وصل أسبد (31 عاماً) إلى السويد عام 2013، وينحدر من أصول أرمنية سورية، أثناء انتظاره إصدار إقامته التحق أسبِد بداية بصفوف لدراسة اللغة السويدية نظّمتها جمعية نسائية، ويوضح لنا أن وَنِّس هو اسم والده الذي "التصق باسمه" إلى الأبد لأنه استخدم "اسمه الثلاثي كما هي العادة في سوريا قبل أن يدرك أن السويديين لا يستخدمون اسماء والدهم"، حسب قوله.
التقى أسبد بشخص كان يعمل في محطة راديو "ألكومبيس-Alcompis" التي تبث عبر الإنترنت، فحصل على مقابلة عمل ثم تم التعاقد معه للتدرّب، ثم انتهى به الأمر أن وقّع عقد عمل رسمي بعد عام. وكان أسبِد قد درس الإعلام في سوريا كما عمل في راديو "ميلودي إف إم".
تعلم أسبد الكثير عن السويد أثناء عمله في الإذاعة السويدية، خاصة عن طريق ترجمة تقارير الثقافة والأخبار، أبرز جوانب عمله تشمل إقامة نقاش سياسي باللغة العربية بحضور ممثلين عن كل مرشّح، كما عمل في برنامج حول اللاجئين الوافدين حديثاً، وأجرى مقابلات باللغة السويدية البسيطة لشرح الجوانب المختلفة للحياة والأنظمة السويدية، ثم عمل لاحقاً في التلفزيون السويدي قارئاً للأخبار باللغة السويدية المبسطة.
يقول أسبِد: "هنا في السويد يجب أن تتقدم باستمرار في العمل لوجود ذلك الخوف" بألا يتمّ تجديد عقد عملك، هو لا يرغب في العودة إلى العمل باللغة العربية، وبالتالي يعمل على زيادة اتقانه للغة السويدية. يحب الاستماع إلى الراديو ويكرّر الجمل التي يسمعها لكي يتمرّن أكثر على تحدّث اللغة، وهو يتحدث الآن السويدية بشكل جيد للغاية بحيث يعتقد الاخرون أنّه سويدي، ودائماً حين يسأل عن معاني الكلمات أو التعابير التي لا يعرفها، يثير دهشة الناس حين يعلمون أنه ليس سويدي.
يعمل أَسبد الآن في منظمة "أُمو" التي تقدم معلومات متنوعة حول الحياة الجنسية والجسد والعلاقات العاطفية وموارد الرعاية الصحية في ستة لغات بما فيها العربية، يصحّح أسبِد النصوص والترجمات ويوضح أنّ "المواضيع المطروحة حساسة للغاية"، وأن الكلمات التقنية يجب أن تكون دقيقة، كما يوجد عدد كبير ومتزايد من متابعي هذا الموقع في البلدان الناطقة بالعربية. ونظراً لأنه موجود في السويد فهو يقدر الطريقة التي تعلم بها الاستماع إلى الآخر والآراء المختلفة ومناقشة وقبول الاختلافات، وهو يشعر بالراحة في مجتمع لا يركز على العرق أو الدين أو المظهر حيث يقول إنه لم يشعر مطلقاً بالتمييز ضده.
تعيش عائلته في النمسا وهو يزورها مرة في السنة، اعتادوا أن يسألوه باستمرار: متى سيتزوج؟ وعما إذا كان قد وجد عروساً له أم لا؟ وهو يجيبهم دائماً: بأنه سيُعلمهم إن حصل ذلك، في النهاية توقفوا عن سؤاله أو الضغط عليه. لديه أصدقاء من كل منبتٍ، في السويد وربما أكثر أصدقائه هم سويديون مع أنّه يحافظ على علاقاته مع بعض أصدقائه السوريين.
عندما كان عمره حوالي 14 عاماً أصبح متديناً، فكان يقوم بإشعال البخور أثناء الامتحانات ويصلي لضمان نجاحه، لقد كان سبب ذلك اجتماعي أكثر من كونه ديني، لكنه لا يزال يعشق سماع الموسيقى الدينية والتراتيل، فهو يستمع إليها على موقع "يوتيوب"، ويذهب لقداس آخر الليل ليشارك في سِحره.
ويقول إنه رغم نشأته في منطقة مختلطة دينياً في سوريا لكن لم يكن هناك ثمة من تمييز بين الأديان، كان في مدرسة في دمشق حين فهم لأول مرة ماذا يعني أن يكون المرء من طائفة أخرى. كان، حسبما يتذكّر، جالساً مع عدد من صديقاته الجدد مفترضاً أنهم مسيحيات كلهنّ، لأنهن لم يكنّ محجّبات، لكنهن كنّ من ديانات مختلفة بشكل كامل.