كان حافظ قرقوط صغيراً في السن حين انتقل من محافظة السويداء الى مدينة دمشق حيث كان إخوته يدرسون في الجامعة ويقيمون في منطقة المزة جبل، يقول حافظ "كان ثمة مشاريع سكنية كثيرة قيد الإنشاء في منطقة المزة فيلات، وتم توزيع البيوت على المشتركين في الجمعيات السكنية، أغلبهم موظفون جاؤوا من مناطق سورية عدة كدرعا والسويداء وحمص، فضلاً عن القادمين من مناطق ضمن دمشق".
ويتابع القول "نشأنا في تلك الأجواء، حيث تعودنا على سماع مختلف اللهجات السورية ضمن البناء السكني الواحد، وشعرنا من خلال هذا التنوع الجميل بروحيّة المجتمع السوري، وهو ما أثّرى وأغنى من تجربتي في الكتابة لاحقاً".
يرى حافظ أن فترة طفولته الجميلة التي عاشها في ستينيات القرن الماضي، والتي كانت تعكس واقع البيئة الاجتماعية في سوريا، بدأت تتغير منذ حقبة السبعينيات التي شهدت تبدلاً في معالم دمشق وعسكرةً للمجتمع وحتى للمدارس التي أُدخل إليها نظام التربية العسكرية.
بدأ حافظ بكتابة المسرحيات خلال الأنشطة المدرسية مذ كان طالباً في المرحلة الثانوية، وبعد تخرجه من كلية الهندسة الزراعية عام 1988 عمل في القطاع الحكومي لأشهرٍ قليلة، ولكنه لم يعجب بالجو العام في القطاع الحكومي، وفضّل أن يكون حراً ويتفرغ للكتابة.
شارك حافظ في بداية مشواره بكتابة حلقات للمسلسل السوري الشهير "مرايا" للفنان ياسر العظمة، والذي كان ينتقد الواقع الاجتماعي والسياسي ويطرح الإشكاليات في إطار كوميدي، يقول في ذلك "كان النظام يسمح بتمرير بعض من هذه الأعمال كنوع من التنفيس، أي الاحتجاج ولكن بطريقته وضمن الإطار الذي يقبل به".
وبعد تلك التجربة، كتب حافظ مسرحية "الملف" التي شاركت في فعالية "بيروت عاصمة الثقافة العربية" عام 1999، ثم انتقل بعد ذلك الى مجال الكتابة الدرامية وكتب مسلسلاً كوميدياً باسم "فرصة العمر".
يقول حافظ "كنا نكتب في بيئة أشبه بحقل ألغام، ما بين خوف دائم من الوقوع في الخطاً وضغوط من الجهات الأمنية من جهة، ورغبة في ممارسة الكتابة بحرية دون قيود من جهة أخرى، استطعتُ شخصياً معالجة تلك المسألة رغم الرقابة المشددة وخاصة على الإنتاج التلفزيوني، كونه يخاطب جميع العائلات في بيوتها".
يرى حافظ أن النظام الحاكم كان يعي قيمة الأعمال التلفزيونية كسلاح مهم يوجهه كما يشاء، حيث كان من غير المسموح التسويق لشعبية كاتب أو مخرج أو ممثل لا يدور في فلك السلطة، وحتى إن السياسة المتعبة كانت توجه بطمس الكاتب على المستوى الشعبي وإشهار الممثل النجم المصنّع القريب من السلطة، والذي يربطه في كثير من الأحيان علاقات مع رجال المخابرات والقصر الجمهوري.
يقول حافظ "يصعب عليّ القول إن سوريا لم تنتج كتّاباً حقيقيين منذ سبعينيات القرن الماضي، بل كانوا عبارة عن بعض الأشخاص الذين تنتجهم المراكز الثقافية التي يديرها النظام لإلقاء بعض المحاضرات حول حرية المرأة أو الإبداع في شعر فلان وعلان، وبطريقة ليس لها علاقة بتطور ثقافة وبيئة المجتمع".
ويتابع القول "لم يكن هناك وزارة ثقافة حقيقية تُعنى بمواهبنا، بل كانت وزارة إدّعاء للثقافة أشبه بحاوية تضم الكتّاب بهدف السيطرة على إبداعهم، وفي هذه البيئة الثقافية غير الصحية، برزت مواهب مشوهة ترتزق بعلاقتها مع الدولة لتأمين مصالحها، في ظل هيمنة الإعلام الموجه من قبل السلطة".
كتب حافظ خلال مسيرته العديد من الأعمال الدرامية التي لاقت نجاحاً واستحساناً من الجمهور، ابتداءً من مسلسل مرايا الى فرصة العمر وصدى الروح وأولاد القيمرية وغيرهم، ويقول إن مجتمع محافظة السويداء الذي ينتمي إليه كان له دور في إغناء مداركه وإبداعه في الكتابة، "السويداء غنية جداً من الناحية التراثية والشعبية والثقافية، وعاداتها قريبة من عادات العشائر العربية المحيطة بها والتي تمتد حتى الجزيرة السورية، حيث توجد المضافات العربية التي لا تغلق أبوابها ليلاً نهاراً، وكانت تشكل فنادقًا لاستقبال الضيوف والمسافرين، وكانت أشبه بمدارس نتعلم فيها القيم الحميدة والتقاليد، ونستمع فيها الى الشعر والقصص البطولية أحيانا، وجدير بالذكر إن المنطقة لم يعد فيها أي أميّ منذ أواخر القرن الماضي".
كتب حافظ مسلسل "أولاد القيمرية" وهو عمل يُصنف ضمن ما يسمى مسلسلات البيئة الشامية، حاول حافظ من خلاله تقديم البيئة الشامية التراثية بشكل مختلف عن القوالب النمطية السائدة في هذا الإطار، يقول في ذلك "اتجه جزء كبير من أعمال البيئة الشامية خلال فترة نهضة الدراما السورية (على مستوى الصورة وليس الفكرة) الى المسار الربحي والتجاري، فيما كان القسم الآخر يُسوّق لتحطيم الإرث الثقافي العريق لمدينة دمشق، وعلى مايبدو، كان ثمة سياسة مقصودة لتحطيم المجتمع السوري وتحطيم عاصمته وإرثها الثقافي والأخلاقي والإنساني على جميع الأصعدة والمستويات، ومن ضمنها مجال الدراما التلفزيونية".