زينة

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"كنت آخذ من هؤلاء الأطفال أكثر مما أعطيهم، وأستمد الطاقة الإيجابية من المحبة التي أراها في عيونهم البريئة".

ولدت زينة*  في محافظة السويداء جنوب سوريا، ودرست إدارة الأعمال وعلم النفس اختصاص إعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة والتوحد.

بدأت زينة  رحلة العمل كمتطوعة في دار للرعاية الاجتماعية تعنى بشؤون الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والعجزة وتنقلت خلال سنوات تطوعها الثلاث في جميع أقسام الدار.

تذكر زينة  أول حالة قامت بالإشراف عليها في الدار وهي الطفلة آية ذات الأعوام الأربعة.

كانت آية يتيمة الأم وتعاني من مشاكل نفسية وصعوبة بالنطق، أثرت تلك الحالة على زينة  التي بذلت كل الجهد لمساعدتها على العودة لوضعها الطبيعي، وفعلاً مع مرور الوقت تحسن وضع الطفلة كثيراً وشكل ذلك حافزاً لزينة  على مساعدة الأطفال الآخرين.

"كانت آية تتعرض للضرب عدة مرات في اليوم من قبل زوجة والدها التي كانت تجبرها على تناول الطعام في المكان المخصص لتربية الدجاج بعد أن تقوم بربط يديها، كانت تقلد حركات الدجاج وتأكل دون أن تستخدم يديها، تم اهمال هذه الطفلة من قبل بقية المشرفات في المركز لصعوبة التعامل مع حالتها وشكلها القبيح".

تقول زينة  إن معظم المشرفات كنّ يتعاملن مع نزلاء الدار على أساس مهني بحت دون الاهتمام بالجانب العاطفي والإنساني، في حين أن الأطفال كانوا بحاجة للحنان الذي حرموا منه خارج الدار.

حاولت زينة  بناء علاقات إنسانية طيبة مع الأطفال لكسب ثقتهم وتسهيل عملية مساعدتهم.

تقول، "كنت أقيم في الدار طوال الأسبوع، وفي يومي الخميس والجمعة كنت أصطحب عدد من الأطفال ليمضوا الإجازة في بيت أهلي، زارني خلال ستة أشهر حوالي 60 طفلاً وطفلة الى أن منعت من أخذهم خارج الدار بسبب قرارات صادرة عن إدارة المركز".

تتابع القول، "كنت آخذ من هؤلاء الأطفال أكثر مما أعطيهم، وأستمد الطاقة الايجابية من خلال المحبة التي أراها في عيونهم البريئة، لقد وجدت معنى لحياتي كوني مهمة في حياة شخص ما".

تذكر زينة  أن معاناة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كانت مضاعفة، فمن جهة هم مصابون بإعاقة ما ومن جهة أخرى هم أيتام.

تقول زينة ، "كان هناك طفلة تدعى مروى تعاني من التوحد، وفي تلك الأيام من عام 2006 لم يكن ثمة وعي لموضوع التوحد وكيفية التعامل معه، كانت حالة مروى خاصة وسلوكها غير مفهوم بالنسبة للمشرفات في المركز، وكانت تلك الحالة الأولى التي تعرفت من خلالها على هذا الاضطراب عن قرب".

تتحدث زينة  عن الانتهاكات والسلوكيات غير الإنسانية التي كانت تمارس ضد الأطفال والعجزة في الدار. "قامت احدى المشرفات بمعاقبة مجموعة من الأطفال بوضعهم في قبو المركز الذي يحوي فئران لمدة سبع ساعات، وقامت مشرفة أخرى بوضع مجموعة ثانية بالحمام لوقت طويل، كما كان هناك من يعاقب الأطفال من خلال الضرب".

كان قانون الدار يسمح للفتيات اللواتي لم يكن لديهن أي أهل أو أقارب بالبقاء فيه حتى الزواج، وكانت تلك الفتيات يتعرضن للتحرش من قبل مجلس إدارة الدار.

استطاعت زينة  في احدى المرات إيصال شكوى لزوجة رئيس الجمهورية التي زارت المركز واجتمعت ببعض الأطفال وسمعت مشاكلهم. ونتيجة لذلك أمرت مدير المركز بطرد إحدى المشرفات ذوات السمعة السيئة، ولكن بعد عدة أيام، طلب المدير من المشرفة تقديم طلب استقالة حتى تستطيع العمل في مكان آخر وكي لا يؤثر ذلك على مسيرتها المهنية.

بعد ثلاث سنوات من التطوع، توظفت زينة  في الدار كرئيسة للديوان، ومن خلال عملها الجديد بدأت تكتشف الفضائح المالية لأنها كانت مسؤولة عن توقيع أي ورقة تتعلق بالفواتير أو غيرها من الأمور المالية. بقيت زينة  أكثر من سنتين في منصبها، وبسبب كشفها للفساد المالي والصفقات المشبوهة التي كانت تتم على حساب التبرعات، تم فصلها أخيراً بشكل تعسفي ودون سبب واضح، وتم وضع قرار بمنعها دخول الدار مجدداً.

بعد فترة من فصلها عن العمل، سربت زينة  الى الأطفال أنها قادمة لمشاهدتهم وإلقاء التحية عليهم من بعيد، جاءت ووقفت خارج سور الدار وسلّمت على الأطفال لمدة عشر دقائق، وصل الخبر لإدارة الدار وتم عقاب الأطفال على فعلتهم تلك، وبعد سنتين من تلك الحادثة تم انتخاب مجلس ادارة جديدة للدار وسمح لزينة  بزيارة الأطفال متى تريد.

 

 

تم استخدام اسم مستعار للضيفة بناءً على طلبها.