محمود بزنكو

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: سوريا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يخبرنا السيد محمود بزنكو (23 عاماً) من دمشق، عن هويته، قائلاً: 

أنا مصور، وربما هذه هويتي الذاتية التي تعبّر عني كثيراً، أحمل كاميرتي وأسرد، أشعر أن الصور تعبر عني، حكايا الصور التي أسردها في الطريق، والناس الذين أصورهم، ربما هكذا أستطيع أن أوصل مفهوم هويتي كفنان، رغم دراستي في كلية الحقوق. بالنسبة لديانتي، أنا ولدت مسلم، أنا شخص ينتمي كثيراً، وأشعر أن التاريخ جزء مني، تاريخي هو تاريخ هذا المكان الذي أنا موجود فيه تحديداً، الشوارع، الحارات، والساحات، هذه أقدم عاصمة في التاريخ.

وعن أثر الصراع على هويته، يقول السيد محمود: 

عندما بدأت الحرب كان عمري 12 عاماً تقريباً، لم أعيش مراهقتي بشكل صحيح، لم يكن لدي أي هاجس للهجرة. بدأت أبحث عن طريقة للاتصال مع هذا التاريخ، تاريخ سوريا، كنت أريد شيئاً يربطني بالماضي ويعيدني إلى العالم الذي كنت فيه قبل 13 سنة، لا أعرف بالضبط، الصراعات كانت موجعة كثيراً وفي الوقت نفسه لم يبق منها غير العادات القديمة والتقاليد وتلك العادات هي الصورة التي حفظتها عندي فقط، تلك الصور التي أتخيلها. 

وفيما لو كانت نتائج الصراع مختلفة، هل سيكون لذلك أثر مختلف على هويته، يشير السيد محمود:

و لم يكن هناك حرب، لن يؤثر علي أو على غيري، حتى السفر، ومن يسافر، لن ينظروا له نظرة مختلفة، تماماً في البداية كانوا يظنون أنك سبب الحرب، وجودك في بلدهم هو تحريض على الحرب، وأظن أنه يكفي أنك كنت تعيش بكرامة! الحرب أثرت على الأهل والعمل والسكن. أنا أتمنى وأتمنى كثيراً لو لم تكن هذه الحرب، ما كنت خرجت من بيتي وأبعدوني عن مجتمعي وأصدقائي وعن الذكريات القديمة والماضي.

وعن أثر الهجرة على هويته، يؤكد السيد محمود: 

أنا شخص اختبر الهجرة، جرّبت أصعب أنواع الهجرة، تلك الهجرة الداخلية، لقد تهجرت من بيتي، لقد عشت خارج بيتي، كأنهم اقتلعوني من طفولتي اقتلاعاً، فجأة كبرت وأنا  لا يزال عمري 12 عاماً! تهجرت من بيتي، كنت أسكن في منطقة الغوطة، وبقيت في الطريق! كان شعوراً صعباً، وأصعب ما فيه أن يقال عنا أننا مشردين، أنا أتمنى كثيراً أن أسافر، ولكني أريد أن أعرف إلى أين ذاهب؟ أغلب أصدقائي ممن سافروا، تعذبوا كثيراً، لقد توقفت في مطارح عدة لأسأل إلى أين أريد أن أذهب؟ الآن عمري 23 عاماً، وفي أي بلد سوف أدخل عليها سوف أخلق وأنا عمري 23 عاماً، لا أعرف لغة، ولا عادات أو تقاليد أو قوانين، ومن المؤكد أنني في مرحلة من المراحل سوف أصل إلى مرحلة الاندماج مع المجتمع، ولكن سوف تشعر أنك متورط، فعلت ذنباً هو أنك تركت أهلك، وأصدقائك ومجتمعك، وفي ذات الوقت تريد أن تعيش، وتتزوج وتصنع صوراً دون أن يقول لك أحد "ممنوع التصوير" تلك العبارة المرعبة! 

وإذا كان هناك طقوس وعادات وتقاليد يعتقد السيد محمد أنها تؤثر على هويته يقول: 

جميع العادات والطقوس والتقاليد، أنا أتخيلها فقط في زيارة القبور في الأعياد، سواء كان عيد الأضحى أو عيد الفطر، هي أعظم طقس، أو ربما أجدها أنا هكذا، لا أعلم، أنتظر العيد حتى لأرى الناس كيف يجتمعون حول القبر وهم يدعون فوقه. الأعياد والأجواء الرمضانية، والصلوات، والحفلات والأعراس، جمعات العائلة والأصدقاء، كل ذلك لم يبق منه إلا الصور، وأمي -تحديداً- التي لا تزال محافظة على هذه الصورة حتى أراها أنا، بقيت الطقوس فقط مجرد صور، فقط صور!

وأخيراً يختصر السيد محمود بزنكو هويته بثلاث كلمات قائلاً: 

أنا فيلم نصفه محترق، والنصف الآخر لا يزال قيد التحميض.