نشأ محمد عبد الحميد أحمد في ظل ظروف اقتصادية صعبة في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بمدينة بيروت. دخل المدرسة وهو في التاسعة من عمره بعدما تم افتتاح مدارس تتبع لوكالة الأونروا.
بعد حصوله على الشهادة الثانوية، سافر محمد عام 1965 الى مصر لدراسة الهندسة في جامعة الاسكندرية، يقول في ذلك، “كنت أرغب بمتابعة دراستي الجامعية دون اخوتي الذين توجهوا الى العمل في المهن الحرة لمساندة والدي في المصاريف، كنت أرغب بدراسة الطب، ولكن قبولي الجامعي جاء وقتها من قبل كلية الهندسة المدنية”.
تخرج محمد من الجامعة ثم سافر وعمل في ليبيا في المجال الهندسي، حيث عثر على فرصة العمل الأولى عن طريق زميله في الدراسة. وفي أثناء وجوده في ليبيا تزوج محمد ورزق بثلاثة أولاد ما زاد من مصاريف العائلة، فقرر السفر الى السعودية لتحسين وضعه المادي.
يقول محمد، “في السابق، كان المهندس الفلسطيني يستطيع الانتساب الى نقابة المهندسين في لبنان، ولكنه منع من ذلك بعد عام 1980، كما حرم اللاجىء الفلسطيني من العمل في مجموعة كبيرة من المهن والوظائف، فصار السفر خياراً وحيداً أمامه لتحسين وضعه المادي والمعيشي”.
كان أهل محمد هُجّروا من منزلهم في منطقة المسلخ خلال الحرب اللبنانية، فاشترى لهم منزلاً مما ادخره خلال عمله في ليبيا، ثم اضطر لبيعه لاحقاً بأقل من سعره بكثير، لتوفير مصاريف دراسة أولاده الثلاثة.
حصل محمد على عقد عمل في السعودية رغم أن فرص العمل هناك كانت ضئيلة في ذلك الوقت، واستمر في العمل لنحو 15 عاماً تنقل خلالها في مناطق عدة، كان آخرها عمله لنحو خمس سنوات في المدينة المنورة. وبعد كل تلك السنوات، اكتسب محمد خبرة قوية في مجال العمل الهندسي، فعاد الى بيروت وعمل في شركة هندسية حتى عام 2014، يقول، “كانت بيروت وقتها عبارة عن ورشة عمل كبيرة بعد سنوات من الحرب والدمار،عدت إليها باحثاً عن نوع من الاستقرار مع عائلتي، بعد أن تحسن وضعي المادي، فضلاً عن رغبي بتعليم أولادي في جامعات لبنانية إيماناً مني بجودة نظام التعليم في لبنان، فالعلم هو رأس المال الحقيقي للشعب الفلسطيني”.
انتدب محمد من قبل شركته للعمل في مشاريع في دولة اليمن، غير أنه كان يشعر بالغبن والظلم من الناحية المادية ولأسباب لم يرغب بذكرها، الى أن تعرف على مدير جديد قدّر خبرته الطويلة وأرسله للعمل في كازاخستان ثم في اقليم كردستان العراق وبعائد مادي أفضل.
يقول محمد إن فرص العمل قليلة في لبنان في الوقت الحالي، حيث بات كثير من الفلسطينيين مهاجرين في دول أوربا مثل الدنمارك وألمانيا والسويد، ومع ذلك، فهو مقتنع أن الإنسان الذي لا يستطيع النجاح في بلده لن يدرك النجاح خارجه.