ألكسا صحفية سويدية عمرها 38 عاماً، تدرس اللغة العربية، وتعمل في المنطقة بما في ذلك في سوريا منذ عام 2008. سافرت في البداية إلى سوريا مع صديق لها بعد دراسة اللغة العربية في القاهرة، حيث عاشت لمدة عامين. ثم عملت لعدة سنوات كصحفية في المنطقة، وغطت أخبار سوريا في صحيفة "الديلي ستار" التي كانت آنذاك صحيفة مستقلة.
ما لاحظته ألكسا على الفور في سوريا كان العزوف عن مقاربة المسائل السياسية، وشعرت بوجود خوف واضح كامن تحت سطح الحياة الطبيعية، لم تكن تعرف الكثير عن سوريا في تلك الأيام، لكن قيل لها حينها التالي: "تذكري أن الجدران لها آذان هنا". بدأ فهمها لسوريا على مستوى أساسي بأنها: "مكان دافئ وجميل، فيه الكثير من الملامح التاريخية" فقد كان السواح مزدحمين في ذلك الوقت، وتضيف: "ولكن مع جانب مظلم فيه هو وجود السجناء السياسيين، وصور الأسد المعلقة في كل مكان".
عاشت ألكسا في بيروت في فترة 2008- 2013، وسافرت خلال تلك الفترة إلى جميع أنحاء سوريا عدة مرات في الشهر الواحد، حينها بررت الناس أفعال الحكومة السورية بالقول: إن الأمر كان يمكن له أن يكون أسوأ، كما كان يفعل الناس في لبنان. لكن بدأت هذه الازدواجية والتبريرات السوداوية في الانهيار أثناء الحرب، وهي تتذكر لحظة محددة على الحدود الواقعة بين لبنان وسوريا خلال هبوب عاصفة ثلجية، حيث كانت تقف في سيارة الأجرة التي ركبتها ضمن طوابير طويلة من السيارات، فقال السائق الذي كان واقفاً في مكان بعيد عن الناس: "نعم، لا يتم إرسال أحد إلى هنا لجرف الثلج، لأنهم جميعا مشغولون بجرف الدماء".
تجد ألكسا أن السوريين مقارنة باللبنانيين يعملون بجد وأصالة أكثر، وبأنهم متواضعين، وكونها تتحدث العربية بطلاقة يجعلها تشعر بالأمان، ويسمح لها ذلك بأن تتواصل مباشرة مع الناس، ويمكّنها هذا من الحكم على المواقف بمفردها، لكنّها تشعر بأنه بقي شيء يمثّل تحدياً بالنسبة لها هو: "اللهجات الإقليمية المختلفة وحقل المفردات الواسع للغة العربية" حسب وصفها.
كان لدى ألكسا في سوريا أصدقاء وكان الناس يتعرّفون عليها في الأحياء التي سكنتها، كانت عندما تلتقي بغرباء في سوريا يفاجئون دوماً بتواجدهم مع سويدية تتحدث العربية بطلاقة، ويفضّلون تخيل أن أصلها يجب أن يكون نصف سوري، مشيرين إليها بأن الناس في شمالي سوريا بشرتهم فاتحة اللون، أو بأنّ فرداً من عائلتها لا بدّ أن يكون سوري الأصل، حسب ما تقول. وقد حاول الناس دمجها بهم بوصفها منتمية للمكان نظراً لطلاقتها بالعربية، لكنهم ظلوا مندهشين من عدم وجود أيّة صلة عائلية لها بالمنطقة على الإطلاق.
إنّ أكثر اللحظات التي لا تنساها خلال وجودها في سوريا هي تلك الأيام التي أجرت فيها مقابلات مع النشطاء السياسيين، كانوا متخفين ينتظرون وحدهم في شارع جانبي اختاروه مكاناً مناسباً لكي يلتقوا بها. و بالرغم من كونها شعرت بالخوف على سلامتهم لكنها احترمت إصرارهم على إيصال تجاربهم إلى العالم.
لم تكن ألِكسا متدينة، لكنها أتمّت قراءات عن الأديان وتاريخها في المنطقة كثقافة فكرية، وقد بدأت إنفتاحها على الآخر المختلف مع زملاء يهود في مدارس السويد، واستمرت خلال دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية ضمن جو جامعي متنوّع للغاية. كما تحافظ ألكسا على صداقات مهمة في دول عدّة تشمل العديد من السوريين منهم من هو موجود في سوريا أو في مدينة ستوكهولم، حسب تأكيدها.
لقد جعلها العمل والعيش في الشرق الأوسط تقدّر أكثر العيش في دولة علمانية، يتمتّع فيها المواطنين بحقوق فردية، كما أنها تواصل نشاطها الكبير في المجتمع المدني في السويد، فقد عملت في منظمة "شرق" على تنظيم حلقات نقاشية في بيروت واستوكهولم حول سوريا، كما أقامت مؤخراً حلقة بعنوان: "المرأة السورية ومسرح السيرة الذاتية" مع المخرجة لينا أبيض وإنتاج منظمة "شرق".
وتلتقي ألكسا أصدقائها السوريين في المناسبات الاجتماعية في أكثر الأحيان وتطبخ معهم، وغالباً ما تحضّر الطعام السوري وتخرج إلى المطاعم السورية، وتقدم الدعم للاجئين السوريين الذي تتعرف عليهم وتلتقي بهم، وهي تتحدث عن ضرورة أن "يثق اللاجئون السوريون بالدولة، وأن يغيّروا من مواقفهم المستقاة من تجاربهم داخل سوريا" على حد تعبيرها.
وبالرغم من أنّ لا أحد من عائلتها اتخذ مسيرة مهنية مشابهة لمسيرتها، لكن عائلتها تدعمها بشدة، وقد وثقت في حكمها على الأمور خلال تواجدها في الشرق الأوسط. هم ليبراليون كما تصفهم، ويشعرون بالفخر الشديد في كونها تتحدث أربع لغات "الإنجليزية والسويدية والفرنسية والعربية" بطلاقة، وكذلك بكونها تعمل كصحفية.
تفتقد ألكسا معظم رحلاتها البرية من سوريا إلى لبنان، حيث كانت تحصل على قهوتها من مكان مطلّ على الجبل في طريقها إلى هناك، حسب ما تذكر. ولكن أكثر ما تفتقده من سوريا هذه الأيّام هو الأسواق والإحساس العام بالمكان هناك، إلا أنّ ما أخذته معها من سوريا هو إظهار الغضب في الأماكن العامة في السويد في حالة حصول عدم احترام تجاهها، أو في حالة تبيّنها عدم كفاءة لشخص ما. وتؤكد أنها تشعر بالهدوء حيال "قضايا الاختلاف والتأثير كما في التواجد الأجنبي في السويد"، خاصة في مواجهة محتوى إعلامي يشكك سائلاً: "هل السويد بصدد الإختفاء؟" أو حين يثير هذا الإعلام الشكاوى بصدد عدم العثور إلا على لحوم حلال خلال ساعات الليل، فهي تشعر أنه أمر رائع أنه ثمة محلات تفتح في أماكن صغيرة خلال الليل حيث يمكنك شراء العصير.
كما تشعر أنه يجب منح اللاجئين السوريين فرصة بغض النظر عن اتقانهم للغة، وأن تتم دعوتهم إلى منازل الناس، وهي تعتقد بأن السوريين بحاجة إلى معرفة المزيد عن السويد، وأن يعملوا مع سويديين، وأن يُدخِلوا في حياتهم الطرق السويدية. كما أشارت إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في العزل والتمييز في السويد بما في ذلك السياسة الإسكانية.