يتحدث السيد محمود أبو الحسن مسؤول المتابعة والتقييم في مؤسسة قلب مصر للتنمية والتربية عن مشروع التعايش السلمي في صعيد مصر، فيقول:
مؤسسة قلب مصر، هي فكرة أعجبت فيها جداً ولذلك انضممت لها، وهي تعزيز التعايش السلمي بين أصحاب الديانات المختلفة وخصوصاً الأطفال، فالأطفال هم المستقبل، فكان من الأساسي أن نحاول إنشاء جيل يؤمن بفكرة التعددية وخاصة التعددية الدينية، والتي تقوم على فكرة: اقبلني كما أنا، أي تقبلني مهما كانت ديانتي، حتى نعيش في سلام وأمان.
هذا عن المؤسسة، أما المبادرة نفسها التي هي التعايش السلمي فهي مشهرة منذ عام 2017، لكن عندما أصبح الموضوع في إطار قانوني، كان ضروري أن يكون لها شكل قانوني، والأهداف الأساسية لها هي ما شجعني بصورة كبيرة جداً لأكون فرد من أفرادها وهذا شيء يشرفني.
ويعدد السيد محمود أهداف المبادرة وهي:
1- رعاية الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة. وهذا جزء مهم جداً في المؤسسة. 2- الاهتمام بالمرأة ودورها الاجتماعي وتوعيتها وتعزيز الجندر. 3- الإيمان بالتعددية فيما يخص الشارع المصري، والتأسيس للتعاون بين كل أصحاب الديانات المختلفة.
ثم ينتقل لتقييم تجربة العمل المشترك المتعدد الانتماء بهذا المشروع فيقول.
حين حصلنا على منحة هذا المشروع، بدأنا نضع خطة متابعة وتحكيم محكمة جداً ونستخدم استراتيجيات أكثر من التقييم، في الجزء الأول نحن نستخدم استراتيجية المقابلة الشخصية والجماعية، ونجري لقاءات فردية وجماعية
مع جميع المستهدفين سواء كانوا أطفالاً صغاراً أو أولياء أمور، القيادات الطبيعية والدينية في المجتمع، وأيضاً الميسرات والمدربات والمدربين في المشروع. وبعد ذلك نقوم بما يسمى: RCT. ثم نقوم باختيار عشوائي للعينة، من كل عينة لدينا، سواء أولياء الأمور، أو القيادات الطبيعية والدينية، أو الأطفال، أو الميسرين، نأخذ منهم عينة عشوائية وندون لهم استبيانات أخرى.
ثم يتحدث الأستاذ محمود حول فكرة مشاركة أولياء الأمور ورجال الدين في المشروع، فيقول:
أنا واحد من الناس أعمل في المتابعة والتقييم من فترة لم أكن أتوقع هذه النتائج، بمعنى أنه بعد جلسات مع أولياء الأمور تبين أنهم معجبين جداً بفكرة التغيير من خلال الفن، لأن هذه المبادرة تعد الأولى من نوعها مع هذه الفئة بالتحديد، هذه الفئة لم تحصل على أي نوع من أنواع التدريبات أو ورش العمل كتغيير من خلال الفن، كل ورش العمل السابقة التي حصلوا عليها كمدربين أو طفال كانت ورش عادية جداً، ولكن لما طرحنا أن تكون كل التقييمات من خلال الفن أو كل ورش العمل التغيير من خلال الفن لاقت قبولاً بطريقة غير عادية مع الناس، وهذا هو الجزء الأول بالنسبة لأولياء الأمور. بالنسبة للقيادات الدينية مع القيادات المجتمعية وجدوا مجالاً لأننا نتجمع بمكان واحد بدون أي قيود في الحوار للخروج بأفضل نتائج وأفضل أسس للطرق التي يمكن أن نبثها في الأطفال الصغار حتى يقبلوا التعددية.
وعن مدى التأثير الذي تركه هذا المشروع على المتدربين، يقول:
بالنسبة للتأثير فنحن نقيس نتائج هذا العمل دورياً، نعمل جلسة أسبوعية مع الأطفال عن طريق بعض الأنشطة المخطط لها بالفن وبعدها نقيس أداؤهم، لقد فوجئنا بتغيرات جذرية جداً على سبيل المثال: من خلال نشاط اقترح الأطفال تسميته: الكنز المفقود، وهو عبارة عن طفل مغمض العينين ويبحث عن بعض الأشياء الملقاة على الأرض وبقية الأطفال يساعدونه لإيجادها، عندما نقوم بهذه التجربة لأول مرة مع الأطفال ممكن أن نستغرق خمس دقائق للطفل الواحد، حتى يتمكن من جمع الأشياء المفقودة على الأرض، وبذلك نأصل فكرة المساعدة، وقيمة المساعدة، وكيف تساعد غيرك، وقيمة الحب وقيمة السلام وقيمة التعايش، ونفاجأ بأن الأطفال يساعدون زميلهم الذي يبحث عن الأشياء المفقودة بطريقة أكثر من رائعة، ونحن عندما نضع شروط هذه الألعاب بأن لا يتحرك الطفل ولا يحرك يده، بل كلها الإشارات باللسان فقط، أنظر يمينك أنظر يسارك وهكذا.
ويتابع:
أما الجزء الآخر الذي أوضحوه لنا أولياء الأمور عندما قاسوا التغير الحاصل في سلوكيات أبنائهم في البيت، على سبيل المثال قيمة الاحترام، وهي إحدى القيم التي نأصلها، فقد تغيرت طريقة كلام الطفل مع ولي أمره، بصورة كبيرة جداً، وهي مثلاً: يا محمد اعمل كذا، حاضر، قبل ذلك كان يقول: لماذا أعمله؟ ولم أنا أخي أكبر مني موجود، أو أختي أصغر مني وهكذا. لقد أصلنا قيمة الاحترام، احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير.
ولما دخلنا في عمق التدريبات والأطفال بدأوا خلاص أنا بجانبي محمد بجانب مايكل محمود بجانب مينا كلهم بجانب بعض، حتى لم يعودوا يسألوا عن الأسماء، ووصلوا لمرحلة أن هذا أخي وهذا صديقي وزميلي، في البداية واجهتنا بعض الأسئلة فعلاً: ما هي التعددية؟ ما هو التعايش؟ هذه الأسئلة لأننا علمناهم في البداية: أن الطريق إلى المعرفة هو السؤال، وهذا كان لنا قاعدة أساسية أصلناها معهم، بأنه عندما يكون شيء غير واضح لك يجب أن تسأل عنه حتى تحصل على نتيجة، لأنه لو لم يسألنا فيمكن أن يسأل شخص غير متخصص أو متزمت لرأي أو جاهل، فيكون ضحية لهذا الفكر، وعندما يسأل ما هي التعددية؟ ما هو المختلف؟ ما هو الآخر؟ أجيبه بأن الآخر هو المختلف عنك بأي شيء، بالجنس باللون بالعقيدة، ولكن نحن كلنا في الآخر واحد، كلنا إنسان، يعيش ويتعايش في المجتمع، وكل هذه الأشياء اختلاف بسيط بيننا ولكن لا بد أن أقبلك كما أنت.
أخيراً يحدثنا الأستاذ محمود عن الأثر الذي تركته تجربة المشروع عليه شخصياً، وعلى المؤسسة، يقول:
أنا شخصياً لو عملت التقييم النفسي أجد أنني وصلت لمرحلة يمكن تسميتها السلام النفسي، وأنا أتكلم عن نفسي بطريقة غير عادية، بأنني أقبل أي كان في الحوار مهما امتد الحوار فنتحاور ونتناقش لفترة كبيرة أو قصيرة، وبالنتيجة نخرج أصدقاء، هذا على المستوى الشخصي. أما على مستوى المؤسسة فهناك أعضاء كثيرين بعد انتشار الفكرة أحبوا الانضمام لنا، وهذه فكرة كنا قد كتبناها في المقترح أنها فكرة استمرارية وتعنى بموارد المجتمع، وهذا شيء متاح لأن الشخصيات الدينية والمجتمعية وأعضاء الجمعيات والمؤسسات المحلية، شخصيات إعلامية، كل هذه الشخصيات تواصلت معنا لتنضم لنوسع الفكرة وفي الآخر بإتلاف كامل يؤمن بالتعددية، وسيكون مشهر وفق القانون إن شاء الله.