ولد محمد مظهر شربجي عام 1961 في مدينة داريا بريف دمشق، وهي مدينة مجتمعها ذو طابع محافظ، كان معظم أبنائها يعملون في زراعة أراضيهم التي تمددت شرقاً وغرباً في الريف الدمشقي الواسع منذ ستينيات القرن الماضي، ثم اتجه قسم كبير منهم نحو العمل في التجارة والمقاولات منذ أواخر التسعينيات، مع أن المدينة عانت من إهمال كبير في مستوى الخدمات الحكومية ومختلف المجالات، مقارنة بمناطق أخرى.
يقول محمد: "يتكوّن المجتمع في داريا من نحو 92% من المسلمين السنّة و8% من المسيحيين، ومن الصعب التمييز بين هاتين الفئتين من حيث العادات والتقاليد وحتى الأسماء، كانت النسبة الكبرى من المسلمين يعملون في الزراعة، في حين كان المسيحيون يعملون غالباً في الصناعة والحرف اليدوية وخصوصاً في مجال النجارة والأخشاب".
انتسب محمد الى كلية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق، وكوّن خلال سنوات دراسته علاقات وصداقات كثيرة مع طلاب من محافظات عدة، وخاصة من الذين كانوا يعملون معه ليلاً نهاراً في إنجاز المشاريع الجماعية. يقول محمد: "كان مستوى القيادة العلمية من أساتذة وعمداء كليات متميزاً في كليات الهندسة، لكن ذلك المستوى بدأ بالتدني تدريجياً حتى بات أغلب الكادر التعليمي الموجود مؤخراً في الجامعات السورية من معسكرٍ اشتراكي، من خريجي البعثات التي توجهت أواخر الثمانينيات الى دول روسيا وأوربا الشرقية، حيث أوفدوا حينها للدراسة في الخارج بقرار سياسي وليس بحسب الكفاءات والخبرة".
تخرّج محمد عام 1985، ثم عمل في الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية، بحسب القانون الذي كان يُلزم خريجي كليات الهندسة بالعمل الحكومي لمدة خمس سنوات، واستطاع في تلك الفترة أن يتابع دراساته العليا في تخطيط المدن والتصميم المعماري. بعد خمس سنوات من العمل في القطاع العام، افتتح محمد مكتبه الهندسي الخاص في داريا، واستمر في العمل حتى عام 1994، حينها بدأ بالعمل النقابي وتسلّمَ رئاسة شعبة نقابة المهندسين حتى عام 2012، ودخل خلال تلك الفترة أيضاً في عضوية المجلس المحلي لمدينة داريا لمدة أربع سنوات، ثم عُين رئيساً لمجلس المدينة لمدة ثلاث سنوات.
يقول محمد: "وضعتُ كل خبرتي في خدمة مدينتي، وعملتُ على مشاريع خدمية وعمرانية مهمة، ولكن المشكلة كانت تكمن دائماً في المركزية المفروضة على العمل، بحيث تتدخّل كل جهات الدولة في عمل البلدية، وخاصة الجهات الأمنية، فضلاً عن موضوع الاستثناءات التي يمكن تعريفها ببساطة بأن يدفع الشخص مبلغاً من المال لجهة ما مقابل الحصول على استثناء، أي الحصول على ترخيص مخالف للقانون لبناء منشأة صناعية أو تجارية". ويتابع القول: "في دول متقدمة مثل فرنسا أو تركيا، يمكن أن يصل رئيس البلدية إلى منصب رئيس الجمهورية كالرئيس جاك شيراك مثلاً، وذلك لقربه من الشعب وتقديمه للخدمات، أما في سوريا، يُنهي رئيس البلدية فترة خدمته في أغلب الأحيان بوصفه لصّاً أو متهمًا بالفساد".
كانت شعبة نقابة المهندسين التي رأسها محمد (وهي شعبة المكاتب الهندسية التي تمارس العمل الهندسي) تنقسم الى خمسة فروع، وكانت شعبة داريا أكبرها حيث تتعامل مع أكثر من 1700 مكتب هندسي، وهو رقم يتعدى مجموع المكاتب العاملة في ثلاث محافظات في الشمال السوري، الحسكة ودير الزور والرقة. يقول محمد: "بدأت الحركة العمرانية تنشط بشكل كبير في مِحوري دمشق الجنوبي والشمالي منذ عام 2005، ففي مدخل دمشق الجنوبي تمّ منح الكثير من التراخيص للمنشآت الصناعية، كونه طريق دولي باتجاه السعودية والكويت، فيما تركزت وكالات بيع السيارات في المدخل الشمالي للمدينة باتجاه المدينة الصناعية في عدرا، فزادت الحركة العمرانية بشكل ملحوظ".
بدأت التسهيلات بمنح تراخيص لافتتاح المدارس والمستشفيات الخاصة والتي كانت محصورة بأسماء معينة فيما سبق، فضلاً عن حركة الأسواق التجارية "المولات" والصالات الصناعية أو معارض المفروشات وغيرها، كما تم الاهتمام بمظهر المصانع من الناحية الجمالية. يرى محمد أن إنشاء تلك التجمعات التجارية والصناعية كانت تمثل حالة صحية، ولكنها احتاجت الى التنظيم والبعد عن العشوائية في منح التراخيص والتي عادة ما يتم منحها من خلال دفع الرشاوى والواسطة.
يقول محمد: "في سوريا، يوجد كثير من الخبرات العلمية التي لا يستهان بها ويجب الحفاظ عليها، وهي لا تحتاج سوى إعطائها ما يناسبها من الحقوق وتخفيف الضغوط التي تمارس عليها".