رغد شعبان جوهر

احد مقابلات حزمة: المرأة والسّلام,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: سوريا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

تخبرنا رغد شعبان جوهر (29 سنة) من سوريا، والتي تعمل في إدارة المشاريع التنموية، عن رؤيتها للمجتمع السوري المتعدد والمتنوع قبل الحرب، قائلة:

هو مجتمع فيه أطياف كثيرة وطوائف واثنيات وحتى أيديولوجيات، ولكن في مرحلة ما من تاريخ سوريا المعاصر، فُرض على هذا المجتمع قالب معين حتى أنه أصبح ضمن قوقعة معينة، لقد فرض عليه لون معين، وتشعر كأن الناس يمشون في ذات التيار. إن الفكر الاشتراكي الذي جاء وصبغ البلد بصبغة واحدة، ترك أثراً كبيرا على المجتمع السوري وعلى المؤسسات المختلفة التي كانت ضمن سوريا وكانت تمشي في ذات الثقافة والرتم، سواء كانت مؤسسات إعلام، صحة، تعليم... إلخ، جعلتنا كسوريين نمشي بذات الإيقاع وبالتالي أصبح لدينا ثقافة ولد منها ما يجعلنا نخاف أن نبرز أنفسنا. شخصياً، درستُ في جامعة مدينة حمص، وقد كانت هذه الجامعة خصبة، تحتوي على شرائح واسعة من المجتمع السوري، وبدأت أدرك أنه لدينا الكثير من الخصائص، أنا مثلاً أخاف إذا كان لدي صديقة من طائفة أخرى ولنفترض أني تكلمت في شيء وقد تشعر أني غريبة، الأمر الذي قد يخلق بعداً بيننا.

وترى رغد أن تعريف السلام يتلخص بكونه "شعور داخلي" وتضيف:

في ذات الوقت هل هو عدم وجود نزاع مثلاً؟ أنا أرى أنه ليس شرطاً، أي إذا لم يكون هناك نزاع بالتالي السلام متوفر، لا أرى أنه شرطاً إطلاقاً، هناك الكثير من المجتمعات التي لا يوجد فيها نزاع، ولكن هل هي مجتمعات تعيش بسلام؟ بصراحة لا، إن الخوف من الرفض وعدم التقبل والإقصاء الموجود هو حالة من عدم السلام، فإلى أي درجة أستطيع أن أبدأ بشكل فرداني، شخصي، أن يكون لدي سلام داخلي و أستطيع التعبير عن نفسي فعلياً، من أنا؟ دون أن أخاف! إنه شعور داخلي بداية؛ ثم ينتقل إلى الوسط المحيط بعدم وجود إقصاء، دون الخوف من التنميط والقولبة والأفكار الجاهزة الاستباقية الموجودة أصلاً عندنا.

أمّا بالنسبة لرؤية رغد لبناء السلام لسوريا، فهي تعتقد أن "سوريا لم تعد سوريا واحدة، المجتمع السوري أصبح عدة مجتمعات سورية" وتؤكد:

كل مجتمع بمختلف الجغرافيات أصبح لديه خصائص تختلف عن المجتمع الآخر، بمعنى أن المجتمع السوري الذي يعيش داخل سوريا حسب معرفتي في مناطق شمال غرب، مختلفة تماماً عن مناطق شمال شرق ومختلفة عن المناطق المركزية ومختلفة عن المجتمعات السورية في الغربة، حتى في الغربة تختلف المجتمعات، وبالتالي إذا كنت أريد الحديث عن بناء السلام أرى أنها ستكون عملية مركبة ومعقدة، وأظن أن إعادة إحياء الثقة عند السوريين لشيء اسمه سوريا، هو جوهر العلمية. إضافة إلى فتح قنوات حوار بين السوريين من مختلف المجتمعات، أن يعودوا للتكلم مع بعضهم البعض، هناك احتياجات أساسية قائمة عند الكل، والكل بحاجة هذا الكلام، بحاجة بلد قانون ومؤسسات قوية والكل بحاجة دولة.

وترى رغد أن دور المرأة السورية في المجتمع قبل الحرب كان "دوراً نمطيّاً" وتضيف:

حسب البيئة التي كنت أعيش فيها، إذا كانت المرأة تعمل ثم تعود إلى منزلها، تبدأ عملها مع العائلة والأولاد والبيت...إلخ، الحياة الاجتماعية تفرض ثقلها على النساء السوريات. عندما أصبحت البلد فعلياً بصبغة واحدة، الحركة النسوية انشلت تلقائياً. ونتيجة النمو الطبيعي للتاريخ والتجارب التي مرت فيها المرأة، أصبحت تعاني كثيراً من أنواع مركبة من العنف، عنف الهوية، العنف القانوني، عنف المواطنة، عنف الصورة النمطية الجاهزة، عنف الدور الملزم للمرأة السورية، عنف العمل وبيئاته، العنف المجتمعي، هكذا كان تصوري وما زال، ونتيجة النزاع الذي حدث، أصبح العنف أوضح وأشرس.

وأخيراً بالنسبة لدور المرأة السورية اليوم، ترى رغد شعبان جوهر أن الوعي لأهمية هذا الدور بدأ يظهر، وتؤكد:

بدأنا نسمع أن النساء تتحدث وتظهر، وأن هناك منظمات مستعدة لسمع أولئك النساء. برأيي إن المجتمعات المتضررة والناجمة من النزاعات، يغيب فيها العقد الاجتماعي وتصبح العلاقات فيها هشة، لدرجة أن أي كلمة من الممكن أن تثير نزاعاً وعنفاً. والنساء قادرات أكثر على إعادة إحياء هذه العلاقات، وجعلها متينة.