أنجليكا جولاربو

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: ستوكهولم، السويد
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

أنجليكا جولاربو هي ممرضة سويدية تبلغ من العمر 48 عاماً، وهي أم عزباء لأربعة أطفال، تعمل حالياً في مجال "الرعاية التلطيفية" في ستوكهولم. كانت أنجليكا تملك خبرة في العمل مع اللاجئين في السويد  حيث كان معظمهم من السوريين، لكنها شعرت أنها تعيش في مكان آمن حيث يتحدث الناس عن الطقس وهو أمر لا يمكن للمرء تغييره، في حين أنّ مساعدة الناس يمكن أن يحدث تغييراً في حياتها. 

لكن طلبها للحصول على إجازة من أجل الذهاب إلى جزيرة رودوس اليونانية للتطوع لرعاية اللاجئين السوريين الذين يصلون على متن القوارب الى هناك، تمّ رفضه، لذلك تركت وظيفتها وذهبت الى رودوس حيث أمضت فترة ثلاثة أسابيع. 

عملت انجليكا في المكان الذي تمّ "احتجاز" الأسر اللاجئة فيه، وهي تصرّ على استعمال مصطلح "الاحتجاز"، مع الأطفال خصوصاً، والمكان هو مصنع لتعبئة اللحوم مُنِع اللاجئون من مغادرته. تخبرنا أنجيلكا إنها: "اضطرّت إلى إجراء عمليات جراحية بنفسها بمعاونة ممرضات أخريات، في حين أنّ هذا أمر كان يجب أن يقوم به أطباء". كما تشير إلى كيفية وصولها إلى اليونان مع إمداداتها الطبية الخاصة بها. لقد كان عليها أن تكافح مع المسؤولين هناك من أجل إدخال الأشخاص المعرضين للخطر الى المستشفيات، لا سيما في حالة طفلة بلغت من العمر أربعة أشهر مصابة بالتَجفاف، والتي تمّ نقلها إلى المشفى في النهاية تحت حراسة الشرطة. 

قامت أنجليكا بتكوين صداقات مع اللاجئين الذين ما زالت تعرف الكثير منهم عن قرب، وما زالت تساعدهم بعد وصولهم إلى السويد. وهي تظهر تعاطفاً عميقاً معهم، في حين تصف لنا كيف "رأت بعضاً منهم يصلون وهم يرتدون سترات نجاة ورقية قدمها المهربون إليهم"، وكيف اضطر أولئك الذين ساعدَتهم، بمجرد أن أُطلق سراحهم، إلى المشي لعدة أشهر من اليونان وصولاً إلى السويد، وهي رحلة قد تخللها ركوب حافلة في بعض الأحيان. 

وبعد أن تقول هذا كله، توضح أنها إنّما تفعل ذلك لمعارضة فكرة كون اللاجئين عبارة عن "مستغلين اقتصاديين"، وبأنّه من المهم بالنسبة للأوروبيين أن يعرفوا ما يمر به اللاجئون السوريون، وبأن أحداً لن يفعل كل ما فعله هؤلاء اللاجئون فيما لو لم يكن معرّضاً لخطر داهم.

يعيش صهر سوري لـ أنجليكا في السويد، وفي الأصل كان لديها أصدقاء سوريين هناك، وتوضح إنّ ما غيّرها، من خلال هذه التجربة التي مرّت في اليونان، هو أنها تعلمت التحدّث ضد سلطة الأمر الواقع، كذلك "الكفاح بشدة من أجل الآخرين"، بحسب وصفها. 

وقد أُذهلها خلال هذه التجربة حب اللاجئين السوريين لوطنهم، حبهم للأرض نفسها، وهو أمر ليس له مثيل في السويد. كما تروي كيف شعرت بأنها قد عاشت في سوريا بالفعل: "على الرغم من أنها لم تفعل ذلك بالطبع"، وذلك حين كانت تشارك في "تدفق مشاعر الشوق لدى اللاجئين، وتستنشق معهم" ما وصفوه بأنه رائحة الأرض والأشجار والأسواق هناك في سوريا. 

تستمع أنجليكا هذه الأيام إلى الموسيقى العربية وتدمج الكلمات العربية في حياتها اليومية بقولها "ليش" (لماذا) لأطفالها، وتحب أن تأكل وتطبخ مع أصدقائها السوريين، لكنها لاحظت أيضاً أن الأهل السوريين يوبّخون أطفالهم البالغين إذا لم يبق هؤلاء على اتصال يومي بهم، أو إذا كانوا لا يقيمون في مكان قريب، وهي لا تحب هذا النهج في التربية. 

توضح أنجليكا إن وعيها بضرورة التعايش مع أتباع الديانات والثقافات الأخرى وسرورها في القيام بذلك بدأ خلال نشأتها، حيث التقت بأطفال يهود في المدرسة. لقد كان لديها نماذج عائلية واضحة تتمثّل بها، وهي الآتية من سلالة من النساء القويات الشخصية وغير التقليديات، اللواتي اتصفن بطباع ايثارية للغاية، لقد كانت والدتها كذلك إمرأة محسنة علمتها الغيرية، وقالت لها: "كوني شخصاً جيّداً، اعملي خيراً، لا تتوقعي شيئا بالمقابل". 

وتصف أنجليكا نشأتها وكيف كانت تتوقع كل مرة تعود فيها من  المدرسة أن تجد غرباء مثيرين للاهتمام، زواراً لهم في المنزل، كانت والدتها معلمة تطوعت لتساعد مرضى الإيدز، وتُشبّه العائلة أنجليكا بوالدة أمها، جدتها المغامرة التي طلّقت زوجها "الكسول" في الثلاثينيات عندما كان الطلاق أمراً نادراً، وعندما وصلت هذه الأخيرة إلى ستوكهولم آتية من منطقة أخرى في السويد، بالإضافة إلى الشعور القوي بالانتماء، وهو أمر تعلّمته أنجيليكا خلال تجربتها مع اللاجئين السوريين في اليونان، تقول: "لقد هجرت شعوري بالحنين لتوفير المال من أجل التنقل والتجارة، وتعرّفت على كلّ شارع موجود في ستوكهولم". وقد حاولت جدتها مرة أن تسافر إلى روسيا في قارب بحري بعد أن نجحت تجارتها.

 تقرأ أنجيليكا بشكل واسع وتحاول اختبار تجارب جديدة ، كما أن لديها أصدقاء أصغر سنّاً منها، وتقول بأنّ أصدقائها الذين يشبهونها بالعمر يجعلونها تراوح مكانها ويصيبونها بالضجر، على حد قولها