أسامة أبو يزن

احد مقابلات حزمة: قصص عن الانتماء,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: السويد
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

أنا اسمي أسامة، يلقبوني أبو يزن، ولدت عام 1973، كنت أعمل في الستائر والديكورات، حالي مثل حال كل السوريين قبل الحرب طبعاً، حاولت أن أفعل شيئاً في البلد عندما بدأت الحرب ولكني لم أستطع، فاضطررت بعد عام ونصف أن أتجه نحو السويد، وتفاجأت هنا أن كل المهاجرين يقضون وقتهم لمدة عامين يدرسون ويرتبون أمورهم، ونظرت إلى حالهم وفكرت أنه يجب فعل شيء، لأن ما ذهب لن يعوض، لذلك يجب أن نبدأ ليس من الصفر إنما من تحت الصفر، وخلال السنتين تلك تعلمت اللغة لدرجة لا بأس فيها، وحاولت أن أفعل شيء لأن مهنتي لا مستقبل لها في هذه البلد كون الشمس هنا قليلاً ما تظهر والستائر لا يحتاجونها كثيراً، فتوجهت نحو مهنة الطبخ كوني محب لصناعة المأكولات جداً، وحاولت أن أقوم بشيء ما، وسألت فعلمت أنهم يقومون بدورات لتعليم الطبخ، وبالفعل ذهبت وقلت لنفسي أعمل في المطبخ كونه دافئ فالبلاد هنا باردة كما هو معروف.

جاهدت لمدة سنتين وأنا أدرس، أنهيت المرحلة الأولى، وكان يجب أن أدرس مرحلة ثانية وفعلت ذلك، وأيضاً المرحلة الثالثة ثم تخرجت، وكنا نقوم بتدريبات عملية على حساب الدولة في بعض البلدان الأوروبية. المهم أثبت وجودي وحاولت أثناء هذا التدريب أن أحكي لهم عن طبيعة طعامنا وشرابنا، علمتهم قليلاً، وكنت أحاول أن أوصل شيء لم يسمعوا عنه من قبل، وللأسف كانوا قد سمعوا أشياء ليست جيدة.

انهم يهتمون كثيراً بالطعام السريع، ونحن نركز على الطعام المُعد ببطء. فحضرت لهم "الفروج" بنكهات سورية، حاولت أن أفعل شيئاً وسارت الأمور على ما يرام.

أثناء التدريب الذي هو عبارة عن ستة أشهر كل مرحلة، وينقسم لثلاث دورات، حدثت الكثير من التفاصيل، مثلاً حضرت لهم في أحد المرات أكلة "ملوخية"، وقد كانت أولى مرة يرونها، ويسألون: ما هي الملوخية؟ وكنت قد طبختها مع "الفروج والمرق" كما العادة مع قليل من الرز المفلفل، وتفاجأت في اليوم التالي أن معظم الناس الذين تناولوا هذا الطعام عانوا من آلام في البطن، لماذا؟ ربما لأنهم تناولوا الطعام دون حساب، وكما تعلمون "الملوخية" تؤثر على المعدة قليلاً، بكل الأحوال كانت قد أعجبتهم لكنهم لم يعتمدوها كأكلة، لكنها من الممكن أن تقدم في المطاعم السويدية.

ولأنهم رأوني قد درست لمدة سنتين الطبخ، وحاولت أن أجد وظيفة هنا وهناك، وعملت عقوداً مع أكثر من بلدية. طبعاً كان اختصاصي في الأكل السويدي ضمن مدارس أطفال، أبرمت عقوداً مع عدة بلديات. قالوا لي أنه يمكن أن يوظفوني بعد فترة بشكل دائم، لكن الأمر يحتاج لوقت، لا بأس بقيت لفترة أعمل خمسة أشهر وستة أشهر، هناك ثلاثة أشهر أحياناً، هكذا إلى أن تثبتت في عملي منذ سبعة سنوات.

ليس كل شيء إيجابي، ولا كل شيء سلبي. لا يوجد أي موضوع أو أي شيء يقدم عليه الإنسان يكون دائماً إيجابي، من الضروري وجود سلبيات، ولكن نحن نحاول أن نتخلص من هذه السلبيات بطريقة أو بأخرى، للأسف بعض الأشخاص يأخذون الشيء السلبي ويتركون الإيجابي. والحمد لله نحن السوريين على وجه الخصوص حاولنا أن نفعل شيئاً هنا في البلد وحدث معنا الكثير من الأشياء الجيدة والأشياء غير الجيدة ولكنا فعلناها…

نحاول أن نريهم أننا نحن السوريين لنا خلفية ثقافية، منتجين، صناعيين، تجار، ونحن بطبيعتنا اجتماعيين، في العيد صنعت حلويات سورية معروفة "المعمول"، وقمت بتوزيعها على سكان بنايتي، وزعت على جيراني في الجهة المقابلة، من أجل ماذا؟ فقط من أجل الإلفة. هؤلاء الناس منهم من شكرني ومنهم من أرسل لي بالمقابل، كانت الفكرة أن نتواصل أننا نحن كشرقيين هكذا، وإن شاء الله أكون قد استطعت إيصال رسالة لهم.

أنا أحببت أن أتكلم اليوم حتى يسمعني الآخرون، كي يحاولوا تقديم أشياء جيدة عندما يسافرون إلى بلد آخر، ويحاولوا أن يقدموا شيئاً، وألا يغرقوا في الذكريات: "كنّا هكذا.. وعملنا هكذا.. وكان معنا هكذا.." جئت إلى هنا اعمل، تعلم، أهم شيء اللغة، وإن رب العالمين لا يضيم أحداً لا بعمل أو بأي شيء.

أنا أسامة من السويد وهذه كانت قصتي حول مفهوم الشعور بالانتماء والتعايش.