تخبرنا السيدة رابعة القادري التي تعمل مع مبادرة كلنا لبعض للنساء في لبنان، حول نشاط يستهدف عدد من النساء في لبنان، تقول:
نحن مجموعة سيدات في لبنان اتبعنا دورات مع منظمة النساء الآن، دورات قيادة، وخرجنا بنتيجة من الدورات التي استمرت لسنة بمبادرة نظراً لظروفنا كسوريات في لبنان، أحسسنا بقيمة التعليم فكانت أول فكرة راودتنا هي القيام بدورة محو أمية، أيضاً أحببنا أن نمكّن السيدات اقتصادياً ولو بشيء بسيط، من خلال دورة أعمال يدوية، والتي لها هدف مزدوج، كي يتعلمن شيئاً مفيداً، ونحقق هدف المحافظة على البيئة، فمادة الأعمال الأخيرة هي أكياس النايلون، ومن الجميل جداً أن نحقق هدفين معاً. أيضاً أحسسنا نحن كلبنانيات أو سوريات أو جنسيات أخرى بحاجة لتفريغ، نتيجة الظروف وخاصة الآن مع الكورونا، فقبل ذلك كانت ظروف الناس، ولاسيما المرأة على وجه الخصوص، ظروفا صعبة، فما بالك أثناء الكورونا! قد زاد الضغط على النساء كثيراً، هدفنا العام كان تمكين المرأة معرفياً واقتصادياً ودعمها نفسياً من خلال دورات محو الأمية، ودورة الأعمال اليدوية، وجلسات الدعم النفسي والتوعية.
ثم شرحت السيدة رابعة دور منظمة النساء الآن التي قامت بالتدريب فقالت:
كان الدور الأساسي لمنظمة "النساء الآن"، حين أطلقوا إعلاناً عن دورات القيادة، التحقنا بهذه الدورات، فأعطونا ما نحتاج. واكتسبنا من دورات القيادة، مهارات ومعارف كثيرة، و أحببنا أن ننقل كل ما حصلنا عليه من النساء الآن لسيدات غيرنا، فكان لهن الدور الكبير باحتضان مجموعة كبيرة من السيدات وتدريبهن واكسابهن المهارات.
ثم تتحدث عن شروط اختيار النساء المتدربات في المبادرة، فتقول:
نحن عكسنا الجو الذي اتبعنا فيه الدورات، وهو جو النساء الآن، حيث لم يكن لديهن أي تمييز بالنسبة للجنسيات، ونحن عندما استهدفنا السيدات في منطقة المرج من البقاع الأوسط، لم يكن لدينا أي قيود على استهداف السيدات، فمن هن مَن كن بحاجة لتعليم عبر دورة محو الأمية، ومن هن بحاجة للتعلم أو لديهن رغبة لأن الرغبة دفعت كثيراً من النساء للالتحاق بدوراتنا، لم يكن هناك أية قيود، و استهدفنا السيدات من كافة الجنسيات لأن هدفنا الأساسي -إضافة لهدف تمكين المرأة بدون تحديد جنسيتها- أن نعزز السلم بين المجتمع السوري اللاجئ وبين المجتمع اللبناني المضيف، فلم يكن لدينا أي شروط.
وتنتقل السيدة رابعة للحديث عن الصعوبات التي واجهتهم، فقالت:
نحن الآن مبادرة متواضعة، بدعم وتمويل من النساء الآن وبالشراكة مع منظمات أخرى مثل البرلمان الألمانية، وطبعاً تلقينا تدريبات من منظمة خطوات. فتواضع المبادرة وتوقيتها، والصعوبة تتمثل في الهاجس ألا تكون فقط مبادرة مؤقته، وأرجو أن نحصل على دعم لنصبح كياناً قادراً على التغيير في المجتمع. فحتى الآن لم نواجه أية صعوبات جدية لأننا لا نزال في أول الطريق، كقانون وأنظمة، لكن اجتماعياً ربما بعض السيدات ظروفهن لا تسمح بالتسجيل في الدورات، ولكن ليس بنسبة كبيرة، لو كان هذا السؤال في عام 2012 عندما حضرنا إلى لبنان، ربما كنت سأقول بأنه لا يوجد إقبال على الدورات، لأن غالبية النساء أزواجهن لا يقبلوا حضورهن، وكذلك أهل الصبايا، لكن حالياً الناس تتغير ويوجد إقبال كبير من جنسيات متنوعة ومختلفة، فيوجد إقبال على الدورات وعلى المنظمات لأن الناس وعت، وأصبحوا يروا الوعي في سلوكيات من حولهم وبالتعامل، فكان هناك إقبال كبير. كنت أتوقع أن العادات والتقاليد تلعب دوراً، لكن ولله الحمد لم يحصل، لأننا نتغير وهناك أمور نتجاوزها.
وتتوقف لتشرح إن كان ما ذكرته ينطبق على كافة الفئات النسوية، فتقول:
كنت أتوقع الاختلاف بكل المجالات بمستوى الوعي والمستوى التعليمي لكني وجدت أن المرأة العربية تعيش الواقع نفسه بكل المجتمعات، لذلك وجدنا أن هذه الحاجة مشتركة، ولم أجد أي اختلاف بين النساء في المجتمعات الثلاث التي تم استهدافهم. أي أننا كلنا بحاجة هذه المعرفة، بحاجة هذه المهارات، ومن ترغب باكتساب هذه المهارات وهذه المعارف أقبلت على التسجيل، لذلك كان لدينا هذا التنوع، أي أن الحاجة نفسها بكل مجتمعاتنا.
ثم تنتقل السيدة رابعة للحديث عن أثر لوجود منظمات قيادية من توجهات مختلفة لدى المتدربات، فتقول:
أبداً كانوا يشعرن بقيمة المعلومة، بقيمة المواد التي تعرض لهن مهما كان مصدرها، مهما كان التوجه مهما كانت الأفكار مهما كان المعتقد، فإنه يحدث تغيير.
وتحدثنا السيدة رابعة عن إيجابيات وسلبيات تنفيذ مشروع توعوي ذو صبغة نسوية تعددية، قائلة:
أعتبر أن وجود التنوع، إيجابية كبيرة، ولمحنا آثارها على الأرض، فالآن هناك علاقات اجتماعية، بين النساء من جنسيات مختلفة: لبنانية وسورية وفلسطينية. وأصبح لهن نشاطات خارج نطاق المركز، فكن يخرجن معاً ويقمن بزيارات، فهذا عامل تعزيز سلم، وأشعر بأن ذلك أهم نقطة ايجابية يمكن أن نسلط الضوء عليها، لأن هكذا مبادرات أو هكذا نشاطات تستقبل بالفعل هذا التنوع ويكون لها أثر كبير ببناء علاقات طيبة وتعزيز مفهوم السلم الاجتماعي.
وتضيف:
لا أحد يتخيل كم هي سعادة النساء اللواتي بعمرهن لم يمسكن قلماً، أصبحن الآن يعرفن كتابة أسمائهن، وعندما -مثلاً- يحاولن تكوين كلمة من حروف، كنت أشعر أنه شخص كان في الظلام وفجأة أشرقت عليه الشمس. أقصد السعادة مع المعرفة، أشعر أن ذلك شيء إيجابي لدرجة أني مقصرة تجاه فرحة النساء وهن يتعلمن شيء ما. ايضاً النساء اللواتي يتعلمن حرفة موادها بسيطة، بالنسبة للأعمال اليدوية، مادة كانت مهملة: أكياس بلاستيك متواجدة بكثرة، وهي تشوه المنظر، تشوه البيئة، فعندما تكون المادة بسيطة لهذه الدرجة، وتحتاج فقط أن تعرف كيف تحولها من شيء مهمل إلى شيء ذو قيمة، فهذا أعتبره جانباً إيجابياً جداً، والكل كذلك يعتبره، حتى المتدربين كانوا مبسوطين أن شيئاً بسيطاً يحولونه لشيء مهم، لو نظرت إليه لشاهدت الجمال الذي تحقق من لا شيء. إضافة للإيجابية فإن جلسات الدعم النفسي تكون متنفس للتفريغ، لا سيما للسوريات، كما أن اللبنانيات والفلسطينيات لسن أقل هموماً، لكن كوننا نحن السوريات لاجئات فهمومنا مضاعفة، وبحاجة لهذا المتنفس، فجلسات التفريغ يحضّرن لها بإقبال. دوامنا ثلاثة أيام فيقلن: ليت الدوام طوال الأسبوع. مساحة للمتنفس ومساحة آمنة، أصبحن يشعرن بأنهن قادمات إلى بيوتهن، كون الكادر لديه مهارات تواصل مع السيدات، فأصبحنا عائلة.
أخيراً تشرح السيدة رابعة مدى التأثير الفكري الذي تركته هذه المبادرة عليها شخصياً، فتقول:
من المؤكد أن مهارات ازدادت كثيراً، ومعرفتي بأمور كثيرة ربما كانت تمر مروراً عابراً، وكوني مدرِّسة سابقة، وأيضاً متدربة بدورات سابقاً، فدورات النساء الآن زادت المعارف التي لدي وصقلت المهارات التي لدي، ونحن نحاول نقل هذا الشيء لسيدات المبادرة، حتى يكتسبن معارف ومهارات، والإنسان عندما يحصل على هذا النوع من التدريبات يتقبل الآخر على اختلافه، ويشعر بأن الاختلاف ليس سبباً للخلاف بالعكس، فعندما تفكر بعقل فأنت لوحدك، لكن عندما يكون هناك اختلاف فيوجد تنوع وتصبح كأنك تفكر بأكثر من عقل. من المهم جداً تقبل الآخر وهذا نحن ما نقوم به والذي حاولنا تطبيقه بمبادرتنا.