوضع صعباً جداً بسبب اختلاف اللغة والدين والعادات والتقاليد، خاصة أول ثلاثة أشهر، ولو كانت الظروف تسمح بالعودة لكنت عدت، لكن الأوضاع التي ساءت في العراق أجبرتني على أن أقصد مكاناً ليس من اختياري، فأصبح لزاماً علي" أن أقيم فيه. وشجعني أن الحكومة القبرصية آنذاك كانت تقدم تسهيلات كبيرة، فعندما تقدمت بطلب اللجوء تم استكمال كافة الأوراق المطلوبة في ذات اليوم، في الوقت الذي رفضت فيه 21 دولة عربية أن تمنحني موافقة دخول. وصولنا إلى قبرص، أنا وعائلتي: زوجتي واثنين من الأطفال، كان بطريقة غير قانونية، ومع ذلك وفرت الحكومة لنا كل التسهيلات. أقمت في منطقة "ماكنزي" بلارنكا التي لا أعرف عنها أي شيء، ولا حتى السوبر ماركت، اضطررت أن أمشي كل يوم نحو أربع ساعات في المدينة ومحيطها، إلى حد ما اكتشفت البلد. وأول ما بحثت عنه هو فرصة عمل، وأول مكان ذهبت إليه هو المحكمة، المكان الذي أحبه، مكان اختصاصي وعملي، ودهشت وبدأت دموعي تنهمر، لأني كنت محامياً معروفاً في بغداد. وهنا أنا غريب وغير معروف، أعجبت بنظافة المحكمة، والنظام والترتيب كان شيئاً جيداً، ومنذ ذلك الحين فكرت أن أعادل شهادتي وأتعلم اللغة، لكن، حسب القوانين الموجودة في قبرص، ممنوع العمل إلا لمن يحصل على الإقامة. وكان لي الحق أن عمل في المزارع والمسالخ فقط فحوّلني مكتب العمل إلى مزرعة فيها "مسلخ" تبعد حوالي ساعة ونصف عن مدينة "لارنكا".

عملت فيها وقلت طالما القانون يحدد صنف معين من العمل فيجب أن ألتزم به، وفعلاً التزمت به، فعملت هناك لمدة سنة ونصف، كانت فترة صعبة لأني أعمل في عمل ليس من اختصاصي، ولكني قررت أن أواجه الحقيقة فلا يوجد مفر. وبعد سنة ونصف تركت العمل، وعملت في مدينة "لارنكا" سائق تكسي لمدة عام، واجهت فيه بعض المشاكل- للأسف- من الجالية العربية المقيمة في لارنكا. بعد ذلك عملت في وزارة الداخلية القبرصية في دائرة "خدمة اللجوء" كمترجم عربي- إنكليزي، لمدة عام ونصف تقريباً. ولاحقاً اعتمدت على بعض الأصدقاء المقيمين في الخارج، من يمتلكون مهن حرفية ويعملون في التجارة، ساعدوني كي أعمل في تجارة قطع غيار السيارات، فأسست شركة صغيرة، ولازالت تعمل إلى الآن. وفي هذا العام 2020 افتتحت شركة ثانية لتصليح ودهان سيارات.

وللأسف معظم الجالية العربية في قبرص، عاطلين عن العمل! وإذا كنت تعمل فالتواصل مع العرب لن يكون مريحاً، لأنك تختلط مع العاطلين عن العمل، ولهذا وبحكم عملي، كنت أقيم علاقات مع القبارصة وكانت هذه العلاقات ناجحة بامتياز، طبعاً هي علاقات محدودة وليست مفتوحة مثل العلاقات العربية، يعني مناسباتهم العائلية لا ترقى إلى مستوى العلاقات العربية، لكنها علاقات صادقة مئة بالمئة. أنا لدي شركة منذ نحو ثماني أو تسعة سنوات في قبرص، وإلى الآن ليس لدي أي "شيك مرتجع" والمبيع لدينا كله "شيكات"، وهذا دلالة على أن هناك ثقة بالقانون وثقة بالمجتمع القبرصي، الذي هو مجتمع جيد بسيط، شرق أوسطي قريب لنا.

إن أحد أسباب النجاح بالعمل الصدق، والشعب القبرصي صادق بالمجمل، والحمد لله ما واجهتني أي مشكلة اجتماعية أو تجارية مع المجتمع القبرصي. أمّا التجارب الأخرى فهي كثيرة بحكم عملي الممتد لسنوات، كما أن هناك دعم من المجتمع القبرصي عندما يرونك مندفعاً وناجحاً وتحب أن تعمل.  الحمد لله والشكر، أنا سعيد جداً لأني في قبرص، ولا يوجد لي تعليق على المجتمع العربي هنا، لدي علاقات على مستوى العائلة معهم وهناك علاقات شخصية، وفي كلا الجانبين علاقاتي جيدة. أنا كوني أجنبي ولا زلت أجنبي، من بلد عاداته وتقاليده ودينه مختلفة تماماً، أحتاج النصيحة دائماً، والشعب القبرصي إيجابي جداً بالنصيحة، وغير سلبي، وهذا سبب استمرار علاقتي بهم، وأنا إن شاء الله صادق مع الجميع.

وهذه هي قصتي.