تتذكر ريما أوشانا بعض المناسبات الاجتماعية التي كان الآشوريون يحتفلون بها في محافظة الحسكة، كعيد رأس السنة الآشورية المسمى "اكيتو" الذي يصادف أول يوم من شهر نيسان. تقول، "كنا نجتمع في المناطق الطبيعية كجبل عبد العزيز، نتناول الطعام والحلويات برفقة الأهل والأصدقاء، ونرقص الرقصات الفولكلورية الآشورية ونحضر الأعراس الجماعية. كثير من مكونات مجتمع الحسكة من أكراد وعرب مسلمين ومسيحيين كانوا يشاركوننا الاحتفال بهذا العيد".
ومن المناسبات الدينية التي يحرص الآشوريون على الاحتفال بها، عيد القديس "مار أوديشو"، تقول ريما، "في عيد مار أوديشو الذي يصادف الخامس من شهر آب، يأتي المؤمنون من كافة أنحاء سوريا ودول العالم الى كنيسة مار أوديشو في قرية تل طال، يبيتون ليلتهم داخل الكنيسة أو خارجها إذا لم يتسع المكان للجميع، ويتخلل ذلك طقوس الصلاة وإضاءة الشموع وتمنّي الأمنيات، وفي صباح
اليوم التالي يُقام القداس والتناول مع القس، ثم يُقدّم الزوّار القرابين خارج الكنيسة مثل قطع من الحلويات أو ما شابه، ويتناولون أكلة الدخوة الآشورية عند أحد الأصدقاء أو عند أي شخص يفتح بيته لاستقبال الضيوف في القرية".
تقول ريما إن محافظة الحسكة تضم نسيجاً سكانياً متنوعاً من عرب وأكراد وآشوريين وسريان وغيرهم، وإن أقرب الأعراق السورية الى الآشوريين هم السريان والكلدان وذلك من حيث تشابه الثقافة والعادات واللغة، وبالعموم كانت علاقة المجتمع الآشوري بغيره من المكونات علاقة طيبة ولم يكن ثمة تفرقة على أساس طائفي أو عرقي.
"كان عندي صديقة مسلمة أعتبرها أعز صديقة لي منذ 18 عاماً، والى يومنا هذا ورغم افتراقنا نحن على تواصل دائم".
توارث الآشوريون بعض العادات والتقاليد القديمة حتى وقتنا الحالي، كالعادات التي تخص الزواج. تتحدث ريما عن عادة "الخطيفة" عند الآشوريين، "يتم الزواج بطريقة الخطيفة في حال رفض الأهل للعريس. يذهب الشاب والفتاة دون علم الأهل ويقيمون بضيافة إحدى العائلات الى أن يتم التكليل (أي الزواج في الكنيسة)، ثم يرسلون الأخبار الى الأهل بأن الزواج تم، وعادة ما يسامح الأهل العروسان بعد فترة ويعيشون حياة طبيعية، ولكن في حال أصرت عائلة الشاب أو الفتاة على رفض الزواج، ربما تحدث بعض المشاكل خصوصاً إذا كان الشاب من دين مختلف، عندها ربما يصل الموضوع حد القتل".
أما الأعراس الآشورية فكانت تقام قديماً لمدة سبعة أيام بلياليها، ولكنها اقتصرت في الوقت الحالي على حفل واحد يقام في المطاعم وصالات الأفراح، ولكنها مازالت تحافظ على بعض الطقوس الخاصة مثل رقصة الدبكة الجماعية على أنغام الأغاني والموسيقى الآشورية وارتداء "الاشبين" وهم مجموعة من الشباب والفتيات المرافقين للعريس والعروس نفس الثياب والألوان، في حين يُردد أحد الحضور الأمثال والأقوال الآشورية، ويرتدي بعض الحضور خصوصاً كبار السن الزي الآشوري التقليدي.
يتمسك الآشوريون بلغتهم التي تناقلوها عبر الأجيال منذ ألاف السنين. تقول ريما، "ربما نحن عنصريون قليلاً فيما يخص اللغة بالذات، فهي أساس كل شيء، لم نضيّع لغتنا عبر آلاف السنين وسنحافظ عليها ونعلمها للأجيال القادمة".
تتحدث ريما عن ظاهرة الهجرة بسبب شح المياه الذي أثّر على الأوضاع المعيشية لأهالي القرى الآشورية، حيث أدى فقدان المصدر الأساسي لري المحاصيل إلى انحسار الأراضي الزراعية وتقلص الثروة الحيوانية مما أوقعهم بضائقة اقتصادية كبيرة. "بعد أن قلّت المياه نتيجة انقطاع نهر الخابور عن القرى الآشورية الواقعة على ضفافه، هاجر كثير من الشباب بحثاً عن فرص معيشية أفضل، في قريتنا (تل جمعة) هاجر عدد كبير من الشباب في السنوات العشر الأخيرة حتى لم يبقى فيها سوى نحو 20 عائلة أغلبهم من كبار السن".