لم يعرف عمر الجباعي أباه خلال السنوات العشر الأولى في حياته إلا من وراء القضبان، فقد كان عمره 45 يوماً حين اعتُقل والده الفنان غسان الجباعي بتهم سياسية عام 1982. بقي عمر يزور والده في سجن تدمر ثم سجن صيدنايا برفقة أمه لمدة عشر سنوات، وبسبب صغر سنه لم يَع حينها معنى أنّ والده معتقل أو ما تحمله الزيارة من حزن، بل كان يعتبر زيارة السجن نزهة ممتعة يمر خلالها باستراحات مدينة تدمر، ويأخذ الهدايا والتحف المصنوعة يدوياً من أبيه الذي كان يستقبله بابتسامة عريضة ويظهر له كل الحب والشوق، مجسداً بذلك صورة الأب المثالي التي زرعتها أمه في ذهنه طوال فترة الاعتقال.
نشأ عمر في حي ركن الدين بمدينة دمشق، وكان يقضي فترات العطل في مدينة السويداء في منزل جده لوالدته. يقول: إنه كان يحظى بالدعم والقبول من محيطه وأهله وجيرانه لأنه ابن المعتقل البطل، ويتجلى تعاطف المجتمع معه في المدرسة حين كان يتطرق لموضوع اعتقال والده، يُضاف الى ذلك ما منحته والدته له من الحب والرعاية والتضحية معتمدة في تدبير أمور معيشتهم على راتبها القليل وبعض ما تقدمه العائلة من دعمٍ مادي.
أُطلق سراح غسان الجباعي عام 1992. كان الاستقبال حافلاً من قبل العائلة والجيران والمعارف، وفي ظل هذه الأجواء السعيدة، أحسّ عمر بمشاعر غريبة نظراً لدخول شخص جديد إلى حياته لم يكن على تواصل حقيقي معه فيما سبق، وبدأت المشاكل بالظهور بسبب عدم تأقلمه مع وجود الأب في حياته، فساءت العلاقة بينهما الى أن وصلت حد القطيعة في إحدى المراحل من حياته. يقول عمر: "لم أعرف معنى فراق الأب، بل عرفت مرارة وألم اللقاء بعد عشر سنوات من غيابه عنا".
عاد غسان بعد خروجه من المعتقل للعمل في الكتابة المسرحية وقدّم عدة مسرحيات ومسلسلات ومنها مسلسل "العوسج" الذي شارك فيه عمر كممثل حين كان في عمر الخامسة عشرة. ّدرسَ عمر التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، ولم يحاول الاستفادة من اسم والده المهم في الوسط الفني، بل بدأ يشق طريقه معتمداً على نفسه، وعمِلَ في قناة "الجزيرة أطفال" في قطر كمعد برامج، واستمرت فترة إقامته هناك نحو ثلاث سنوات، عاد بعدها الى دمشق وعمل في قناة تلفزيونية لفترة قصيرة ثم انتقل للعمل في جمعية غير حكومية تعمل على مشروع يدعى "بناء خارطة ثقافية لسوريا"، يصفه عمر بأنه كان مشروعاً مهماً يهدف إلى الحفاظ على الثقافة ونشرها في المحافظات السورية الخاملة أي أغلب المحافظات السورية ما عدا دمشق وحلب.
في شهر نيسان من عام 2010 التحقَ عمر بالخدمة العسكرية الإلزامية في الدورة (102) التي أصبحت أشهر دورة تجنيد بعد اندلاع الثورة السورية كما يقول، ذلك أنّ غلب عناصرها لم يتم تسريحهم حتى تاريخ تسجيل هذه المقابلة، مما اضطره الى الهرب من الجيش والتوجه الى لبنان. يقول في ذلك: "أعتبرُ نفسي هارباً لا منشقّاً عن الجيش، لأن ما يحدث اليوم لم يعد ثورة بل تحول الى نزاعٍ مسلّح وصراع على السلطة".