براء موسى

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: بلجيكا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يخبرنا السيد براء موسى (49 عاماً) يعيش في بلجيكا، عن تجربته في فهم هويته قائلاً:

الهوية بالنسبة لي هي عبء كبير، حمل ثقيل، لا نستطيع الخلاص منه، عليّ أن أتصالح معها، وحقيقة هذا الشعور كوني أنا شخصياً مررت بتجربة قاسية للغاية عندما كنت في سوريا، طفلاً (8 سنوات)، قتل أبي من قبل الأمن السياسي في مدينة حلب أمام باب بيتنا وهو مكبل اليدين إلى الخلف، وكذلك بقيت أمي معتقلة حوالي 6 سنوات وأخي، كان حدثاً، اعتقل لسنوات أيضاً، إن هذه القسوة كانت بداية المعاناة مع الهوية السورية، نحن في بلد بدأنا فيه البحث عن هذه الهوية وهذا الانتماء دائماً، بعدها كبرنا، وكبرتُ أنا وبدأتُ أبحث عن هذه الهوية، بدأتُ من الجغرافية، وسألت ماذا تعني سوريا؟ لم تكن دولة لكي تمنحنا الهوية، هي دائماً من فشل إلى آخر، من ضغط إلى آخر. 

وعن أثر الصراع على هويته السورية، يرى السيد براء أن:

هذه الثورة، بدأت تتدرج في شكلها، وكان هناك شعور طاغ بالهوية، واعتزاز وفخر بها، لأن هذا الشعب انتفض أخيراً ويريد تحطيم كل القيود. أصبح هناك تعاطف بين الحلبي والديري واللاذقاني والشامي والدرعاوي والحسكاوي… إلخ، أصبح هناك تعاطف شديد، مناطقياً وحتى اثنيناً! التعاطف مع الأكراد عندما وقفوا في مظاهرات بداية الثورة، تعززت هذه الهوية وصلت إلى مستوى عال ولكنه عاطفي، لم يكن حقيقي، الواقع أفقد هذا الزخم في الشعور بالهوية، بتدرج الصراعات، بالمقابل، انتقلت من ثورة سلمية إلى مرحلة مسلحة ومن ثم إلى فصائل، واثنيات وطوائف ومدن ومناطقيات وطبقيات… وكل ما يفيد البعثرة من مفردات، حدثت في هذه الفترة الطويلة، وهنا السؤال ما الذي تركته من أثر؟ في الحقيقة مازال ليس لدي جواب كاف.

أمّا إذا كان هناك نتائج مختلفة للصراع، فكيف يعتقد السيد براء أن نظرته لهويته ستكون، يقول:

ربما نعيد النظر، بالفعل، بهذه الهوية المبعثرة أو الضائعة، وبكل تأكيد سوف تتأثر بأي معطى ولكن إذا تكلمت أنا كسوري، أنتظر هذه النتائج، لكي أبني موقفاً عليها، وبالتالي أشعر بالانتماء إما من جديد أو الاستمرار بالبعثرة أو التخلص من هذا العبء أو التصالح معه. 

وفيما يخص أثر هجرة السوريين على الهوية السورية من خلال تجربته، يقول السيد براء: 

أنا أشعر بالانتماء إلى السوريين الذين هاجروا إلى أوروبا، في أوروبا على سبيل المثال، عندما يسألك أحدهم من أين أنت؟ تقول له: أنا سوري، ولكنها تتضمن أيضاً جملة مخفية "أنا سوري بس منيح" أي أنا اسمي محمد، ولكني لست مثل "محمد" بالصورة النمطية التي لديكم، أو مثل أي شيء آخر. دائماً هناك شعور بالنقص في هذه الهوية، بداية الهجرة كان هناك اعتزاز، لأننا كنا قد خرجنا كشعب منتفض، شعب يريد الحرية، شعب يستحق أن يكون له هوية، وهوية قوية أيضاً، ولكن كل ذلك ضاع بشكل تدريجي، في أوروبا نشعر بثقل الأخطاء السورية المتراكمة، ثقل المهاجرين من غير الناجحين، أي فشل يشعرك بغبن أو تأثر أو ألم، أما النجاح، نعتز به، هذا ما تبقى أظن من الهوية، هنا نكافح أن نبني هوية جديدة وأن نتعامل مع الهوية الجديدة، نحن لا نزال في مرحلة، أنا أسميها، الصدمة الحضارية. 

وبالنسبة للعادات والتقاليد التي يراها السيد براء أنها تشكل جزءاً من هويته السورية، يقول: 

هناك عادات وتقاليد قديمة، تحفر في النفوس عميقاً، لا نستطيع التخلص منها كلياً، نتصالح مع البعض منها ونرفض البعض، هي إعادة بناء هذه العادات والتقاليد، بما يتناسب مع القديم وبما يتوافق مع الجديد، مع الحياة الجديدة التي نعيشها. أشعر بضغط هذه العادات، أريد التخلص منها أكثر من التصالح معها، أحياناً، لا أستطيع الاستمتاع مثلاً بالعيد أبداً، سواء كونه ديني أو تقليدي، لا أشعر به، لا أشعر أن هناك مناسبة وطنية، أريد أن أستمتع بالأعياد التي أراها هنا، عيد الزهور وكرنفالات الحرية والعادات الجديدة التي أريد الاندماج معها.

وأخيراً يختم السيد براء موسى واصفاً هويته باختصار: 

أشعر أن هويتي الآن هي المنظومة القيمية التي تجمعني مع سوريين وآخرين كثر، هي منظومة أخلاقية وقيميّة، ربما نحن نعيش تفاصيلها بيننا كسوريين ننتمي إلى مؤيدين للثورة بطريقة، أحياناً، تكون مبالغ بها.