محمد الجبوري

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا, غازي عينتاب
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يحدثنا السيد محمد الجبوري وهو سوري من مدينة الحسكة، وهو متنقل بين تركيا والداخل السوري، عن مفهوم الهوية السورية لديه فيقول:

مصطلح الهوية بشكل عام هو مجموعة السمات التي تميز شخص بفردانيته، وبنفس الوقت هذه السمات هي التي تربطه بالمجتمع، وأنا حتى الآن أبحث عن هذا المفهوم لأفهمه بشكل صحيح وحتى أجد هويتي الحقيقية، بداية هناك تخبط بين الهوية الدينية وبين البحث عن الهوية الدينية، وبين الهوية العرقية والهوية الوطنية لاحقاً، أنا مررت بأطوار أجدها الآن لا تشبهني من خلال البحث عن مفهوم الهوية، بفترة من الفترات كنت أصنف نفسي "نسابة" بحكم شخصيتي كبدوي باحث عن الأصول البدوية لأجد العلاقة بيني وبين محيطي بشكل عام وأصل لهويتي الحقيقية، بعد الحرب وبعد الاحتكاك بالمجتمع السوري بكل أطيافه، أنا الآن أجد الهوية شاملة لكل هذه المعايير، وبنفس الوقت هي تنسف كل هذه المعايير. هويتي إنسانية بحتة بعيدة عن كل التعريفات القومية والعرقية والدينية، وأنا أعرف نفسي: إنسان مسلم بدوي، كل ذلك ليس مضراَ بموضوع الهوية بل بالعكس هي مكونات لتشكيل الهوية الإنسانية الكاملة.

أما عن علاقته كمواطن سوري بالهوية السورية فيقول السيد محمد:

حالياً لا أعرّف نفسي كمواطن سوري بل كلاجئ سوري، اللجوء صفة أكبر للهوية السورية الآن، فاليوم أرى نفسي انسان متخبط الهوية بين أن أكون حقيقة سوري، وبين التخلص من هذه الهوية التي أصبحت لعنة تلازمنا. ولكن بالنهاية يمكن أن نختصرها بكلمة سوري بكل ما تحمله هذه الكلمة من جمال، لأننا نحن كسوريين نحتوي الكثير من القصص الجميلة، مع كل ما تحمله من وجع ومعاناة من ويلات الحرب التي صقلت هذه الهوية أو شكلت هذه الهوية، كما أنها صنعت انسان مشتت، لكنه انسان عرف كيف يتأقلم مع هذه الظروف، لذلك فأنا حقيقة سوري، سوري بكل هذه المعاني.

ثم ينتقل السيد محمد للحديث عن العلاقة بين الصراع في سوريا وبين هويته كسوري، يقول:

 الصراع جعل موضوع  الهوية يمر بأكثر من طور، في البداية كان السوري مهتم مع أي طرف سيكون؟ وهذه بحد ذاتها هوية. فإن كنت بطرف القاتل بطرف النظام فهي هوية لك، أو أن تكون بطرف الثورة بطرف الشعب الذي يقتل وهو يطالب بحريته فهذه هوية أخرى. بداية الصراع صنع نوع من الهوية، لكن لاحقاً حصل انقسام في طرف الثورة وحصل نوع من البحث عن الهوية داخل هذا الطرف.

وعن نتيجة الصراع والمتغيرات المتوقعة على الهوية السورية يقول:

نتائج الصراع تخطر ببال كل سوري بشكل يومي، وأكون غير صادق إذا قلت أن نتائج الصراع غير مؤثرة على موضوع الهوية، لكن بحال بقيت السلطة وبقيت الاحتلالات يبقى تعريف هويتي هو: لاجئ سوري، أو حتى اذا نجح أحد الأطراف بالوصول إلى السلطة بدون رؤيتنا الجميلة نحن، أو بدون رؤيتنا للثورة رؤيتنا للحرية رؤيتنا لأنفسنا، إذا نجح أحد هذه الأطراف وكان هو المستأثر بالسلطة فسيكون شكل آخر للهوية.

وانتقل السيد محمد للحديث عن أثر الطقوس والتقاليد التي كان يمارسها على هويته كسوري، فقال: 

بعد الهجرة يمكن أن الحنين أو الفقدان هو ما جعلني أحن للكثير من الطقوس، مثلاً: تقاليد الأعراس بمنطقتنا، الأعراس الجميلة المختلطة، حتى الحنين يجعل لديك انتماء وطني أو حتى انتماء للأرض، انتماء للناس ويجعلهم جزء من هويتك، سابقاً لم نمارس طقوسنا بهذا الشجن، الآن في شهر رمضان أهنئ من أعرفه ومن لا أعرفه، من كان يهنئ من قبل برمضان؟ ممكن تهنئ عائلتك وممكن لا برمضان، هذه الطقوس صارت الآن نوع من الحنين للانتماءات الجميلة للأشياء البسيطة للأشياء اللي تربينا عليها والتي هي أصلاً كانت قبل الصراع، نحن باللاوعي نحاول أن نرجع بهويتنا إلى ما قبل الصراع، لأنه بعد الصراع صار لدينا نوع من الشرخ الداخلي بعيداً عن الشرخ المجتمعي، نحن داخل أنفسنا لدينا شيء متناقض حول هويتنا وهو شيء محزن حقيقة.

وأخيراً يلخص السيد محمد وصف هويته كسوري فيقول:

أنا لاجئ يحلم بقليل من الفرح، أتمنى في يوم من الأيام أن أجد هوية سورية حقيقية بعيدة عن كل التناقضات، بعيدة عن التفرقة، هوية سورية فقط.