تعرفنا رفيف فواز الساجر (42 سنة) من سوريا، دمشق، على نفسها قائلة:
أنا أستاذ محاضر في المعهد العالي للفنون المسرحية في أقسام الدراسات المسرحية والتمثيل والسينوغرافيا، أدرّس في مجال علم النفس وتاريخ المسرح، لدي مجال عمل آخر يرتبط بالعمل مع الأطفال، العلاج عبر الدراما، لكل الأطفال الذين لديهم صدمات بالتواصل، لديهم تأخر في المهارات الاجتماعية، تجربتي الحالية مع روضة خاصة في دمشق، وكذلك أنا استشارية دعم نفسي اجتماعي، لدي تجربة مع عدة منظمات في مجال الدعم النفسي الاجتماعي.
وتدل كل تلك الخبرة التي تتمتع بها رفيف على اطلاع بالمجتمع السوري قبل الحرب، وهنا تخبرنا عن رؤيتها بخصوص مظاهر التعايش السلمي آنذاك قائلة:
أرى أن التعايش السلمي هو قدرة الطوائف الدينية أولاً على أن تتعايش مع بعضها البعض، وأن تكون موجودة على منطقة جغرافية، وتسمح بحرية التداول وحرية التواصل، ويكون هناك حرية في المعتقد، فأستطيع أن أقول عن معتقدي وعن مرجعيتي، وأستطيع أن أمارس جزءاً من طقوسي دون أن يكون هناك هيمنة، بعيداً عن السياسية، أنا ما أقصده بالضبط هو الشكل الاجتماعي تماماً. بالنسبة لسوريا و كشكل اجتماعي، نحن لدينا مناطق فيها تعددية كبيرة، سواء بوجود كنائس ومساجد وكيف يمارسون المعتقدات وكيف يتواصلون مع بعضهم. كان لي تجربة قبل الحرب مع مركز اسمه إبراهيم الخليل هو مركز ترعاه الكنيسة، بينما المشروع الذي كنت أعمل فيه هو للأطفال العراقيين، كنت أتوقع أن أعمل مع أطفال عراقيين مسيحيين، بما أن هوية المركز مسيحية، ولكن حقيقة الأغلبية كانت هم إسلام، وكان مسموح لهم أن يمارسوا طقوسهم.
وتعتقد رفيف أن تعريف السلام من وجهة نظرها هو أن تعيش دون خوف، وتضيف:
العيش دون خوف مما تعتقد ومما يعتقد الآخر، أن تكون مؤمن تماماً أنه في هذه الرقعة التي تعيش عليها، أنت مواطن، لست محسوباً على أحد، أنت محسوب على انتمائك كمواطن، مفهوم التحرر من أي التزام طائفي، ديني، مرجعية، التزام عسكري..إلخ، أن تعيش في هذا المكان برغبتك وإرادتك، تستطيع أن تمارس ما تريده أمام احترام ما يمارس الآخر، أي لست أنت القوة وليس الآخر هو القوة، أنتما قوتين متوازيتين، لك الحق بالتعبير وكذلك الآخر له الحق بأن يعبر، والنتيجة هي توافق وجهات النظر.
وهكذا، تقارب رفيف رؤيتها في بناء السلام لسوريا، حيث تؤكد أن ذلك لا يمكن أن يقوم باستخدام السلاح، وتشير:
أنا ضد نظرة وجودية السلاح أو وجودية القوى. عملية بناء السلام في سوريا نحتاج فيها إلى مراجعة ذات، وإعادة صياغة لمفهوم السلام بالنسبة لكل واحد منا، أعتقد بعد 11 سنة أن وجهات النظر قد تغيرت وهذا ما نحتاجه لنعيد صياغة السلام، يجب الإقرار بأن كل الأطراف خاسرة أمام ما حدث، وبالتالي ننطلق من خسارتنا وليس من ادعائنا بأننا انتصرنا على أي وجهة. وبرأيي أن السلام لا ينتظر أن يسود أمان، وهو أمان عسكري أو يسود أمان ديني أو يسود أمان طائفي، يجب أن يسود الأمان الذي تحدثنا عنه في البداية وهو مفهوم التعايش السلمي.
وترى رفيف أن دور المرأة السورية قبل الحرب، هو دور ينبع من إدراكها لكيانها وحقوقها وأنها هي متكاملة، تقول:
يجب ألا تسعى المرأة لأن تحقق أو لأن تثبت، يجب أن تكون واثقة من نفسها، وفي حالة ثبات، حتى تستطيع أن تعكس دورها للآخر. في الظاهر نحن لدينا حركات نسائية كثيراً، ولدينا نساء مشاركات، موجودات على رأس عملهن، لديهن مكانة، لكن حقيقة إن وعي المجتمع والوعي السياسي والوعي الحقوقي للمرأة فيه إشكالية كبيرة يجعلها دائماً في صراع، كان هنالك إشكالية ومطاحنة دائماً معها لأنها امرأة، تستحق هذا المكان وتستطيع أن تقود، ودائماً يوجد هناك تهمة أن العاطفة تسبقنا، وبرأيي أن عاطفة المرأة هي التي حمت جزء من هذه البلد.
وأخيراً، ترى رفيف فواز الساجر، أن دور المرأة الأهم الآن هو أن تعمل على الوعي، وتشرح قائلة:
على المرأة أن توعي هذا المجتمع الخارج حديثاً من حرب، من تبعيات، إنه مجتمع خائف، مجتمع ضعيف، مجتمع يعيش في ذبذبة أن يكون أو لا يكون. دورنا كنساء، وكامرأة، أن نوعي المجتمع، ونقول للرجل شئت أم أبيت أنا معك، لا تجعلني خلفك أو أمامك، أنا معك، أختلف معك فيزيولوجياً ولكن أشبهك بالإمكانيات. دور المرأة فعلياً أن تنتبه إلى الأطفال الذين يكبرون الآن، لأن هذا الجيل هو مسؤولية مرعبة.