غادة حمود

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"تطورتْ طريقة الاحتفال بالمناسبات والأعياد عند بعض العائلات من باب التجديد، لكني أفضل تربية أولادي على نفس العادات التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا".

نشأت غادة الحاج حمود في بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق، في حي غالبية سكانه من المسيحيين الذين كانت تجمعهم بعائلتها المسلمة أواصر المحبة والعلاقات الطيبة.

 َتصِف غادة أول مناسبة اجتماعية حضرتها وهي في السابعة من عمرها، وهو حفل زفاف شقيقها الذي أقيم في منزل العائلة، تقول، "في ليلة الزفاف تتزين النساء تحضيراً لحفل النساء المنفصل عن حفل الرجال، يحلّ العريس ضيفاً في منزل أحد أقاربه الموجودين في الحي، ليتم اصطحابه محاطاً بأجواء من الغناء والرقص من قبل رجال العراضة الشامية الذين يلبسون الزي العربي التقليدي المكون من الشروال والطربوش والصدرية الشامية، يضرب بعضهم على الطبول ويحمل البعض الآخر السيف والترس والشموع والمصاحف، مرددين الأهازيج الشعبية الخاصة بالمناسبة إلى أن يصل العريس لمنزله الذي يقام فيه الحفل، حيث تكون العروس بانتظاره عند باب المنزل مغطية وجهها بوشاح يسمى الطرحة ليجلسا بعدها سوياً على الأسكي وهو المقعد المخصص للعروسين، في أجواء من الرقص والغناء والبهجة، تطل النساء في الحفل بأبهى حلة وتقوم العروس بتغيير عدة فساتين، يستمر الحال كذلك لحين انتهاء الحفل ليذهب العروسان إلى غرفتهما، وفي اليوم التالي الذي يسمى الصبحيّة، يجتمع أهل العروس والعريس مع بعض الجيران على مائدة الفطور في أجواء احتفالية".

تتحدث غادة عن العادات والأجواء الخاصة بشهر رمضان الكريم، حيث يبدأ التجهيز عند العائلات المسلمة في البلدة قبل حلول الشهر وبخاصة في الليلة التي تسبق دخوله، تقول، "كان الناس يتوجهون إلى السوق لشراء حاجيات المنزل من ألبان وأجبان وما يخص وجبة السحور وهي الوجبة التي يتناولها الصائم قبل دخول آذان الفجر تحضيراً لصيام اليوم التالي، وكانت الأجواء في الأسواق تتصف بالازدحام والسهر لحين موعد السحور وإقامة صلاة الفجر، تزيّن الشوارع والحارات بزينة رمضان والفوانيس المعلقة، ويطوف المسحراتي في الشوارع مردداً عبارات شعبية خاصة تنبه أهالي الحي بحلول موعد السحور".

أما التحضير لوجبة الإفطار مع دخول آذان المغرب بعد فترة الصيام اليومية، فكان التحضير لها يبدأ بعد صلاة العصر، أي بعد أن تمضي النساء نهارهن بالصيام والصلاة والعبادة وتلاوة القرآن، ومن الأكلات الشعبية التي تتواجد عادة على مائدة الافطار الرمضانية، طبق الفول وفتة الحمص التي تسمى "التسقية" بالإضافة الى الكبب بأنواعها والمنسف والكبسة وغيرها.

تقول غادة، "أجمل ما في شهر رمضان، هو اجتماع العائلة عند آذان المغرب على مائدة الإفطار مهما كانت مشاغلهم والتزاماتهم".

ومع اقتراب انتهاء شهر رمضان تبدأ التحضيرات لعيد الفطر، من تنظيف للمنزل وتجهيز لحلويات العيد والتسوق وغيرها، وبحكم قرب بلدة جديدة عرطوز من مدينة دمشق، كانت عائلة غادة تقصد سوق الحميدية الشهير لتسوق حاجيات العيد والألبسة، تقول غادة، "كانت أجواء سوق الحميدية تتميز بالازدحام الذي يزداد بشكل خاص في فترة الأعياد، حيث ينتشر الباعة المتجولون لعصير التمر الهندي والعرقسوس الشامي ما يشعرك ببهجة العيد".

في أول أيام عيد الفطر، توضع ضيافة العيد التي تتكون من الحلويات الجاهزة أو المحضرة منزلياً مع الفواكه والسكاكر والشوكولا والقهوة العربية على طاولة كبيرة، يتوجه الرجال في الصباح الباكر إلى المسجد لأداء الصلاة، ثم يذهبون لزيارة القبور ووضع أكاليل نبات الآس عليها، كما يوزعون أصناف من الحلويات على أرواح موتاهم، ويلي ذلك تبادل الزيارات والتهاني بين الأقرباء والأصدقاء والجيران.

تقول غادة، "كان اليوم الأول من العيد مخصصاً لزيارة الأهل، بينما يتم في الأيام اللاحقة استقبال الزوار والمعايدين من الأقارب والجيران، وخاصة من المسيحيين الذين كانوا يشاركوننا الأعياد والمناسبات وكنا بدورنا نشاركهم في أعيادهم ومناسباتهم كعيد الميلاد وعيد الصليب ورأس السنة الميلادية".

لا يختلف عيد الأضحى عن عيد الفطر من حيث الأجواء والتجهيزات، تقول غادة، "أكثر ما يميز عيد الأضحى هو مراسم استقبال الحجيج، كان الحاج يستقبل الزوار المباركين له مرتدياً لباسه الأبيض، يوزع عليهم التمر والقهوة العربية والسبحات كهدايا من الأراضي المقدسة، لم تكن عائلة الحاج تشعر بحلول العيد إلا بعودته سالماً من رحلته".

كان مسلمو البلدة يحتفلون أيضاً بعيدي رأس السنة الهجرية وعيد المولد النبوي بأجواء من البهجة والتحضيرات الخاصة أيضاً، وكان أكثر ما يميز عيد المولد النبوي هو إقامة الاحتفالات الدينية في المساجد من خلال فرق المولوية وحلقات الذكر والصلاة على النبي محمد.

تقول غادة، "تطورت طريقة الاحتفال بالمناسبات والأعياد عند بعض العائلات من باب التجديد، لكني أفضل تربية أولادي على نفس العادات التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا، لن ننسى عاداتنا وتقاليدنا، فقد تربينا عليها وسنموت عليها".