ضياء يدعى: أبو سعيد، وهو فلسطيني من سوريا يبلغ من العمر 60 عاماً، وينحدر من عائلة راكمت ثروتها في التجارة، وعاش هو في دمشق خلال أول سبعة عشر عاماً من حياته، انتقل بعدها إلى بيروت حيث أكمل ثلاث سنوات من دبلوم العلوم السياسية في الجامعة العربية، لكنه لم يستطع البقاء في لبنان أو العودة إلى سوريا لأسباب أمنية. مُنح اللجوء في فرنسا ثم انتقل إلى باريس في سن 21 عاماً، وحضر صفوفا مكثّفة في مدرسة للّغات في شمال فرنسا لمدة 18 شهراً على حساب عائلته، ليصبح بعدها مواطنا فرنسياً خلال ستة أشهر من وصوله الى البلاد.
انتقل إلى مرسيليا بعد زيارة أصدقائه هناك، ثم فتح مطعماً لمدة عام لتعلم إدارة الأعمال حسب الطريقة الفرنسية، ثم ليفتح متجراً هناك في النهاية، حقّق أبو سعيد منذ ذلك الحين نجاحاً في التجارة والأعمال. عاش ضياء اندماج كامل في فرنسا من خلال دراسة اللغة والتجارة، وما يصفه بإنفتاحه الذاتي، فأثناء مقابلتنا له في متجره تحدّث بالعربية والفرنسية والإنجليزية مع العديد من الزبائن والموظفين، حتى أنه استعمل معهم اللغة الروسية المحكية التي تعلمها في بيروت من تاجر شيشاني.
أبو سعيد مسلم مؤمن، لكنه ليس محافظاً وقد اختلط دائماً بشكل حرّ مع الأديان والقوميات الأخرى بوازع من الحب والصداقة، كان لديه دائماً عدد متساوٍ من الأصدقاء الفرنسيين من أصول ثقافية مختلفة والأصدقاء العرب. عاش مع امرأة فرنسية لمدة خمس سنوات ثم تزوّج، ولديه ثلاثة أطفال من امرأة مغربية- فرنسية، في السنوات الأخيرة قام بتطليقها ليتزوج من لبنانية مسيحية. هو يزور عائلته في سوريا لكن لم يعد يفعل ذلك منذ أن بدأت الحرب، فباتت والدته تزوره في فرنسا. لديه شقيقين يعيشان في الولايات المتحدة الأمريكية.
منذ وجوده في مرسيليا يقطن أبو سعيد في منطقة "إيكس إن بروفنس" وهو يتنقل يوميا للعمل في وسط مدينة مرسيليا. وبالرغم من أنه لا يشارك في أنشطة المجتمع المدني لكنه يحضر بشغف الحفلات والمهرجانات الموسيقية العربية والغربية في إيكس ومرسيليا وكان وباريس. في إيكس يكمل في تقليد لعائلته منذ أن كانت في سوريا في دعوة الأصدقاء خلال عطلة نهاية الأسبوع وزيارة الناس. يتذكر التجمعات الهائلة في مزرعتهم الواقعة خارج دمشق حيث أخبرت والدته والده يوماً بتذمرها من العمل المطلوب لللزوار.
لقد تبنى من حياته في فرنسا ضرورة الاعتناء بالقضايا المالية على الفور وعدم تأجيلها، يقول عن الدولة الفرنسية إنها تطبق تبادلاً عادلاً للحقوق: سوف يحترمون حقوقك ويجب عليك بالمقابل احترام التزاماتك مثل دفع الضرائب، إلخ..
إنه ممتن لسوريا لموقفها تجاههم بعد فرار عائلته من فلسطين، وكيف أنّ الدولة سمحت لهم في ذلك الوقت بالعيش والعمل بحرية. كما أنّه الآن ممتن لفرنسا لفتح أبوابها ويأمل أن يساهم بطريقة متواضعة في تقدم الأعمال التجارية في فرنسا.