ولد تمام بارودي عام 1955 بمدينة حماة لعائلة ميسورة الحال، كان والده يمتلك عدة وكالات أجنبية لبيع السيارات والأراضي الزراعية، وكان من المتضررين نتيجة قرارات التأميم والإصلاح الزراعي التي صدرت عام 1963. في العام 1964 سافرت العائلة الى السعودية، وكان تمام حينها في الصف الخامس الابتدائي، فتابع دراسته حتى نال شهادة الثانوية العامة وعاد الى سوريا لدراسة الهندسة المدنية في جامعة حلب، وفي العام 1979 ذهب تمام الى السعودية مجدداً وبدأ أول مشروع تجاري له وهو عبارة عن شركة مقاولات وتجارة بالشراكة مع صهره سعودي الجنسية.
يقول تمام: "عندما سافرنا أول مرة الى السعودية، كان وضع سوريا متقدماً جداً بالنسبة لها، ولكن ذلك تغير سريعاً وتحول منذ أوائل فترة السبعينيات الى تراجع سوريا في مقابل تقدم سعودي في مجالات عدة، وحتى الليرة السورية التي كانت تعادل الريال السعودي تقريباً بدأت قيمتها بالتراجع". في عام 1985، كان تمام قد دفع البدل النقدي للخدمة العسكرية، فعاد الى حماة وعمل في مجال الزراعة في بعض الأراضي التي بقيت للعائلة بعد الإصلاح الزراعي، وعمل في مجال البناء أيضاً. يقول: "بعد خسارة أراضينا نتيجة الإصلاح الزراعي، لم يعد لدينا الشجاعة أو الحماس للقيام بمشاريع زراعية كبيرة في الريف، حيث خرّبت الدولة القطاع الزراعي من خلال ضعف وقدم الآليات الزراعية ورداءة الطرق وتقطيع الأراضي الى مساحات صغيرة".
في العام 2003، افتتح تمام مصنعاً لتصنيع أدوات القطع والحفر الصناعية في مدينة حلب، كان ثمة بضعة معامل فقط تصنع هذا النوع من المنتجات في سوريا، واستطاع تمام أن يثبت نفسه وينجح في هذه الصناعة. يقول في ذلك: "رغم وجود كثير من رجال الأعمال العصاميين في سوريا من الذين تعبوا حتى نجحوا في أعمالهم دون التعامل مع الفاسدين في الدولة، فهناك في المقابل كثير من المتسلقين المدعومين ممن يصطدمون مع التجار المنافسين لهم فيحاولون التضييق عليهم أو مشاركتهم بالإجبار". ويتابع القول: "في حال نجاح أي رجل أعمال من أولئك المتسلقين في مجال معين، يتم احتكاره له وحده، ويمنع على رجال الأعمال الآخرين منافسته، هناك كثير من الأمثلة على الفساد في الأعمال وخاصة ما يتعلق في التعامل مع الدولة، فإذا دخلتَ مناقصة لتعبيد الطرقات على سبيل المثال، يحددون لك سعراً أقل من التكلفة لا يمكن اعتماده إلا في حال تمت السرقة في مواد العمل، ولذلك ترى الطرقات وغيرها من المنشآت في بلدنا في حال سيئة، ولذلك كنت أحاول الابتعاد عن التعامل مع مشاريع الدولة، ورفضت شراكات وعروضًا كثيرة من قبل بعض المتنفذين في السلطة".
من بين الأشياء الأخرى التي يرى تمام أنها كانت تعاني من خلل ما، قانون العمل الذي يُلزم صاحب العمل بتسجيل العامل في وزارة الشؤون الاجتماعية، وتثبيته ودفع التعويضات وما الى ذلك دون مراعاة حاجته الدائمة أو عدمها للموظف أو العامل، يقول تمام: "كان نظام التوظيف في سوريا من أسوأ الأنظمة، فإذا احتجت عاملاً لتقديم القهوة في المكتب، وعمل لديك لثلاثة أيام فقط وأثبت ذلك، صار لزاماً عليك أن تثبته في العمل وتعطيه كافة الحقوق والتعويضات، ونتيجة لذلك، نلاحظ عدم وجود موظفين دائمين في مجال البناء أو الطلاء أوغيرها من المهن الحرة في شركات المقاولات، والسبب أن مشاريعها سنوية أو متقطعة وغير مستمرة، وبنفس الوقت هي ممنوعة من توظيف عمال لمدة عام واحد مثلاً، لذا يتعامل المقاولون مع هؤلاء من خلال العمل الحر وأصحاب الورش، مما يؤخر في عمليات البناء أو الإكساء أو يسبب مشاكل في حال ترك المهني عمله في منتصف الطريق".
وفيما يخص علاقة رجل الأعمال السوري بالضرائب، يقول تمام: إن معظم رجال الأعمال يتهربون من دفع الضرائب، لأنهم لا يتلقون أي خدمات من الدولة مقابلها، ولطالما فُقدت الثقة بينهم وبين الحكومة، ومع ذلك تبلغ إيرادات الضرائب السنوية نسبة كبيرة من ميزانية الدولة. يضيف تمام: "بعد عام 2000، بُهرنا بالانفتاح في التعليم والقطاع الخاص والبنوك وما الى ذلك، ولكن حقيقة الأمر أن تلك البنوك لم تستطع مساعدة أي سوري يريد أن يفتح اعتماداً ليستورد بضائع من الخارج، بل كانت مجرد بنوك لإيداع الأموال فحسب، وسببت الضرر أكثر من الفائدة لبعض التجار".