ولدت الهام محفوض في مدينة السلمية بمحافظة حماة عام 1948، كان أبوها خضر محفوض رجلاً ثورياً شارك في الثورة السورية الكبرى عام 1925وتم نفيه الى العراق، وشارك في الثورة الفلسطينية التي قادها فوزي القاوقجي عام 1936 ، وألف كتاباً باسم "تحت راية القاوقجي"، كما شارك في ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق عام 1941، وفي نهاية المطاف عاد الى سوريا وعمل معلماً ثم مدير مدرسة في السلمية.
في ستينيات القرن الماضي، كانت الهام طالبة في المرحلة الثانوية حين تم إضافة حصة مدرسية تسمى "المجتمع السياسي"، لم تكن الهام تدرك حينها المفاهيم المطروحة في تلك الحصة والتي كانت تتعلق بمبادىء ونظريات ذات علاقة بحزب البعث، تقول في ذلك، "في امتحان التربية العسكرية، صادف أن كان أخي المدرب المساعد لمدرب التربية العسكرية، فطلبتُ منه ألا يسألني شيئاً عن حزب البعث لأني لم أكن أفهم في تلك الأمور، وكنت أفضل أن يسألني في مسائل ترتبط بقضايا فلسطين أو الجزائر أو فيتنام، ولكنه سألني في الامتحان عن مهمات حزب البعث، فأجبته أن مهمته هي الاستيلاء على السلطة، فغضب مني وطلب مني الانصراف".
تذكر الهام أن نسبة الطالبات من بنات جيلها كانت مرتفعة في مدارس السلمية، وكان أغلب معلمي المرحلة الابتدائية من مدينة حماة، وبعد بضع سنوات صار كثير منهم من السلمية ذاتها أو مناطق أخرى مثل دمشق وغيرها.
حصلت الهام على شهادة الثانوية العامة وحاولت الانتساب الى معهد إعداد المدرسين، ولكن قبولها تعثر، فعملت في التدريس بنظام الإعارة لمدة سبع سنوات الى أن تم تثبيتها كمعلمة في إحدى مدارس إعزاز بريف حلب عام 1970 ، والتي عملت فيها لمدة عامين ثم انتقلت للتدريس في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة.
تتذكر الهام أن أعداد الطلاب كانت كبيرة في مدارس الطبقة، حيث كان الصف الدراسي يضم أكثر من 40 تلميذاً، وبالعموم، كانت أعداد الأطفال كبيرة في المدينة التي تم إنشاؤها أساساً لخدمة موظفي مشروع سد الفرات ومحطة توليد الكهرباء، ولذلك لم يكن ثمة تواجد لكبار السن فيها، فمن كان يصل الى عمر التقاعد وجب عليه أن يترك العمل، وبالتالي أن يسلم منزله المملوك للدولة.
كان على المدرسين إعطاء الطلاب بعض النشاطات التي يتخللها أناشيد وهتافات ذات صلة بمنظمة طلائع البعث التابعة لحزب البعث الحاكم. لم تكن الهام مقتنعة بالكتيّبات التي تخص تلك الأنشطة، لذلك كانت تحاول إمضاء تلك الأوقات في تعليم التلاميذ بعض الألعاب والتمارين الرياضية.
تقول الهام، "كان طلاب مدينة الطبقة مثل مجتمعها، من نسيج اجتماعي متنوع ومن مناطق سوريّة عدة، حتى إن أغلب الطلاب المسيحيين كانوا يحضرون حصص الديانة الإسلامية لكي يستفيدوا ويحسنوا مقدراتهم في اللغة العربية".
وتتابع القول، "أثّر تنوع المجتمع في الطبقة بالسكان الذين كنا جزءاً منهم، فأثّرنا وتأثرنا ببعضنا البعض في نواح عديدة مثل بعض العادات والمأكولات التي تشتهر بها كل منطقة، كنا جميعاً غرباء عن المدينة، ولذلك كنا نعيش كالأهل ونتعاون ونتكاتف فيما بيننا في جميع الظروف".
تقاعدت الهام بعد 30 عاماً من التدريس، وعادت الى السلمية، تقول، "بعد عودتنا للعيش في مدينة السلمية، شعرتُ بالغربة رغم أنها مدينتي وتربطني بأهلها علاقات اجتماعية طيبة وصداقات وصلات قرابة، لكني أحن للعودة الى نمط الحياة الذي تعودنا عليه في الطبقة".