إلياس بيطار

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: سوريا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يحدثنا السيد إلياس بيطار (52 عاماً) وهو مقيم في دمشق، عن هويته قائلاً: 

شأني شأن غالبية المواطنين في أي دولة في العالم، أنا أعتبر نفسي سورياً بامتياز، من أب وأمّ سوريان، بحكم الولادة طبعاً، وأنتمي إلى أقلية دينية، أرجع إليه في الأصول، وهي الديانة المسيحية، والمجتمع السوري، طبعاً، معروف بتعدديته، أو منطقة نحن بمجملها، معروفة بهذه التعددية، أي أن إحساسي أنا شخصياً بسوريتي التي دخلت في صراع حقيقي، ما بين عراقة التاريخ والفخر فيه، ومابين صعوبات الحاضر والنزعة للهروب منها أو لتجاوزها. 

وبالنسبة لتجربته مع الصراع خلال العقد الماضي وتأثيراته التي طرأت على هويته كسوري، يقول: 

أنا كشخص ينتمي إلى أقليّة دينية، موجودة أساساً وعريقة في المنطقة. وفجأة توضع في مكان، غير مرغوب فيك! يجب عليك أن تجد حلاً، هذا انتماءك وأرضك ومجبر على التفكير بمغادرتها مثلاً، أو أن تجد حلاً آخراً. كان إحساساً قاسياً وصعباً، وبالتأكيد أثر بطريقة كبيرة على إحساسي أنا كفرد ينتمي إلى هذه الأقلية. إن هذا الشعور القاسي بالمخاوف والتخوفات، يهددك بأمنك وحياتك، لم يكن إحساساً سهلاً أبداً في تلك المراحل، ومن الممكن للمرء أن يلجأ إلى مكان آمان، يحمل وطنه في قلبه ويغادر.عندما تعاظمت الأمور، أصبح الكلام واضحاً وصريحاً إلى درجة التخوفات الحقيقية، و بالمحصلة، الوطن حيث تأمن. 

أمّا بالنسبة للمسألة التي انتهى إليها الصراع أو يكاد، يقول السيد إلياس:

قد يكون بشكل من الأشكال ضَمِنْ أو أمّنّي على نفسي في المجتمع، وأنا أتحدث هنا كأقلية كانت مهددة في الفترة التي تحولت فيها الحراك إلى حراك ديني، أي أنه تحول -أنا أسف للألفاظ- إلى إنشاء دولة دينية وما إلى هنالك! لقد كان الوجود مهدد فعلاً، وقد لا تكون النتيجة التي انتهى إليها الصراع مُرضية، اقتصادياً أو سياسياً، ولكن، كأقلية أنا أتكلم باسمي الشخصي وليس باسم أحدٍ آخر، على الأقل أنا لا زلت موجوداً، ولم أغادر البلد أبداً ولا لمرة واحدة أو حتى لسياحة، وهذه لا يعني أنها قوة، إنما من المؤكد أن هذه كانت واحدة من النتائج.

أمّا ما يخصّ قضية هجرة السوريين في العقد الماضي وتأثيرها على هويته، فهو يعتقد أنها: 

أدت إلى إضافات كبيرة جداً على الهوية السورية. أنا من الأشخاص الذين لم يهاجروا ولم يتركوا حتّى مدينتهم، أنا لم أهاجر، ولكني أعرف أصدقاءً وأقرباء، هاجروا، داخلياً أو خارجياً وبالتأكيد كانت هجرتهم قد أثرت علينا، لأننا دائماً على تواصل معهم، وعلى معرفة بأخبارهم، والتأثيرات التي طرأت على حياتهم شخصياً، أثرت على شخصيتنا نحن أيضاً وعلى هويتنا كأفراد مقيمين داخل المجتمع السوري، أي أن التبادل الثقافي والاقتصادي وكل تلك الأمور الحياتية التي يعيشونها، تنتقل إلينا أول بأول، نحن المقيمين هنا.

وما إذا كان هناك طقوس وعادات وتقاليد، يمارسها السيد إلياس ولها أثر على هويته فبرأيه:

أنه لا بد أن هناك سلوكيات معينة أقوم بها بحكم أصلاً المواطنة، أي أني لا أقصد القيام بها، إنما نحن اكتسبناها بنتيجة الواقع و حياتنا المعاشة، دائما تكرس هويتنا. 

ويضيف: أنا على الصعيد الشخصي مثلاً، غالباً أعود إلى الكتاب. أمارس نشاطاً ثقافياً معيناً، على سبيل المثال، مجرد أنك تتنقل من حي إلى آخر ومن مكان إلى مكان، عدا ما يذكرك بذاته من تلقائه، كالعمل الشاق. أو أن تقف في محطة الوقود بانتظار دورك مثلاً.. 

الطقوس التي من الممكن أن أمارسها فعلاً في حياتي اليومية ولها تأثير على هويتي كسوري، لاشك أنه كسلوك فردي اتجهت نحو تشكيل بعض المجموعات الثقافية التي تعنى بالشّعر بالتشارك مع بعض الأصدقاء، كان لها أكثر من غرض، أغراض ثقافية، وأغراض وسطية في منتصف العقد الماضي، كان ثمة محاولة لإطلاق صرخة، أو أحد ما يجمع كل الأطراف، أحد ما يلم الشمل، حاولنا في مثل هكذا نشاط أن نكون مؤثرين، وللأسف كان الصوت ضعيفاً، أضعف من صوت الحرب.

وأخيراً يصف السيد إلياس بيطار هويته بثلاث كلمات قائلاً:

ألم، وصبر، وأمل.