ولد عثمان علي الزرتي عام 1934 في منطقة في طرابلس تعرف باسم سوق الجمعة وتزوج بذهيبة ضياف ورزق منها بعشرة أولاد ثم توفي هناك عام 1984 بعد أن شنقه نظام القذافي لانتمائه إلى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا.
كانت عملية شنق الزرتي واحدة من ضمن ثمان عمليات جرت خلال شهر يونيو في مختلف المدن الليبية من طبرق في الشرق وحتى نالوت في الغرب.
تم تمرير قرار الشنق في 25 مايو ونُفّذ في 5 يونيو، أي في نفس اليوم الذي شنق فيه صديق شويهدي في الجانب الآخر من البلاد في بنغازي. لم يتمكن أحد من إخبار عائلة الزرتي بالأمر. كان أحمد، أحد أبناء الزرتي وضياف، عند عمته في ذلك اليوم وشاهد على التلفاز صوراً مباشرة لعملية شنق والده في الميدان العام حيث كانت تعلو صيحات الرجال الغاضبين. كان أحمد في الثانية عشر من عمره.
"لم أكن أعلم أي شيء عن الإعدام. كنا في شهر رمضان وامتلأ المنزل فجأة بالناس وكانوا جميعاً في حالة ذهول". كان الأقرباء والأصدقاء والجيران يزورون منزل الزرتي باستمرار منذ أن سلّم نفسه إلى السلطات في 11 مايو. وكان قد تم اعتقال صديق، زوج ابنة الزرتي الكبرى بدرية، قبل ذلك بيومين وقضى هذا الأخير سبعة عشر عاماً في السجن. كانت النساء تبكي فأزواجهن حضروا إعدام عثمان الزرتي.
تم إعلام الزرتي بأن اسمه كان مذكوراً في القائمة التي كان يحملها أحمد حواس، قائد الحركة المعارضة للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، والذي قتل خلال صراع تلى غارة الجبهة على مجمع باب العزيزية في الثامن من مايو.
في بادئ الأمر، فكّر الزرتي في الاختباء في منزل ابن عمه، لكنه عاد وقرر أن يسلّم نفسه في الحادي عشر من مايو. كان يلتقي بصهره صديق خلال الأيام الستة والعشرين التي قضاها في سجن أبو سليم حيث كان يستجوب قبل موته. وفيما كان في المعتقل، استجوبه خيري خالد وأخبره أنه قد تم هدم منزله.
وتتذكر ضياف الأحداث قائلة "بعد مرور سبعة أيام على اعتقال زوجي، تم هدم الجدران المحيطة بمنزلنا، وفي اليوم التالي تلقّينا مهلة ساعة كي نخلي المكان قبل هدمه". اعترضت الأسرة وأفراد اللجنة الثورية فيما كانت قوات القذافي تلقي بكل شيء خارج المنزل وتضرم النار فيه. "في اليوم التالي، هدمت الجرّافات منزلنا."
انتقلت ضياف وأبناؤها العشرة إلى منزل رمضان شقيق الزرتي حيث كانت تعيش زوجته وأبناؤه الستة وأولاد بدرية التي كان زوجها صديق مسجوناً أيضاً "عندما علمنا بإعدام عثمان، منعتنا السلطات من القيام بجنازة تقليدية. أردنا أن نقيم خيمة لكنهم منعونا من ذلك. وفي اليوم الثالث من العزاء، قدموا إلى منزل شقيق زوجي رمضان واعتقلوه."
تم اعتقال ابنها الأكبر أنور للاستجواب لكن تم إطلاق سراحه في اليوم نفسه، أما رمضان فقضى عاماً ونصف في السجن. لم يكن متورطاً في أعمال المعارضة التي اشترك فيها صديق وعثمان الزرتي. لم تكن ضياف تعلم شيئاً عن نشاط زوجها السياسي وكذلك الأمر بالنسبة لابنتها الكبرى بدرية. "أنا أميّة. لم أكن أعلم شيئاً عن السياسة. عندما هدموا المنزل، اعتقدتُ أن الأمر يتعلق بالفساد. أخبروني لاحقاً أن الأمر له علاقة بالسياسة. لم أكن أعلم شيئاً وفجأة فقدت منزلي وزوجي."
واصل الحرس الثوري اضطهاد الأسرة. "كانوا يمشون في حديقة منزلنا ويطلّون علينا من النوافذ. كنا نعيش حياة غير طبيعية. اضطر أبنائي إلى ترك المدرسة والعمل كي نعيش. لو أخذوا المنزل وتركوا لنا الوالد، ما كنا سنهتم. لكنهم أخذوا أبي والرزق ايضاً. شرّدونا ولم يتركوا لنا شيئاً."