رودي سليمان

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: هولندا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

تحدثنا الكاتبة والشاعرة رودي سليمان، المقيمة في هولندا، عن نظرتها لهويتها السورية فتقول:

عندما أقدم نفسي أقول: أنا شاعرة وكاتبة، وأقول بعدها: أنا سورية، أو أنا كردية حسب تسلسل الأفضليات. الهوية باعتبار أن الإنسان يجب أن تكون هويته إنسانية بالدرجة الأولى، أما التعريف الديني فلا أتذكر أبداً بحياتي أني قلت: أنا هذا ديني. في الجغرافية طبعاً أنا سورية وهي هويتي، يعني سورية ولا يوم شعرت إني خجلة من هذا الموضوع. 

فأنا شخص لا يقبل بالنظام الذي كنا نعيش فيه، أو بالدكتاتورية التي كنا نعيش فيها، وهذا دليل ان عندي ثورة داخلية نوعاً ما، منذ أن أحسست بوجودي، ويمكن القول من المراهقة، فهذه ثقافة أسرية لدينا.

الصراع الذي حدث عندما قامت الثورة، وكانت بأيدي نظيفة، بأيدي الثائرين الحقيقيين، الناس الذين قلبهم فعلاً على البلد، والذين أغلبهم للأسف إما تهجروا او استشهدوا، هؤلاء الناس هم الذين دفعوا الثمن، لأن المتسلقين فيما بعد الذين عاثوا فساداً جعلوا الحلم يصبح مستحيلاً أكثر أو يبتعد أكثر، وكلما كنا نفكر أنه اقترب كان يبعد أكثر، نتيجة وجود مخططات مختلفة، وأناس كثيرين كانت مصالحهم مختلفة، هؤلاء احتالوا على الثورة وعلى الصراع، وكان الوقود هو الشعب السوري للأسف. أنا ولا في أي يوم خجلت من نفسي كسورية، والذي لا يعرف ما هي سوريا فهذه مشكلته، سوريا قائمة تاريخياً واجتماعياً وثقافياً، بمبدعيها بالناس الذين فيها، بكل شيء موجود فيها. 

ثم تنتقل السيدة رودي للحديث عن العلاقة بين الصراع في سوريا خلال العقد الماضي وبين هويتها كسورية، فتقول:

سوريا هي ليست النظام، مي سكاف قالت: سوريا ليست سوريا الأسد، فالأسد وجماعته لا يمثلون سوريا، هي سوريا الموجودة بشعبها بناسها بمثقفيها، بالحدادين والنجارين والناس البسيطة الناس الطيبة، أنا لا أعمم ولا أقول أن كل السوريين ملائكة، أقول أنه كانت فيها فسيفساء جميلة نتيجة لتاريخها السرياني الآشوري، وسكانها العرب والأكراد والتركمان والأرمن هم خليط مدهش، هذه سوريا والطغاة الموجودين فيها لا يمثلون سوريا.

وأنا مثلي مثل كل السوريين لا أدعي أني تعذبت أكثر أو أقل، أو هاجرت. أنا كنت من سكان ومواليد حلب، هاجرت لقرى عفرين من حلب لما بدأت البراميل تسقط عليها، هاجرت منها تقريباً مرتين أو ثلاثة، إلى قريتنا بعفرين، سكنت عند أهل زوجي، الحياة كانت صعبة بالنسبة لناس جدد لا يعرفوا شي  عن هذه الأماكن، فهاجرنا لتركيا بعد عشر شهور، بقيت فيها سنة وأربع شهور، كانت عمل متواصل تقريباً 17 ساعة باليوم، عمل غير طبيعي غير إنساني، أصلاً أنت سوري فأنت ستتحمل أكثر من غيرك، لا ننكر انه يوجد ناس كانوا جيدين معنا كسوريين، لكن يوجد أناس كانوا جداً سيئين.

ثم تتحدث السيدة رودي عن تأثير الهجرات على شخصيتها، فتقول:

بشكل عام كان التأثير بأني نضجت، وأقول أني صرت انسان ناضج جداً، فلولا الحرب في سوريا كان عمري 37 سنة ولكن وما كان هكذا تفكيري، اعتقد التعب والتواصل مع الناس ومع الشعوب الأخرى، وما حصل بكل هذه الهجرات بمواقف وقصص وحكايات كثيرة. هذا هو أثر الصراع أو أثر الهجرات التي عانيت منها، استفدت منها بالنضج الزائد لكن مع عدم استقرار نفسي، بالأصل لو كنت مستقرة ما كنت انتقلت من السويد.

وعن الطقوس والتقاليد التي كانت تمارسها قبل الهجرة وتأثيرها على هويتها فتقول:

بصراحة أنا في البيت الآن بهولندا أعيش مثل ما كنت أعيش بسوريا، لم يتغير أي شيء، علماً إن ثيابي هنا هي نفسها كما كنت البسها بسوريا، وشكلي نفسه، أنا أصلاً كنت بسوريا شخص عنده دوام وعمل، يتعب ويتعامل مع ناس كثيرين، رجال ونساء ولم تكن لدي أي مشكلة بذلك، الآن صرت أكثر توحد وهي الصفة التي اكتسبتها، وصرت غير آبهة اجتماعياً وهذا ما تغير بي. 

وتختم السيدة رودي حديثها فتقول:

أنا انسانة كاتبة فقط لا غير، هذا ما يمثلني أكثر شيء، كل انتماء آخر هو سجن، فكلما كانت الانتماءات كثيرة كانت القيود أكثر، وأعتقد أن الإنسانية ليست قيد، وأن الكتابة هي حرية مطلقة.