ولد جمال بشير عام 1962 في مقاطعة سوق جمعة في طرابلس وترعرع مع والدين لم يعملوا في قطاعات الدولة قط. "كسبنا كل ما لدينا من عرق جبيننا ولم نأخذ أي قرض حكومي."
كان لوالد بشير مخزن مياه يستخدم لتوزيع الماء إلى المناطق المحيطة. عام 1970، استولت عليه الحكومة وأعلنته ملكية عامة دون أن تعرض على عائلة بشير أي تعويض.
في العام التالي، استحوذت الحكومة مرة أخرى على ممتلكات عائلة بشير بحجة قانون المصلحة العامة . "كنا نملك قطعة أرض من أربعة فدادين. أخذوها وبنوا عليها مدرسة ولم يعرضوا علينا أي تعويض."
عام 1978، اشترت عائلته 12 وحدة سكنية لاستثمارها. "كانت مصدر دخل عائلتي آنذاك، وعام 1978 أصدر القذافي قانون رقم 4 الذي عرف باسم البيت لساكنه وفقدنا كل شيء عندما استحوذ المستأجرين على الوحدات دون أي تعويض."
في العام التالي، تم إصدار قانون استحواذ آخر عرف باسم شركاء لا أجراء. "كنا نملك شركة تصدير مواد بناء ومصنع إنتاج للرخام والبلاط فاستحوذوا عليهما دون تعويض. كان الأمر همجياً. قدم تسعة رجال مسلحين من اللجان الثورية التابعة للقذافي واستولوا على مفاتيح المكاتب وغرف المؤن والسيارات والصناديق تحت تهديد السلاح". مُنحت العائلة ثلاثين دقيقة كي تخلي المكان. "كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير."
نجح بشير بالالتحاق بجامعة أوهايو. "تبخرت جميع أحلامي إذ منعتني حالة والدي النفسية والمالية من السفر."
أُجبر شقيقه الأكبر على الالتحاق بالخدمة العسكرية وتم إرساله إلى تشاد. "بعد غيابه لمدة 4 سنوات، اعتقدت أمي أنه لن يعود". بدأ شقيق بشير الأصغر بالعمل لكسب العيش ثم هاجر إلى كندا.
يعتقد بشير أن تلك القوانين تسببت بإصابة الليبيين بدمار نفسي أعظم من الدمار المادي. "أُجبرنا على العمل مساءً بعد الدراسة كما أجبر والدي الذي كان يعاني من السكري أن يبدأ بالزراعة من جديد ويعمل تحت الشمس كي نعيش."
كان والده مزارعاً خلال فترة الخمسينيات والستينيات، وفي السبعينيات فقد جميع استثماراته. "لولا تلك القوانين، لتمكنت من اكتساب تعليم وحياة أفضل. كان والدي بسيطاً وعمل جاهداً كي نعيش الحياة التي لم يعشها هو. لم نكن نسعى وراء المال بل أردنا أن نعيش حياة كريمة."
يصف بشير ليبيا في الثمانينيات قائلاً: "كانت ليبيا تتبع النموذج الاشتراكي فحتى لو امتلكت المال كان يصعب أن تجد ما تشتريه. لم يكن هناك شركات خاصة بل كانت الدولة تملك كل شيء. حتى الناس كانوا ملكاً لها."
عمل بشير مع والده في الزراعة وبيع المحاصيل ومع الوقت تمكن من استعادة جزء صغير من سوق الثلاثاء الذي صادرته الحكومة. "استعدناه بالدبلوماسية وليس بالقانون, عندما عاد أخي من تشاد، واصلنا العمل وإعادة بناء أنفسنا على مدى سنين إلى أن هدموا السوق عام 2008."
لم يتمكن بشير من إعادة تمويل عمل جديد خاص به فاضطر إلى العمل بصورة مستقلة في أي من المجالات التي أتيحت له. "عشنا يوماً جيداً وعشرة سيئة وكنا نعمل لنكسب قوتنا يوميا."