ولد مالك الصطوف في قرية الشيخ علوان بريف حلب الشرقي. يصفها بأنها قرية نائية بعيدة عن الطريق العام، يعمل سكانها بالزراعة البعلية وتربية المواشي، ولا يوجد فيها أي منشأة حكومية سوى المدرسة الابتدائية، كما تخلو من المحلات التجارية باستثناء دكّان بسيط لم يكن يلبي متطلبات الأهالي الذين كانوا يضطرون للذهاب إلى قرية مجاورة فيها محلات تجارية وبعض المرافق الحكومية".
ينتمي مالك الى عشيرة شيخان التي يستقر القسم الأكبر منها في مدينة عين العرب و تركيا. بقيت العشيرة تتواصل مع القسم الموجود في عين العرب في حين انقطع التواصل مع القسم الموجود في تركيا.
يقول مالك، "تعتمد مناطق ريف حلب والرقة ودير الزور والحسكة بنسبة تسعين في المئة على النظام العشائري، وتتميز العلاقات بين العشائر العربية والأقليات المتواجدة في تلك المناطق بالتعايش والمساواة، فعلى سبيل المثال، كان جدّي وأبي وأبناء عمومتي يجيدون اللغة الكردية، فرغم خلو قريتنا من الأكراد فهي تجاور قريتين كرديتين. كانت العلاقة مع هاتين القريتين تتصف بالتعايش والبعد عن التعصب العرقي. تزوجَ أخي وأبناء عمومتي من فتيات كرديات وكان هذا أمر طبيعي".
توقف مالك عن الدراسة منذ المرحلة الإعدادية لصعوبة ظروف الدراسة ولطيشه وقلّة وعيه كما يقول، إذ كانت المدرسة تقع في قرية مجاورة مما يضطرّه للذهاب إليها مشياً على الأقدام، علماً أن بعض إخوته الثمانية الذين عاشوا نفس الظروف تابعوا دراستهم الجامعية ونالوا شهادات في الحقوق والهندسة.
سافر مالك للعمل في لبنان عام 1996 بسبب قلة فرص العمل وانخفاض مستوى الأجور كما يقول، "يرغب كثير من العمال السوريين في العمل خارج البلاد للاستفادة من فارق الأجور الذي يسمح لهم بتحسين وضعهم المعيشي".
لم يشكّل العثور على فرصة عمل في لبنان تحديًا كبيرًا أمام مالك لأن بعض إخوته وأبناء عمومته كانوا قد سبقوه الى هناك، في حين كانت مشكلته هي الشعور بالغربة كيافعٍ ترك بيته وقريته في عمر السادسة عشرة للعمل في بلد آخر.
يقول مالك إنه لمَسَ عدم محبّة الشعب اللبناني للسوريين وتعرّضَ لبعض المضايقات منهم سواء بالكلام أو المعاملة، يضاف الى ذلك انخفاض أجور السوريين رغم أن العامل السوري كان يعمل ساعات أكثر.
استمرّ مالك بالعمل في مجال البناء نحو أربع سنوات ثم عاد لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وبعد الانتهاء من فترة الخدمة سافر الى لبنان مجدداً ليعمل نحو سنة ونصف تعرض خلالها لإصابة عمل عندما سقط مع زميله من الرافعة المعلقة في الطابق الرابع، فكُسر وركه ويده واستؤصل طحاله نتيجة النزف الشديد، فيما توفي الشاب السوري الذي كان يشاركه العمل.
خضع مالك لعمل جراحي في لبنان ولآخرَين في سوريا، واستمرت فترة شفائه نحو عامين، لكن الحادث ترك إعاقة أثّرت في قدرته على المشي بشكل طبيعي.
كان والده يساعده في تأمين احتياجاته ومصروفه وهو ما جعله يشعر بالعجز واليأس نتيجة تغيّر حالته الصحية والمعيشية ولكن هذا الاحساس بدأ بالتراجع بعد زواجه من ابنة خالته عام 2007 بمساعدة ودعم من والده.
عمل مالك بعد زواجه في المستشفى الحكومي لمدينة الباب القريبة من قريته بعقدٍ مؤقت لمدة ثلاثة أشهر وبمساعدة شقيقه الذي كان يعمل في نفس المشفى. أملَ مالك أن يتم تثبيته في العمل مراعاةً لإعاقته، لكن الأمور لم تسر على ما يرام مما اضطره للتوقف والبحث عن فرصة أخرى. وعلى هذا النحو، عمل لاحقاً في محلج للقطن في مدينة حلب بتشجيع من قريبه نظراً لتوفر راتب ثابت وحوافز وسهولة المواصلات بين حلب وقريته التي تبعد عنها نحو 35 كيلومتر.
اقتصر عمل مالك في المحلج على الحراسة والإشراف على دخول الشاحنات المحملة بمحاصيل القطن وبذوره إضافة لبالات القطن التي تستعمل في معامل صناعة الألبسة.
يصف مالك تلك الفترة التي استمرت حوالي أربع سنوات بأنها كانت الأجمل، تعرف خلالها على أصدقاء كثر من أبناء منطقته واستمرت علاقته بهم حتى بعد تركه العمل.