دارا كوردو

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: الدنمارك
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يحدثنا السيد دارا كوردو، وهو كردي سوري مقيم بالدانمارك، عما يتعلق بهويته وما يؤثر عليها، يقول:

عوامل هويتي مشتركة مع هوية الإنسان السوري، أو أي إنسان كردي سوري. ليس الدين هو العامل الأقوى الذي يشكل الهوية ولا اللغة، فأحياناً كنت أشعر أن اللغة العربية هي لغتي الأم، لكن أيضاً ما كانت عامل مهم بتشكيل هويتي لأني كردي سوري، كنت أرى أن العربية والكردية مكملين لبعضهم، الهوية التي كنت أشعر بها أني إنسان انتقل من الريف مثل أي سوري، لم يكن لدي أي إشكال لا باللغة ولا بالدين، حتى بالتاريخ ففي تاريخ سوريا زعماء أكراد مثل إبراهيم هنانو وشكري القوتلي، فعندما أقرأ التاريخ السوري أشعر أني جزء من هذا التاريخ، ولم يكن هناك أي شيء يتعارض مع كوني كردي ضمن سوريا.

وينتقل السيد دارا للحديث عن العلاقة بين الصراع الحالي في سوريا وهويته كسوري فيقول:

الصراع أثر على الهوية الكردية بالذات، لا أقول انه أبرزها بل أقول إنه سمح لها أن تأخذ منحى خارجي. وقد طغى التطرف الديني على كل الهويات في سوريا، بحيث أمتنع عن القول إني مسلم سوري، فأنا مسلم معتدل أو مسلم كردي، فهناك تغيير بالمفهوم الديني وبالمفهوم الطائفي. ومن حيث اللغة والثقافة الشعبية صار عندي اضطراب على صعيد اللغة، أنا أعتذر من كل قرائي العرب فلن أكتب باللغة العربية، سأكتب بالدنماركي وبالكردي وأنا مرتاح، لما تكتب بلغتك وتترك العربية الناس يفكروا أنك انفصالي، أنا الآن إنسان جديد. لكن لأي درجة أقدم نفسي كسوري ما قبل الحرب؟ أو سوري ما بعد الحرب؟ لما أقول أنا كردي يعني أنا أحاول قطع جزء من سوريا، بالحقيقة الهوية كمشكلة سياسية بحاجة لحلقات ولدراسات حتى يتبلور مفهوم جديد يبين ما حصل بالهوية السورية، وبالنتيجة الخراب والصراع أثر كثيراً على هوية الكردي السوري.

وعن أثرت الهجرة على هويته السورية يقول السيد دارا:

بالتأكيد الهجرة أثرت على هويتي بكثير من النواحي، لما تغادر البلد ستتنازل يوماً ما ان شئت أم أبيت عن جزء من هويتك ومن ثقافتك، واللغة وأشياء كثيرة ستتنازل عنها مضطراً، وتدخل أشياء جديدة لهويتك. أنا لما قررت أن اندمج بالمجتمع الدانماركي وجدت مفتاح الاندماج هو اللغة، وإن تعلمت اللغة الدانماركية سيكون ذلك على حساب قراءتي بالكردية وبالعربية، أيضاً يجب أن أتقبل عاداتهم التي تناسب ثقافتي، لكن الدنماركي لا يحب أن يسمعني أتكلم العربية أو الكردية، فأنا أمام خيارين إما اندمج بشكل كلي أو أتعايش وأنغلق على نفسي لأحافظ على ما بقي من هويتي، الاندماج بالمجتمع الغربي يتطلب منك تقريباً أن تنصهر، لم أتمكن من اللغة مثل الدنماركيين ولم أتقبل كل عاداتهم، ولا هم قبلوني، فأصبحت بحالة انفصام شخصية على صعيد الهوية.

ثم يتطرق للحديث عن العادات والتقاليد وأثرها على هويته كسوري فيقول:

العادات الجديدة اللي أثرت على هويتي ما بعد اللجوء للدنمارك على صعيد فردي هي أشياء كثيرة ومختلفة كلياً عما كان بسوريا، مسألة المواعيد مثلاً، الدنماركي يحترم جداً قدومك بالثانية على الموعد، هنا الإنسان ملتزم ويحاسب على كل دقيقة، فهذه أشياء أثرت على شخصيتي وعلى هويتي. أما الأعياد فإذا كنت تعيش في بلد اسكندنافي بالذات واحتفلت بالأعياد الإسلامية أو أعياد قومية مباشرة يقولون لك بعنصرية: هذا الشيء موجود ببلدك وتمارسه ببلدك، وأنت اخترت بلدنا ويجب أن  تطبق عاداتنا وتقاليدنا. أشياء كثيرة كانت جزء من شخصيتنا لكن تنازلنا عنها للأسف، وأنا خائف بالمستقبل أن لا نتمكن من الكلام مع أولادنا بلغتنا الأم، أنا خائف أن تأثير هذه الأشياء يكون  بحيث لا نعود نعرف ذواتنا، ونشتاق لما كنا عليه بسوريا.

وأخيراً يصف هويته باختصار فيقول:

هويتي أستطيع وضعها على يدي وأقول هذه هي، أنا إنسان معتدل ومنفتح على الثقافات الأخرى متسامح أتقبل الرأي الآخر مهما كان، إنما بحيث أن لا أتنازل عن الجزء الباقي من ثقافتي التي أحملها متراكمة فوق ظهري منذ الصغر، أي لا تنازل أكثر عن ما تبقى من ثقافتي.