عدنان المحمد

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

اعتاد عدنان المحمد (40 عاماً) السفر والترحال بحكم عمله الذي كان "باحثاً في مجال الآثار السورية". ويعيش حالياً في تركيا، حيث كان قد تنقل بين فرنسا وسورية وبريطانيا، لكنه غادره بلده سورية عام 2014 ليعيش في تركيا برفقة زوجته وأولاده الثلاثة جراء تداعيات الحرب.  

كان عدنان أستاذاً محاضراً في جامعة حلب في قسم الآثار، وكان يعمل مع مديرية الآثار والمتاحف في سورية خلال فترة إقامته هناك، وكان يقيم في مسقط رأسه "منبج" التي استولى عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، ما دفعه للمغادرة لتصبح تركيا قبلته. عمل في تركيا بداية في الزراعة لأنه لم يمتلك اللغة التركيّة وكان عامل اللغة حاسماً في هذا الموضوع، يقول: "فاضطررت أن أشتغل في الأرض، في أعمال زراعية: قطف زيتون، قطف بصل، قطف برتقال، أمور زراعية، ساعات عمل طويلة حوالي 12 ساعة الى 14 ساعة، وكانت الأجرة قليلة جدا".

رغم ذلك فإن العمل في الزراعة أكسب عدنان اطلاعاً جيد في تعلم اللغة التركية وبداية الاندماج، يقول: "العمل ساهم بطريقة رائعة جداً بإندماجي مع المجتمع، ولأنني، ربما، احتككت بأناس بسطاء، طبيعة العمل الزراعي مع أناس ريفيين وبالتالي ليس لديهم تلك العناصر المشوشة في المدينة، وذلك ساعدني كثيراً في الاندماج بتركيا".
وبعد عام تقريباً من إقامته في تركيا، بدأ عدنان تعلم اللغة التركية الفصحى لتطوير قدراته، فاتبع دورة تقدمها الحكومة للاجئين السوريين، يقول: "درست حوالي ثلاثة أشهر ثم تركت الدورة لأنني كنت أعمل ولم يبقَ لدي وقت لأن أكمل الدراسة، ولما حان موعد الفحص اتصلوا بي كي أقدمه وقدمته ونجحت وهذا الأمر ساعدني أيضاً، مفرداتي أصبحت أقوى من أجل النقاش والحوار والتواصل مع الآخرين".

إلى جانب اللغة التركية، طوّر عدنان مقدرته باللغة الإنكليزية أثناء تواجده في تركيا من أجل الوصول إلى فرص أفضل للعمل والاندماج، حيث يؤكد أنه شكّل عام 2015 فريقاً داخل سورية لتوثيق الأضرار التي أصابت المواقع الأثرية وكان باللغة الإنكليزية، ودعمته منظمة "Day after" وقدمت له فرصة عمل، يقول: "كي أستعيد حياتي كأكاديمي وابدأ بعملي كاختصاصي".

وفي العام 2018 ذهب إلى إسطنبول وصادف منظمة اسمها Cara التي تساعد الأكاديميين السوريين، ونجح في الحصول على منحة منها في بريطانيا، ويؤكد: "التحقت بالورشة الأولى، وببرنامج "سوريا بروغرام" الذي يقدم منح صغيرة لكتابة مقال أو للعودة إلى حياتك الأكاديميّة، وفي الوقت نفسه هنالك منح لشهرين زيارة في بريطانيا، زيارة بحثيّة، تلتقي مع أكاديميين بريطانيين". 

في الربع الأول من العام 2019 حصل عدنان على الجنسية التركية، وساهم ذلك في عكس مرونة حياته وتغيراتها وارتياحه لوجوده إلى جانب عائلته، يقول: "الأتراك، كمجتمع، لم يكن لديهم أي مشكلة مع السوريين، بالعكس، حتى أنهم كانوا يعطوننا عفش البيت كله، وأنا واحد ممن حصل على ذلك، فهذه ليست حالة خاصة، لقد قدموا كل ما يمكن أن يقدموه من شعب لشعب، ليس كحكومة للاجئ". بالمقابل يعقّب عدنان على بعض حالات السوريين الذين يمارسون أفعالاً غير منضبطة في المجتمع التركي من ظواهر السهر لساعات متأخرة على الشرفات، والتحدث بصوت عال في الطرقات مع الأهل في سورية، والتسكع في الحارات، ليلاً فهي عادات غير موجودة هنا، ويرى أن بعض اللاجئين: "فرضوا نوع من الفوضى على المجتمع التركي وأصبح لديه ردة فعل عكسية تجاهها". 

يعيش عدنان في مجتمع مدينة ذو طابع ديني إسلامي، تقريباً هو مجتمع هادئ حسب وصفه، فيما يؤكد أنه لم يشعر أن العامل الديني يلعب دوراً لدى الأتراك على الإطلاق في مسألة الاندماج: "بالعكس العامل الديني لا يهم بالتعامل مع الإنسان، أقصد من الممكن أن يكون من ناحية سياسية موضوع آخر، ولكن كأشخاص احتكيت بهم من خلال تجربتي لم يسألني أحد عن ديني أو عن ما إذا كنت أصلي أم لا، لم يسألني أحد سواء كبار أو نساء أو أكاديميين" على حد تعبيره. 

ويشير عدنان بشكل واضح إلى التماس الاجتماعي بمساعدة اللاجئين في تركيا ضمن المنطقة التي اختبرها، ويتذكر هنا كيف أن "بعض الأتراك من أهالي المنطقة قاموا بالتحدث معي عندما استأجرت منزلي هناك وقدموا لي المساعدة، اجتمعوا وطلبوا مني ألا أشتري شيئاً، وقاموا بتوفير الكثير من الأغراض المنزلية لي، وقاموا بتعريفي على جمعية خيرية تساعد في هذا النطاق، ولاحقاً أصبحت أن أساعد القادمين الجدد من السوريين عن طريق إرسالهم لهذه المنظمة" بحسب قوله. 

كما يعتبر عدنان أن آخر ثلاث سنوات مضت، أصبح فيها اللاجئ السوري محوراً لمشاكل عديدة في تركيا، يقول: "أصبح هناك صراع بين السلطة القائمة والمعارضة عن الوجود السوريين والمشاكل الاجتماعية وأحاديث عن نسبة السوريين المرتفعة والنشاط الاقتصادي السوري في البلد وقدرته على المنافسة، فبالتالي خلقت مشكلة قد تبدو آثارها على السطح اليوم ويتم معالجتها بطريقة خاطئة".