سمر

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: قبرص
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

السيدة سمر سورية هاجرت متوجهة إلى الولايات المتحدة بقصد الدراسة، ولكنها صادفت أثناء دراستها الجامعية للتربية زوجها القبرصي، لتعود معه إلى موطنه تكمل حياتها وتستقر هناك، تقول: "وصلت إلى قبرص عندما كان عمري 24 سنه والآن أنا في الـ 55". عملت سمر في السفارة السورية في نيقوسيا، الأمر الذي جعلها على تماس مباشر مع السوريين وبناء علاقات اجتماعية واسعة، إذ تعتبر أن ذلك: "حافظ على هويتي السورية لأن تعاملي مع السوريين قلل من شعوري بالوحدة كوني جديدة في المجتمع القبرصي، ثم بالتدريج بدأت أتفاعل مع المجتمع المحلي وساعدني في ذلك كوني من القلائل الذين يتحدثون باليونانية، كما أعطاني العمل شعوراً عاماً بالاستقلالية".

بعد عملها في السفارة اتجهت سمر نحو تعليم اللغة الإنجليزية في معاهد تقوية خاصة لمراحل التعليم في مدارس قبرص، وكانت هذه التجربة بالنسبة لها جزءاً من الإطلاع على طريقة التربية والتعليم في المجتمع المحلي، فيما تؤكد أن الانخراط في المجتمع القبرصي: "كان من السهل كوني جئت للعيش مع أسرة قبرصية وكونهم نازحين من القسم الشمالي كان عليّ التعرف على تاريخ الجزيرة وقصة حياتهم".

ومن خلال عمل سمر في التعليم لحصص العلوم الطبيعة كانت على احتكاك مع بيوت الطلاب الذي يحضرون حصصها من مختلف الجنسيات، ولاحظت أنه ثمّة فوارق في تبني عادات وتقاليد المجتمع بالنسبة للعرب، تقول: "الأمهات العربيات كنّ يعيرن الأبناء إذا أرادوا التشبه بالسكان المحليين ويرفضن ذلك بالقول: هل تريدون أن تصبحوا قبارصة؟ هل تريدون أن تفعلوا الأشياء على طريقة القبارصة؟... إلخ  طبعاً لا أقول أن كل السكان المحليين كانت أيديهم مفتوحة لاحتضان اللاجئين". وتؤكد: "كانت لدى السكان المحليين هنا نظرية أن العرب مسلمون والمسلمون أتراك و معروف عمق الصراع بين القبارصة والأتراك، وهذه النظرة سببت حساسية كبيرة في التعامل مع اللاجئين العرب، حتى أنني شخصياً عانيت من تلك النظرة". وتستذكر أنها واجهت تساؤلاً من قبيل: "هل حوّل زوجك دينك إلى المسيحية؟ كنت أجيبهم أنني أصلاً مسيحية الأمر الذي يثير استغرابهم إذ لا يعتقدون أن هناك مسيحيون عرب".

وتعتبر سمر أن المجتمع القبرصي "مُحبّ للغرباء كونه ظل فترة طويلة منغلقاً ولم يستقبل موجات لجوء "إلا أن ذلك تغير في التسعينيات مع بعض موجات اللجوء وخاصة فلسطينيو العراق إذ أن "وجودهم أثر على نظرة السكان المحليين للاجئين بسبب أزمة تراكم شيكات المعونة". 

عملت سمر في الترجمة لدى منظمات عديدة وهيئات مختصة بشؤون اللجوء وغيرها، وكانت على دراية واسعة بحركة دخول الأجانب من جنسيات عربية وغير عربية بحكم عملها في الترجمة، وتشير هنا إلى نقطة فيما يخص الاندماج المطلوب لموجة اللجوء الأخير التي بدأت قبل بضع سنوات بالتوافد إلى قبرص، تقول: "اللاجئون يحبون البقاء ضمن برنامج المعونات، وذلك ليتمكنوا من العمل خارج نطاق مكاتب العمل (أسود)، ليضمنوا راتبين في كل شهر. بعد أن عملت في مركز كوفينو منذ 2016 وجدت أن الكثير من اللاجئين بعد الموافقة على طلب اللجوء يتقدمون بطلب لمركز الإعاشة على الرغم من حصولهم على إذن عمل، هناك ضعف في الوعي كون هذه الإعاشة مرتبطة بكون الشخص سواء كان لاجئاً أو مواطناً يبحث عن فرصة عمل وليس حقاً للاجئ كما يعتقد البعض أن يبحث عن فرصة عمل، الاتحاد الأوروبي ليس لديه رواتب، ثمة برامج للاندماج، برنامج لتعليم اللغة ... إلخ أعتقد أن الدولة القبرصية مقصّرة في تعليم اللغة للاجئين".

وتتوقف سمر عند نظرة المجتمع القبرصي لها كونها انفصلت عن زوجها ولم تعد جزءاً من أسرة قبرصية، ولكن بقي معها أولادها، وتظن أن كونها من ذات الديانة التي تعكس طبيعة البلد ساعد كثيراً في التعامل معها بوصفها قبرصية أكثر منها أجنبية حاصلة على جنسية قبرصية، تقول: "للعامل الديني هنا تأثير قوي ولكن العامل الأكثر قوة كما أعتقد شخصياً هو اللغة. عندما تتحدثين لغة السكان المحليين... عندما أصبحت أتحدث اليونانية بطلاقة ولكن كما تعلمين لا بد من بقاء لَكْنَة ما هنا كانت لكنتي انكليزية فكانوا يسألونني هل أنت قبرصية انكليزية؟ كنت أقول لهم: أنا سورية، فكانوا يقولون لي أنت قبرصية طالما أنك تتحدثين لغتنا ولم يكونوا يسألونني ما دينك وهل أنت متزوجة؟... إلخ العامل الحاسم في ذلك كان اللغة".

رغم مرور السنوات بقيت سمر محافظة على هويتها السورية وثقافتها التي تحملها من بيتها السوري، منذ البداية "هويتي لم تتأثر" تقول، وعلى سبيل المثال لا زالت تزور والدة زوجها السابق وتناديها "ماما حيث كانت تقول لي أنت قبرصية كنت أجيبها أنا سورية أحب قبرص". وتؤكد: عندما بدأت بالتطوع كمترجمة عادت لغتي العربية للتحسن بعد أن كانت قد بدأت تصبح ركيكة قليلاً ربما غيرني ذلك كإنسانة ولكنه لم يغير هويتي كسورية. أصبحت أكثر احتراماً للإنسان عموما سوري أو غير سوري. في سفن اللاجئين هناك السوريين وغير السوريين لذلك فعملنا يجب أن يكون مستقلاً عن أي رأي سياسي خاص.