أديب الشلاف

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"تعاملَ تجار الحبوب المخدّرة مع مسؤولين كبار في الدولة وخاصة مع ضباط المخابرات"

نشأ أديب الشلاف في حي بابا عمرو بمدينة حمص، وهو حي يجمع بين طبيعة الريف والمدينة، فقد كان تابعاً للريف قبل ضمه إدارياً الى مدينة حمص بعد التوسع العمراني.

تأثر أديب بوالده الذي كان ضابطاً رفيعاً في الجيش ومديراً للكلية الحربية، والذي حثه على الانتساب للكلية الحربية لصالح وزارة الداخلية عام 1982.

تخرّج أديب ضابطاً في الشرطة بعد إتمام ثلاث سنوات في الكلية الحربية تبعتها ستة أشهر في كلية الشرطة.

يقول أديب، "كانت ظاهرة الطائفية حاضرة بقوة في الكلية الحربية، إذ كان نحو 90 في المئة من طلاب الكلية علويين، توجه أغلبهم الى وزارة الدفاع كضباط جيش، وارتبطنا معهم بعلاقات ودية وصداقات دامت لسنوات طويلة ".

ويتابع القول، "في ثمانينيات القرن الماضي وحتى منتصف التسعينيات، كانت وزارة الداخلية تُعتبر وزارة سُنيّة، حيث كان أغلب ضباطها وحتى وزير الداخلية من الطائفة السنية، ثم تبدل الحال منذ منتصف التسعينيات وبدأ عدد الضباط العلويين يطغى على السُنّة".

عام 1986 تم تعيين أديب في قسم البحث الجنائي ضمن فرع الأمن الجنائي بمدينة حمص، وهو قسم يختص بكشف جميع أنواع الجرائم وخاصة الغامضة منها، ثم انتقل الى قسم مكافحة المخدرات وترأسه لمدة خمس سنوات حتى عام 1996.

يقول أديب، "لحسن الحظ، لم تكن ظاهرة الجريمة المنظمة حاضرة في سوريا قبل عام 2011، ولو وُجد ذاك النوع من الجرائم كنا سنفشل حتماً في مكافحتها لعدم امتلاكنا الإمكانيات اللازمة كالأدلة الجنائية أو القضائية المتطورة".

ويتابع القول، "على سبيل المثال، لم نتمكن طوال فترة خدمتي في الشرطة من كشف جريمة واحدة عن طريق البصمات، وذلك بسبب بدائية الأدوات المستخدمة، فبعد مرور 24 ساعة فقط على ارتكاب جريمة ما، كان خبير البصمات يقول إن آثار البصمات باتت غير قابلة للدراسة".

في التسعينيات، لم تكن ظاهرة تعاطي المخدرات منتشرة في سوريا إلا فيما ندر، ففي عام 1991 بلغت نسبة تعاطي المخدرات أقل من واحد في الألف، رغم أن سوريا هي الأقرب جغرافياً الى لبنان البلد المنتج لمادة الحشيش. انتُدب أديب في نفس تلك الفترة للمشاركة في دورة تدريبية بجمهورية مصر، وتفاجأ بأن نسبة التعاطي هناك بغلت 50 في المئة.

يقول في ذلك، "من جهة أخرى، كان أكبر تجار حبوب الكبتاغون على مستوى الشرق الأوسط سوريين، حيث شكلت سوريا بلد العبور للشاحنات المتوجه من تركيا ولبنان الى دول الخليج العربي، في ظل تغطية أولئك التجار من قبل مسؤولين رفيعي المستوى في الدولة السورية".

لم يكن بمقدور قسم مكافحة المخدرات اكتشاف تلك الشحنات المخدرة حتى في حال تم تفتيش الشاحنات المشتبه بها، فمن الصعب جداً تحديد مكان تخزين البضاعة في الشاحنة إلا في حال تم قص وتقطيع كل هيكلها، أو إذا استطاع مخبر العملية تحديد مكان تخزين البضاعة بالضبط.

يقول أديب، "تعاملَ تجار الحبوب مع مسؤولين كبار في الدولة وخاصة مع ضباط المخابرات. في إحدى المرات تعرّضتُ لتهديدات من قبل رئيس فرع الأمن السياسي لمجرد استدعائي لشخصية معروفة بتهريب المواد المخدرة. لكن إذا تم القبض على تاجر بالجرم المشهود، يتنصل منه الجميع وينكرون صلاتهم به".

في عام 1996 تم نقل أديب للخدمة في مدينة القطيفة بريف دمشق، ذلك بسبب عدم اكتراثه بأي ضغوط أو واسطات من قبل الأمن السياسي لصالح أي موقوف بتهمة المخدرات.

ويُعتبر جهاز الأمن السياسي مسؤولاً من الناحية الأمنية عن جهاز الشرطة، والمفترض أن الجهازان يتبعان لوزارة الداخلية، ولكن واقع الحال أن وزير الداخلية ذاته لا يمون على رئيس شعبة الأمن السياسي الذي يكون دائماً من الطائفة العلوية.

يقول أديب، "تنتشر فروع الأمن السياسي في جميع المحافظات، ومهمة عناصرها كتابة التقارير الكيدية بحق ضباط الشرطة الذين لا ينصاعون لأوامرهم".

يرى أديب أن أهم أسباب فساد عناصر وضباط الشرطة هي قلة رواتبهم وعدم تناسبها مع تكاليف المعيشة، هذا فضلاً عن تسلط الأمن السياسي عليهم، حيث كانوا يقدمون لهم المال لكي ينالوا رضاهم وحتى لا تتم محاربتهم.

تدرّج أديب في الرتب العسكرية حتى بلغ رتبة عقيد وانتقل من القطيفة الى قسم المزة في دمشق، وهو أكبر قسم للشرطة في سوريا، وكان مسؤولاً عن أحياء هامة يقطنها أغلب مسؤولي الدولة، كمنطقة المزة اوتستراد والمزة فيلات، فضلاً عن منطقة المزة 86 وهي منطقة شعبية من أكثر المناطق المتعِبة في العمل كما يقول أديب، "المزة 86 هي منطقة عشوائيات غالبية سكانها من الطائفة العلوية ومن الحرس الجمهوري، تنتشر فيها مشاكل كثيرة كالسرقات والمخدرات وحتى الدعارة والسلب، وأغلب المتورطين فيها هم عناصر سابقين في سرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد، أو عناصر تم طردهم من الحرس الجمهوري".

ويتابع القول، "كان من الممكن أن يتدخل القصر الجمهوري أو وزير الداخلية أو حتى رئيس الوزراء بأي مشكلة ترد الى قسم المزة، لذلك كنت أحاول الالتزام بتنفيذ القانون وعرض الضبوط على المحامي العام فوراً حتى أتنصّل من مواجهة الضغوط والواسطات".

عمل أديب كرئيس قسم الأشغال في فرع الشؤون الإدارية بريف دمشق ما بين عامي 2007 و 2009، ثم التحق بدورة "القيادات العليا" وتَرفّع الى رتبة عميد بالتزامن مع تسلمه منصب مدير منطقة الطبقة في محافظة الرقة عام 2009.