بدأ فؤاد بدراسة الطب في جامعة حلب عام 1978، حين كان هناك بقايا للنشاط الطلابي الجامعي سواء من الناحية الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية كما يقول، ولكن ذلك النشاط كان في طور الانحسار آنذاك.
في أواخر السبعينات، بدأت الاضطرابات السياسية بالظهور تدريجياً من خلال الاغتيالات التي نفذتها جماعة الإخوان المسلمين لبعض الشخصيات كالأساتذة الجامعيين المحسوبين على النظام الحاكم.
يقول فؤاد، "بدأت الاضطرابات على شكل حالات فردية ثم ازداد الأمر تدريجياً وبدأت حملة الاعتقالات الجماعية في صفوف الطلبة الجامعيين، كانت تلك الاعتقالات مؤقتة تتم لبضع شهور ثم يتم إطلاق سراح الموقوفين، في العام 1979 شكلت حادثة كلية المدفعية في حلب (التي أقدم فيها ضابط على قتل مجموعة من الضباط والعناصر العلويين) نقطة تحول لتعاطي النظام مع الحراك السياسي في عموم سوريا، فتوقفت الامتحانات الجامعية وبدأت المظاهر المسلحة بالظهور داخل الحرم الجامعي مع تشديد الاجراءات الأمنية على الطلاب".
تأثر فؤاد بذلك المناخ السياسي المتوتر الذي تمثلت إحدى انعكاساته المباشرة على الحياة الجامعية بانعدام حرية الرأي والتعبير، عُرف فؤاد حينها بنشاطه في كتابة الشعر وشكّل مع مجموعة من رفاقه ما سمّوه "ملتقى جامعة حلب" الذي شكّل منصة للتعبير بشكل غير مباشر عن آراء وأفكار الطلبة، يقول فؤاد إن ذلك النشاط كان مقبولاً الى حد ما في تلك الفترة، ولكن مع تصاعد الأحداث السياسية بين عامي 1980 و 1982 بدأ التضييق على الأنشطة الطلابية يزداد شدة.
تخرج فؤاد من الجامعة عام 1984، وفي تلك الفترة أصدر الرئيس حافظ الأسد مرسوماً جمهورياً بإيفاد مجموعة كبيرة من الطلبة الجامعيين الى دول أوربا الشرقية وروسيا لمتابعة الدراسة ومن ثم العودة للعمل كأساتذة في جامعات سوريا.
يقول فؤاد، "كان الهدف الظاهري لتلك الإيفادات كما عبر عنها المرسوم ردم الهوة المعرفية مع العدو الاسرائيلي، لكن السبب الحقيقي هو الخوف من التحركات والأنشطة الجامعية، فكان لا بد من إعادة هيكلة الجامعة من خلال استبدال الطاقم التدريسي الذي ينتمي لجيل الستينات والسبعينات بطاقم جديد يكون ولائه وانتمائه خالصاً لحزب البعث العربي الاشتراكي والنظام الحاكم".
تقدم فؤاد بطلب للاستفادة من المنحة الدراسية لكن طلبه قوبل بالرفض بسبب كونه غير منتمي لحزب البعث ما اضطره لاستكمال اختصاصه في الطب بجامعة حلب.
يقول فؤاد، "في السنة الدراسية الأولى من الاختصاص بالجراحة، تم طلب مجموعة من الأساتذة للتعليم في المعهد الصحي، تقدمتُ بطلب تعيين كمدرس في المعهد وتمت الموافقة عليه، ومع نهاية العام الدراسي، تم رفض منحي مستحقاتي المالية مقابل عملي كمدرّس بذريعة عدم حصولي على موافقة أمنية قبل البدء بالعمل، وبذلك خسرت سنة كاملة من العمل دون أي مقابل".
أتمّ فؤاد سنوات الاختصاص بمستشفى الكندي في حلب، كانت تلك الفترة أواخر الثمانينات تتسم بعدم الاستقرار على المستوى السياسي مع تدنٍ ملحوظ في المستوى الاقتصادي يرافقه موجة من قلة أو افتقاد للسلع الاستهلاكية والغذائية.
يقول فؤاد، "شكلت مرحلة الثمانينات تجربة صعبة لجيل الشباب الذي فقد الكثير من آماله بلعب أي دور يؤدي الى تغيير بالأوضاع القائمة، فحتى زملائي الذين تخرجوا معي سافر نصفهم خارج البلاد ابتداءً من تلك الفترة، مثل كثيرين ممن توجهوا الى دول أوربا وأمريكا وغيرها في مظهر لاستنزاف العقول والخبرات السورية".
في فترة السبعينات والثمانينات وحتى منتصف التسعينات ازدهرت ظاهرة المقاهي الثقافية في مدينة حلب، مثل مقهى القصر والموعد وغيرها، وشكلت تلك المقاهي مساحة للنقاش بين روادها استطاعوا من خلالها التأقلم مع حال البلد المغلق.
يذكر فؤاد التبدلات التي طرأت على الجامعة في عقد التسعينات والعقد الذي تلاه، من خلال السياسة التي اتبعها حافظ الأسد بإفراغ الجامعة من وهجها وحيوتها عبر استبدال الكادر التدريسي بآخر موال للنظام قام بخنق أي فرصة للتعبير عن الرأي، علماً أن عقد التسعينات وما تلاه كان أكثر انفتاحاً بقليل من الثمانينات، غير أن تغيّر المناخ العام في الجامعة وعدم وجود حاضنة للأفكار أدى الى تراجع النشاط الطلابي عموماً.
يقول فؤاد، "أعتقد أن الجامعة تغيرت بشكل كلي اعتباراً من عقد الثمانينات، وبدأت تفقد دورها الحيوي الحقيقي عندما استولى عليها حزب البعث، إذ أصبحت الجامعة مفصولة تماماً عن المجتمع ولم تعد تنتج الأفكار الثقافية والسياسية مثل سابق عهدها، مع الإشارة الى تحسن بسيط أواخر العام 2000 مع عودة بعض الأساتذة الجامعيين المستقلين نسبياً والذين درسوا في دول أوربا، تابعتُ على المستوى الشخصي نشاطاتي من خلال منابر أخرى مثل اتحاد الكتاب العرب وغيرها من الجمعيات والمقاهي الثقافية، وبدأتُ في فترة التسعينات بالكتابة في منابر خارج سوريا مثل الصحف والدوريات العربية".
يقف فؤاد على أسباب ضعف المنظومة الجامعية بالقول، "مشكلة الجامعة الكبرى لم تكن بالتعليم إنما بالنظام الجامعي الذي لا يهتم بقضية التعليم الخلاق، بل يعتمد على أسلوب التلقين مع غياب فكرة البحث العلمي، يضاف الى ذلك ضرورة حصول الأساتذة الجامعيين على موافقات أمنية وحزبية كشرط لتعيينهم، وصعوبة الترقي بالمناصب الجامعية في أغلب الحالات دون الواسطة والولاء للنظام".