لم تتعلّم السورية عائشة (25 عاماً) اللّغة اليونانية بعد وصولها إلى كامب "كوفينو" في ريف محافظة لارنكا في قبرص، لأنّها تعلّمت الإنكليزية تقول: "هي لغة عالمية، وأنا أرغب بالخروج من قبرص حين تسنح الفرصة بذلك، وخارج قبرص لا يوجد لغة يونانية".
وصلت عائشة عبر البحر من سواحل تركيا إلى قبرص اليونانية قبل نحو عامين، لأن المعيشة في تركيا كانت غالية ولا تمتلك عائلتها أوراقاً للإقامة ولم يعد هناك ترحيب باللاجئين السوريين فيها، تقول: "اخترت قبرص لأنّها أقرب منطقة أستطيع الذهاب إليها من سورية، جئتُ عن طريق البحر، عن طريق التّهريب بقارب صغير، وكان وضعها "مقبولاً" حسب وصفها. كانت تعمل في سورية بمدينة إدلب خيّاطة، وفي قبرص: "خسرتُ مهنتي، لا يوجد فرصة لهذا العمل لأنّهم لا يفضّلون الخياطة بل يشترون ثياباً جاهزة" على حد تعبيرها.
رغبت عائشة بفرص عمل لها ولزوجها لكن بعض الأشخاص في قبرص كانوا يرفضون "تشغيل اللاجئين"، تقول، حتى أن زوجها تواصل مع مدير الكامب لكن كان سبب رفض تشغيلنا من قبل أصحاب الأعمال، غير واضح!
كان زوج عائشة يعمل معلماً للغة الإنكليزية في سورية، لكنّه اليوم يعمل في منظمة للعناية بالأراضي الزراعية، بينما هي بقيت تحاول التواصل مع محيطها، تقول: "أشعر أنّي أمتلك شخصية قوية نوعاً ما، أتجرأ وأتكلم مع الناس، فتعلمت القليل من اللغة الانجليزية، وتعرّفت إلى بعض الناس من قبرص، منهم جيدون وآخرون لا، لمستُ أن قلّة منهم يرحّبون باللاجئين ويُقدرون وضعهم".
سنحت الفرصة لعائشة أن تجد عملاً بسيطاً في منظمة "كوفينو وي كير" لرعاية الأطفال، وهناك تعرّفت على امرأة تدعى ستانا التي ساعدتها على تعلّم اللغة والتواصل مع المجتمع بشكل أفضل، تقول: "عملتُ معها في قسم "بيبي روم". قلتُ للسيدة ستانا لا أريد شيئاً سوى تقوية لغتي الإنجليزية، وفعلاً لازمتها وصرت أساعدها في العمل وهي تعلمني الإنجليزية، وربطتنا صداقة قوية، إلى جانب ذلك بدأت أتعرف إلى القادمين إلى القسم بهدف التبرع".
لدى عائشة طفلين (8 سنوات- 7 سنوات)، وواجهت العائلة صعوبات عند الوصول إلى الكامب، ولكن فيما بعد ذهب الأولاد إلى المدرسة مع أولاد القبارصة وغيرهم، وتعلموا اللغة اليونانية، وكذلك زوجها تعلم بعض اللغة المحكية في حصص التعليم ضمن الكامب.
كان أولاد عائشة يبكون كثيراً، وتضيف: يقولون أنّهم لا يفهمون ما يقال لهم، فالمترجمة تأتي لمدة ساعة واحدة في الصباح، ولم تكن تترجم للأولاد أي شيء، هي تترجم لأولياء الأمور فقط، حتّى إذا أردنا أن نقول لهم شيئاً ما تترجمه لنا. دخل الأولاد في مرحلة صعبة جدًا بداية، ثمّ في المدرسة، اختلاف اللغة أثر كثيراً، ولاحقاً استطاعوا الاندماج. ورغم ذلك تشير إلى أنهم "أحياناً يعودون إلى البيت سعداء وأحياناً مقهورين لأن أحد الطلاب ضربهم".
ترغب عائشة بالعمل بمفردها، وإذا فكرت في المستقل أن تعود للخياطة تفكر في عمل مشروع صغير، وتقول: "لن أبدأ مع القبارصة، سأبدأ لوحدي"، وتؤكد أن لديهم رغبة في "الخروج من المخيم، ولكن زوجي متردد في التسجيل في مكتب العمل، لأنهم يرسلونه إلى أعمال غير مناسبة له".
تعتقد عائشة أن ثمّة دعوات مستمرة لاعتناق ديانات مختلفة في قبرص، وترى أنه لا يؤثر عليها كمسلمة، تقول: "في الكامب لا يسمحون بدخول منظمات تقنع الناس بتغيير دينهم، ولكن في بعض الأحيان يقفون على باب المخيم ويوزعون كتباً عن دينهم"، وتشير إلى أنها تعرف دينها: "أعرف نفسي، أخذتُ منهم كتباً وقرأتها وكان الأمر عادياً، شعرتُ أنهم يريدوننا ويشجعوننا أن نغير ديننا، ولكن ذلك لا يؤثر عليّ"، ورغم ذلك كانت تتلقى مساعدات ومعونات للمحتاجين من الكنيسة من طعام وأدوات مطبخ وأغطية نوم وثياب.
تسعى عائشة بشكل جدّي للاندماج بالمجتمع القبرصي رغم أنّها تجد حجابها عائقاً، حسب ما تعتقد، ولكنها سوف تتبع دورة خياطة مقبلة، تقول: "سيأخذوننا إلى نيقوسيا لنتعلم الخياطة، أود الذهاب لأن المعلمة ستكون من قبرص، حتى أعرف كيف يفكرون وما يرغبونه من موديلات، أي حتى أكتسب خبرة مغايرة لما كنت أعرفه في بلدي وبحسب تقاليد بلدي".