رمزية سرحان

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"تعرفتُ في الجامعة على نساءٍ أكبر مني، ما منحني حافزاً لمتابعة الدراسة"

ولدت رمزية سرحان في دمشق عام 1969 وأمضت فيها فترة الطفولة، ثم انتقلت للعيش في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب حتى أنهت مرحلة الدراسة الثانوية، وذلك بحكم تنقل والدها الذي كان يعمل في سلك الشرطة. تقول رمزية إنها عاشت مرحلة طفولة وذكريات جميلة مع أخواتها البنات التسع، وكانت تشارك في النشاطات الطلابية كالرياضة والفنون وغيرها دون أي معارضة من أهلها: "عائلتنا من العائلات التي تهتم بالعلم وتدريس الأولاد والبنات على حد سواء، ولذلك تلقيت وأخواتي كل التشجيع من والدي لمتابعة الدراسة، وحصلنا على شهادات جامعية أو ثانوية عامة في الحد الأدنى".

لم ترتبط عائلة رمزية بعلاقات اجتماعية متينة مع أهالي مدينة ادلب، ربما لانشغال والدتها بتربية أطفالها الكثر والاهتمام بدراستهم وما الى ذلك، تقول رمزية: إن أهالي مدينة إدلب لم يكونوا يهتمون بتعليم أبنائهم كأهالي الريف، وغالباً ما يتزوج شبانهم بعد تعلّم إحدى المهن وإنهاء فترة الخدمة العسكرية الإلزامية، على عكس أغلب أهالي الريف الذين يهتمون بموضوع التحصيل العلمي.

حصلت رمزية على الشهادة الثانوية العامة ولكن معدلها لم يكن مرتفعاً، مما حال دون دخولها الجامعة، فسجلت عام 1988 في جامعة لبنانية لدراسة القانون الدولي بتشجيع من خالها الذي سجل بدوره في فرع الترجمة، ولكنها لم تستطع إكمال الدراسة بسبب سفر خالها الى السعودية وصعوبة سفرها دون مرافق لتقديم الامتحانات.

حاولت رمزية أن تعيد امتحان الشهادة الثانوية، ولكن لسوء الحظ أُصيبت بحمى التيفوئيد ما منعها من متابعة الامتحانات، فحاولت فيما بعد القيام والمشاركة ببعض النشاطات ثم عملت بالتدريس بنظام الوكالة (أي التدريس بموجب طلب عمل يتم تجديده بداية كل عام دراسي) تقول في ذلك: "عملتُ في التدريس لمدة عام واحد، وكانت تلك من التجارب الغنية والجميلة في حياتي، عملت حينها في قرية جبلية بريف إدلب، ولفت نظري أنه رغم كون القرية غير بعيدة جغرافياً عن إدلب المدينة، كانت تعاني من تفشّي الجهل والفقر".

تزوجت رمزية عام 1992 زواجاً تقليديا من ابن خالتها، تقول: "بقيت فكرة متابعة الدراسة تراودني من وقت لآخر، ولكن بعد حملي بابنتي البكر أخذت فكرة ومشاعر الأمومة تسيطر علي، وصارت تربية ابنتي القادمة الى الحياة والاعتناء بها هي الإنجاز الكبير الذي يهمني تحقيقه". وتتابع القول: "ولدت ابنتي في تشرين الأول عام 1993، كان يوماً جميلاً ومثلجاً، وكنت حينها انتقلتُ منذ شهر فقط من دمشق الى قرية احسم في جبل الزاوية، بولادة ابنتي شعرت أني ولدت أيضاً من جديد".

بقيت رمزية في القرية نحو خمس سنوات أنجبت خلالها ابنتها الثانية وابنها، ثم عادت الى دمشق بسبب ظروف عمل زوجها، وفي ذلك الوقت، عاودتها فكرة متابعة الدراسة وأخبرت زوجها برغبتها، فشجعها على ذلك، فانتسبت إلى كلية الإعلام في جامعة دمشق- نظام التعليم المفتوح.

تغيرت حياة رمزية بعد دخول الجامعة وصارت أكثر تنظيماً للوقت ما بين دراستها وواجباتها اليومية والاعتناء بالأولاد والعائلة، ولكنها كانت سعيدة بهذا النمط الجديد في حياتها الذي أعطاها حيوية أكثر. تقول: "كنت أشعر ببعض الحرج كوني طالبة جامعية متزوجة وأم لثلاثة أطفال، ولكني تعرفتُ في الجامعة على نساء أكبر مني ما شجعني ومنحني حافزاً لمتابعة الدراسة، الى أن وصلتُ الى السنة الأخيرة، حينها أصابني شيء من الملل خاصة بعد إدراكي أن ما ندرسه في كتب الإعلام والصحافة غير قابل للتحقيق في بلدٍ ليس فيه حرية للتعبير، فصار هدفي هو التخرج وحسب، حتى إني دفعت رشوة لأحد الأساتذة  كي أنجح في مادة اللغة الانجليزية".

تخرجت رمزية عام 2005 وبدأت بعد فترة بالمشاركة ببعض أنشطة المجتمع المدني، وتلقت دورات تدريبية حول طرق التدريس الحديثة للمناهج الجديدة من قبل وزارة التربية والتعليم، ثم بدأت بتدريب مجموعات من الطلاب في منزلها وفق المناهج والطرق الحديثة، تقول: "كان ثمة خلل كبير في منظومة التدريس، ورغم أني كنت مدرّسة هاوية، نجحتُ في عملي أكثر من المعلمين المحترفين، قمت بتدريس مجموعة مؤلفة من 35 طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية، نال 20 طالباً منهم الدرجة التامة في مادة الرياضيات وتفوقوا على جميع طلاب المدرسة في بقية المواد أيضاً".