تخبرنا ريدة* (39 سنة) من سوريا، والتي تعمل منسقة لبرامج الدعم النفسي الاجتماعي، عن رؤيتها للمجتمع السوري بالنسبة لموضوع التعايش السلمي قبل الحرب، قائلة:
كان المجتمع متعايشاً ضمن حدوده الدنيا، لم يكن مندمجاً، لم يكن محصناً تجاه الفتن، أتذكر عندما كنت صغيرة بعمر المدرسة، لم يكن لدي أصدقاء من طوائف أخرى، كل طائفة كانت تسكن في حارة، منفصلين عن بعضهم، ولكني لم أكن أنتبه لهذا الشيء. بالمقابل كان لدينا أصدقاء كثر من طوائف أخرى من أصدقاء والدي في العمل، كنا نزورهم في الصيف ويعزمون عندهم وكانوا ودودين للغاية وكانت العلاقات طيبة كثيراً، يزورونا في الأعياد وكذلك نحن نزورهم. وفي الجامعة، تفاجأت، كنت أرى أنه لا يوجد دمج في المجتمع ونادرا ما تجد أصدقاءً من انتماءات متعددة.
وتعرّف ريدة السلام حسب اعتقادها، قائلة:
السلام هو عكس النزاع، وهو حالة تسمح لأفراد المجتمع بالانشغال، بالبناء والتطوير، دون أن يكون هناك نزاعات بين أفراده تعيق هذا الدور في البناء والتطوير.
أمّا رؤية ريدة لبناء السلام لسورية تنطلق من كون "المجتمع متعدد ويتمتع جميع أفراده بحقوقهم التي يكفلها الدستور ويضمن العدل" وحسب وصفها، وتضيف:
المجتمع السوري متعدد، ولكن ليس لديه ثقافة التعدد، نحن بحاجة رفع الوعي والتثقيف في مهارات تقبل الاختلاف والتعامل معه، والتواصل اللاعنيف، أيضاً أرى أننا بحاجة إلى دمج حقيقي لأفراد المجتمع بالجوار
وبالنسبة لدور المرأة السورية قبل الحرب، تقول ريدة:
أرى أن المرأة كانت موجودة في كل المجالات، وكانت تشارك في كل المهن، وكان دورها في الأسرة موجوداً سواء كانت أم، أخت، زوجة، عمّة، خالة، كان لها دور في العمل الخاص وفي القطاع العام، وبالعمل السياسي لن أقول إنها كانت بشكل متساوي مع الرجل، لكنها كانت موجودة.
وأخيراً، ترى ريدة أن دور المرأة السورية اليوم هو دور "مثله مثل بقية أفراد المجتمع" وتوضح:
ازدادت الأعباء عليها بسبب الفقر والفقد والهجرة، فاليوم المرأة يجب أن تكون أقوى من قبل، وأن تتسلح بالعلم والوعي والاعتماد على الذات. يجب أن تعد نفسها لتشارك الأعباء المادية مع الرجل سواء كان أخوها، أبوها، زوجها، ابنها، لم يعد هناك مجال للمرأة المدللة، المتفرغة للأسرة، أعتقد أن حل مشكلتنا هو الوعي وأرى أن دور المرأة أساسي في هذه النقطة، كونها هي أكثر شخص مسؤول عن موضوع التربية للذكور والإناث داخل الأسرة تحديداً. المرأة هي نصف المجتمع، ولكن هي التي تصنع النصف الآخر عملياً فالمرأة هي المجتمع كله، أيضاً كلنا نتفق أن المرأة كانت ولا زالت هي نبع الحنان والعواطف ضمن المجتمع المحيط فيها وليتم هذا النبع يفيض بالحب والمشاعر الإيجابية لمن حولها، يجب على المرأة بهذا الزمن الصعب أن تعتني بنفسها وترعاها، كي تستطيع هي أن تتواصل مع الآخرين بشكل جيد ولتمارس الأدوار المطلوبة منها بأحسن ما يكون.
(* تم ذكر الاسم الأول بناءً على طلب الضيفة)