ينتمي محمد خلف حسين إلى قبيلة العقيدات التي تنتسب لعدة قبائل في محافظتي حمص ودير الزور ومناطق في العراق والسعودية، وتعود تسميتها إلى التعاقد الذي تم بين القبائل الصغيرة القاطنة على ضفة نهر الفرات بهدف رد الغزوات التي قام بها البدو على أبناء المنطقة.
ولد محمد في مدينة صبيخان التابعة لمحافظة دير الزور، سكانها هم عشيرة الشويط من قبيلة العقيدات، ويعتمدون بالمجمل على زراعة محاصيل القطن والذرة والقمح والشعير والفواكه الى جانب تربية المواشي.
تتميز العقيدات بعاداتها وتقاليدها المتمثلة بالكرم والجود وإغاثة الملهوف وتعاضد أبناء العشيرة في الأفراح والأحزان مادياً ومعنوياً، فضلاً عن تقدير الكبير واحترام رأي الصغير.
يتمتع شيخ العشيرة بسلطة واحترام كبيرين من أبناء عشيرته الذين يختارونه بالتراضي والإجماع فيما بينهم ليمثلهم ويخدمهم ويحقق مطالبهم ويحل مشاكلهم.
في قبيلة العقيدات، يفضّل للمرأة أن تعمل في بيتها بخدمة زوجها وأطفالها وأن تلتزم بلباس محتشم، ويحظر عليها الخروج أو السفر منفردة دون محرم أو مجموعة نساء، أغلب نساء القبيلة لا يكملن دراستهن، البعض ينلن الشهادة الثانوية ويعلمن غالباً في التدريس المؤقت في إحدى المدارس المجاورة، في حين ثمة قليل من الفتيات اللاتي يكملن الدراسة الجامعية في محافظات أخرى برفقة الأخ أو الأب، وتقتصر دراستهن على الفروع التي تلتزم بحدود الشريعة الإسلامية مثل التدريس أو تخصص النسائية والتوليد في الطب، أما الذكور فلهم الحق في الدراسة وحرية السفر والعمل في أي مكان بالعالم.
لا يعتبر تعدد الزوجات أمراً مستهجناً في مجتمع محمد وليس للنساء حق الاعتراض عليه، إذ يأتي من منطلق ديني وبهدف محاربة العنوسة، كما أن كثرة الأولاد هي مبعث للتباهي بين العشائر وتعتبر مصدر قوة للعشيرة يردع أعداءها عن التعدي عليها، إضافة إلى تعاضد وتعاون الأخوة وأبناء القبيلة الكثر في وجه الأزمات والشدائد سواء مادياً أو معنوياً. يذكر محمد أن خاله تزوج من أربع نساء أنجبن ستين ولداً وعشر بنات، كما أن أباه تزوج من امرأتين أنجبن سبعة عشر ولداً وثماني فتيات.
يقول محمد، "في السابق كانت كثرة العدد ضرورية، في حين لم تعد كذلك بعد خضوع الجميع للقانون الذي يضمن لهم تحصيل حقوقهم".
تعلّم محمد عادات وتقاليد العشائر من قبيلته وأثناء تواجده في السعودية والأردن، ولاحظ وجود بعض الفروق في العادات بين القبائل وتوجه بعض المناطق للتشيّع، يشير محمد الى توطّن بعض التركمان القادمين من تركيا منذ حوالي ثمانين عاماً إضافة لبعض الإيرانيين من بني مشهد منذ أربعين عاماً في مناطق العقيدات، حيث امتزجوا مع أهل القبيلة وتطبعوا بعاداتهم وناسبوهم حتى صاروا الآن جزءاً منهم، وبالرغم من حدوث بعض المشاكل بينهم وبين الأهالي الأصليين وحدوث بعض المحاولات لطردهم من المنطقة، فرابطة النسب وتدخل الشيوخ كان يؤدي دائماً للصفح عنهم.
يقول محمد إن بيئته العشائرية لا تهتم بموضوع التعليم ولا تنتشر فيها الطبقة المثقفة، وعلى هذا النحو ترك الدراسة بعد الصف التاسع الإعدادي ليعمل لاحقا كسائق باص صغير لنقل الركاب والبضائع بين دير الزور والمحافظات السورية وبعض محافظات العراق لحوالي تسع سنوات، يقول إنه اختار هذه المهنة لأنه لا يحب الابتعاد عن عائلته رغم كونها مهنة شاقة وفيها بعض المخاطر التي يتعرض لها السائق خلال سفره الطويل.
يرى محمد ضرورة تطور عشيرته من الناحية العلمية والانفتاح والثقافة لكن دون تجاوز عاداتهم الأصيلة، علماً أن الفترة الأخيرة شهدت تقدماً ملحوظاً من ناحية التحصيل العلمي، ولكن لا تتساوى جميع المناطق والعشائر في هذا الأمر حيث تفوق بعضها على الآخر.