محمود

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لندن, المملكة المتحدة
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

مضى على وجود محمد (39عاماً) من سورية، نحو أربعة سنوات في بريطانيا، حيث وصل بداية وحده ثم لحقت به زوجته وأولاده عن طريق لمّ الشمل، يقول: "تواصلنا أول مجيئنا مع الصليب الأحمر، وساعدنا في لم الشمل، لأنني جئت وحدي أولاً وحصلتُ على الأوراق بعد سنة ثم لممت شمل زوجتي وأولادي"، ولكن قبل ذلك كان محمد قد أنهى دراسة القانون في سورية، يقول: "تخرجت عام 2008، وسافرت الى دولة خليجية". ورغم عمله لسنوات طويلة هناك، اكتشف محمد أن "الإقامة في الدول الخليجية لا تشعرك بالأمان والراحة، كما حصل تضييق كبير على السوريين هناك"، وبعد الأحداث في سورية عام 2011 أغلقت معظم السفارات، وصار من الضروري العودة إلى سورية لاستصدار جواز سفر جديد.

 علم محمد أن اسمه مطلوب لدى سلطات النظام السوري، لم يعد إلى سورية، توجه مباشرة إلى تركيا، واتفق مع شخص من أجل "الذهاب إلى بريطانيا "تهريب" ولكن دون ركوب البحر". وصل محمد إلى بريطانيا ولكن بعد نحو 14 يوماً من الرحلات، حيث خرج من اسطنبول بالجواز السوري إلى أديس أبابا ثم "تم تبديل جواز سفري بآخر مزوّر يحمل اسم دولة أوروبية، يقول: "دخلت عن طريقه إلى البرازيل ثم إلى المكسيك- مدينة كانكون، ثم إلى لندن، كانت رحلة طويلة ومكلفة". 

ويعد محمد أن وصوله إلى بريطانيا كان من دافع البحث عن الاستقرار: "لم يكن موضوع العمل في بالي، كان الأهم هو الأمان والارتياح والإقامة القانونية، فكرتُ بمتابعة الدراسات العليا أنا وزوجتي فهي خريجة جامعية أيضًا"، ولكن فرص الاندماج كانت محدودة لعدة أسباب منها حسب قوله: "قلة العمل والتعرف إلى عادة المجتمع وممارسة اللغة، حالياً أمارس اللغة في "الكوليج" فقط، حيث نتعرف إلى الأصدقاء ونتحدث إليهم بالإنكليزية نحن جئنا إلى مجتمع جديد وبدأنا بدراسة اللغة". 

يصف محمد أن وضعهم الحالي كأسرة مكونة من أب وأم وأربعة أبناء، وضع محبط، لأن عدم توفر العمل يؤدي إلى "عدم معرفة بالمجتمع المحلي"، وبالتالي عدم إلمامه بشكل جيد باللغة لإكمال دراسته العليا يضعه في اختبارات عمل كقيادة الشاحنات أو مهن يدوية أخرى لا يفقه بها شئياً، يقول: "اللغة صعبة، دراستنا في الدول العربية لم تكن بالمستوى المطلوب، جئنا إلى هنا وصرنا نسمع لغة لم نفهمها في البداية"، ويضيف: "بالنسبة للعمل، أستطيع اجتياز أي اختبار نظري، مثل كتاب تعليم القيادة مثلاً قدمته باللغة الانكليزية واجتزته، ولكن أنا خريج جامعي ولا أمتلك خبرة الأعمال المهنية كالتمديدات الصحية أو الطلاء أو الحرف اليدوية... المتعلمون معتادون على العمل ضمن مجال اختصاصهم، وحين جاءوا إلى هنا تفاجأوا بكثرة متطلبات اختصاص معين" على حد وصفه. 

ويعتقد محمد أن زوجته التي لا تعمل، هي أفضل حالاً منه بالنسبة للاندماج واللغة، يقول: "زوجتي تهتم بالأولاد، يجب أن تبقى في البيت، تخرج وتخالط المجتمع المحلي، اندماجها أكثر مني، أنا أذهب إلى الدورات، ولكن ليس ثمة مجال أو مجتمع يجمعني بالرجال البريطانيين، أما بالنسبة للنساء، فيوجد مثلاً دورات في الخياطة والطبخ وما إلى ذلك، ما سنح لزوجتي أن تشارك وتندمج بشكل أكبر".

عانى محمد من مسألة وجود أبنائه في مجتمع من غير ديانته، ويتذكر حادثة حصلت مع ابنه قائلاً: "نحن من أسرة مسلمة ملتزمة، ومرة كان الأولاد في المدرسة يغنّون في عيد الميلاد "كريسماس"، فرفض ابني مشاركتهم لأننا لا نؤمن بأن يسوع هو الرب، فاستدعتني المعلمة وأخبرتني بتصرف ابني، فقلت لها فعلاَ ثمة اختلاف بيننا في هذا الأمر، نحن نؤمن بأنه نبي وليس الرب، ويجب عليكم تقبلنا كما نتقبلكم نحن، هذه أكبر مشكلة صادفتنا، قالت المعلمة إن على ولدي المشاركة، فقلت لها إذاً يجب أن تعرفوا أنه سيشارك ولكن ليس عن قناعة". 

بقي محمد بمعزل عن المجتمع البريطاني محلياً بشكله المدني، وبحث عن مجتمعات أكثر قرباً للعالم العربي فوجد في "الجامع" تلك الفرصة، يقول: "الجامع يساعد في التعرف إلى العرب الموجودين وتجاربهم، ثمة الجالية اليمنية هنا وهي جالية قديمة لديهم خبرة أكثر ويساعدوننا أكثر، بشكل عام نحن السوريون نعتمد على الجاليات العربية القديمة هنا حتى يتم تأسيس جمعيات سوريّة، لتطلع الكوادر بتيسير أمور السوريين أو لفهم قوانين البلد بشكل جيد" بحسب رأيه. 

ويضيف محمد: "أن الراحة دائماً تكون مع ابن بيئتك، الثقافة لها دور كبير أيضاً، فالذي نشأ في سورية ويعرف عاداتها وثقافتها أكيد لن يندمج بسهولة في الثقافة البريطانية. مثلاً موضوع "Girlfriend" و"Boyfriend" موجود في بريطانيا وغير موجود في سورية، عندنا لا يجب حصول مثل هذه العلاقة"، ويرى الاندماج في حالات إنسانية عامة فقط، حيث يتذكر كيف "حصل فيضان في ليفربول، فتطوع الشباب السوريون لمساعدة السكان المحليين"، ويؤكد: " المريح في بريطانيا هو عدالة القوانين والتشديد على عدم التمييز ولذلك لم نشعر أبدًا بالعنصرية تجاهنا، ربما نصادف بعض الأشخاص العنصريين ولكن هذا لا يؤثر" على حد تعبيره.