اسمي عبد الوهاب طرعيل، شاب سوري من مدينة حلب، عمري 27 سنة، أحمل إجازتين جامعيتين، فقد درست اقتصاد تخصص إدارة ومحاسبة، وأحمل أيضاً إجازة في الشريعة الإسلامية. كان لدي طموح دائما أن أتابع دراستي، وهذا الشيء الذي دفعني في سوريا لأتبع الكثير من التدريبات والدورات لأطور نفسي وأصقل شخصيتي، كما كنت أقوم بأي شيء يساهم في بناء طموحي في المستقبل لأتابع دراستي في أي بلد متطور تكون شهادتي فيه مقبولة، وأستطيع تحصيل شهادة علمية عالية.
هذا الشيء دفعني في سوريا لأكون في أماكن عمل جيدة، فعملت في مؤسسة تعليمية مهمة للغاية هي "مؤسسة الحضارة الدولية" من العام 2013 إلى العام 2015، وبعد ذلك انتقلت للعمل في إحدى الأقنية الفضائية مسؤولاً عن قسم التسويق والعلاقات العامة، وهذا الشيء أيضاً منحني إضافة إلى تقوية شخصيتي خبرة جيدة بالتواصل والعمل على أرض الواقع. وأثناء ذلك كنت أعمل كمتطوع في عدد من المؤسسات المجتمعية، والتي عادة ما تكون جمعيات خيرية ومؤسسات تعنى بواقع المجتمع.
كان خياري المميز هو أن أتابع دراستي في قبرص، فسافرت إليها في بداية عام 2017، فالتقيت بمجتمع جديد عليّ فهو بالنسبة لنا مجتمع أوروبي، ونحن كمجتمع شرقي مختلفين عن المجتمع الأوربي. وهذا الشيء كوّن تحدٍ جديد في حياتي، طبعاً كل الخبرات السابقة التي اكتسبتها شخصيتي أفادتني في ذلك خلال وجودي في قبرص، خاصة الفترة الأولى. سجلت في جامعة "Neapolis" ضمن برنامج إدارة الأعمال، وبعد وقت الجامعة كان عليّ أن أبحث عن عمل. وأستطيع القول أنّي احتجت لاحتكاك فعال مع المجتمع القبرصي للبحث عن فرصة تكون مناسبة لدراستي وتخصصي، فقد كانت رسالتي في الماجستير بتخصص عقارات، فكان كل طموحي وأملي أن أعثر على فرصة في هذا المجال، بحكم أن قبرص هي بلد سياحي، وفي الوقت ذاته هو بلد يعتمد على سوق العقارات بشكل جيد.
بنهاية عام 2018، كان عندي لقاء مهم جداً مع شخص يدعى "ديميترس ماراثيفتيس"، وعندما دخلت إلى مكتبه والتقيت به شعرت بأني التقيت مع الشخص المناسب، وعرضت للسيد "ديميترس" شهاداتي وخبراتي، وتحدثت عن نفسي، وبمجرد مرور خمس دقائق قاطعني وقال لي: تم قبولك، ونحن قد وظفناك في الشركة. طبعاً أنا في هذه اللحظة انتابني شعور رائع هو أنه تم قبولي في مكان كبير جداً وضخم جداً، فهو يعد في مدينة "بافوس" أكبر وكيل عقاري، وفي الوقت نفسه هو عمل في مجال تخصصي المباشر.
قال الرجل: أنا لدي خبرة في مجال العقارات، وأستطيع أن أعرف الشخص الذي أمامي من خلال كلمات بسيطة إن كان سينجح إذا عمل بالمكان الذي أضعه فيه.
أنا كنت سعيد جداً في هذه اللحظة لأن هذا الشخص آمن بقدراتي حتى قبل أن يطلع على عملي، فقلت للسيد "ديميتريس": إذا أحببت يمكنني أن أعرض عليك شهاداتي، لقد اتبعت أكثر من حوالي 35 دورة في تخصصات مختلفة تصب في مجال المبيعات ومجال تطوير الذات، وإدارة الموارد واللغة الإنكليزية.
قال لي: لا داعي لذلك، لقد وظفتك عندي، لا أريد أن أرى شيئاً، إنني على ثقة مما تقوله، كما أثق بقدراتك، وأنا مؤمن بالشيء الذي تقدر أن تقوم به والشيء الذي تريد أن تفعله.
النقطة التي أريد أن أذكرها هي قول السيد ديميتريس: "عبد الوهاب، أنا أريد أن أقدم لك عرضاً براتب هو ذاته راتب أي موظف آخر عندي، فأنا رجل لا يهمني إن كنت سوريّاً أو لاجئاً أو من أي جنسية، أنا مؤمن بالشخص الذي أمامي كإنسان".
أنا أعمل في هذه الشركة منذ عام ونصف، وهذا الشخص خلال هذه المدّة لم يوجه لي أي ملاحظة، وأثناء العمل دائماً يقرن أي عمل يطلبه مني بكلمة: من فضلك، ربما تكون هذه التفاصيل صغيرة جداً لكنها لمسات لطيفة تدفع الإنسان كي يكون دوماً يسعى لتقديم الشيء الأفضل والشيء الأحسن.
طبعاً بلدي الأم هو سوريا، لكن يبقى هناك محبة كبيرة جداً للبلد الذي أعطاني وساهم في تكوين شخصيتي وزوّدني بالعلم، فقد حصلت بقبرص على شهادة الماجستير، وتزوجت فيه، وكنت سعيداً يوم زفافي لأن معظم المدعوين هم أصدقائي القبارصة الذين كوّنت معهم علاقات طيبة خلال تواجدي في قبرص.
أنا أشعر دائماً أن المجتمع القبرصي الذي يحتضني ويرعاني لأنني بالأساس مهتم به، ومهتم أن أكوّن علاقة لطيفة مع هذا المجتمع.
أنا عبد الوهاب طرعيل من قبرص، عمري 27 سنة وهذه قصتي.