مرشد النايف

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

قطّاع الصحافة والإعلام في سوريا

ولد مرشد النايف عام 1968 في بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ودرس في مدارسها ثم توجه الى جامعة دمشق لدراسة الصحافة.

تخرج النايف من الجامعة عام 1991، ثم عمل لنحو ثلاث سنوات في القسم الثقافي بجريدة الجماهير التي تصدرُ في مدينة حلب، ثم عمل في القسم الاقتصادي بجريدة الثورة الحكومية، قبل أن يتسلّم الإشراف على صفحة الاقتصاد العربي والدولي في الصحيفة ذاتها.

يقول مرشد إن عمله التخصصي في الصحافة الاقتصادية أتاح له الاطلاع على كيفية صناعة القرار الاقتصادي في البلاد، وعلى حجم الفساد الهائل الذي كان يتم برعاية أجهزة المخابرات.

يقول مرشد، "في صحيفة الثورة، كان ثمة صحفيون كبار ولكن لم يكن هناك صحافة، حيث لم يتح لأي منهم استخدام مهاراته أو التعبير عن قدراته المهنية، فالصحفيون هناك كما في جميع مؤسسات إعلام النظام هم مجرد صحفيون درجة ثالثة مركونون في الظل، وبعيدون عن صناعة القرار الإعلامي، لا يُؤخذ برأيهم في كثير من الحملات الإعلامية سواء السياسية أو الاقتصادية أو غيرها".

ويتابع القول، "في جميع دول العالم، يُعبّر الإعلام دائماً عن الحالة الحضارية أو عمّا وصل إليه المجتمع، أما الإعلام السوري فيعبر عن وحدانية النظام الحاكم واستبداده، والذي لم يمنح أي فسحة للعمل الصحفي يُعبّر من خلالها عما يدور داخل المجتمع السوري. لطالما مرّت أخبار ومُنعت من النشر فقط لأنها  تمس أو تقترب من إيذاء مدير مدعوم من أجهزة المخابرات، ولطالما مُزّقت صفحات قبل إرسالها الى المطبعة لاحتوائها على تقارير أو إشارات الى فاسدين كبار في أجهزة المخابرات".

يرى مرشد أنّ الصحفيين الشرفاء كان مغلوب على أمرهم، لذلك كانوا يكتبون بعض المواد التي تشير من بعيد الى حالات الفساد، أو ربما يكتبون في بعض الصحف اللبنانية، والسبب الذي جعلهم لا يجرؤون على اقتحام المحظورات هو وحشية أجهزة المخابرات السورية.

يقول مرشد إن النظام تمكن مع مرور الوقت من زرع  آلية ذاتية للرقابة داخل كل صحفي، فبات الصحفيون يعرفون سلفاً ما هو المسموح نشره وما الذي سيتم منعه ويعملون على هذا الأساس، وفي الأغلب الأعم  كان رئيس التحرير المسؤول عن النشر على تماسٍ مباشر مع أجهزة الاستخبارات التي دجنت السوريين جميعاً، ومن ضمنهم فئة الصحفيين الذين صاروا يعرفون حدودهم بشكل تلقائي.

الصحافة الاقتصادية هي مفردة حديثة العهد في سوريا بدأت منذ نحو 15 عاماً كما يقول مرشد، ولطالما عانت من ضعف في هيكليتها نتيجة قلة خبرة العاملين فيها والذين كانوا يعتمدون وضع الأرقام المجردة في الأخبار والتقارير الاقتصادية، دون شرح السياق الذي ترد خلاله تلك الأرقام ليتمكن القارىء من فهم المعنى الحقيقي للمحتوى، أو إجراء مقارنة بين ما تم إنجازه لأداء مؤشر أو مؤسسة ما وبين النتائج السابقة لنفس الموضوع، فالمواد كانت تُنشر كما ترد من وكالة الأنباء الرسمية "سانا" والتي لا يتمتع معظم العاملين فيها بالحد الأدنى من المهنية، فيما كان الصحفيون الذين يمتلكون الكفاءات مُبعدين مثلهم مثل باقي صحفيي المجالات الأخرى.

يتحدث مرشد عن آلية تعاطي الصحف الرسمية الثلاث في سوريا، وهي الثورة والبعث وتشرين، مع الأخبار والمواد الصحفية على تنوع أشكالها، يقول، "حين تتصفح الدوريات الرسمية الثلاث، تجدها متشابهة الى حد التطابق بين مضمون الافتتاحية وأخبار الصفحة الأولى والتغطيات الاجتماعية، فالأخبار الاقتصادية على سبيل المثال، يغطيها مجموعة من الصحفيين الذين هم على تماس مباشر مع أجهزة الاستخبارات، وبالتالي فهم على علاقات وطيدة بالمسؤولين أو أصحاب القرار الاقتصادي، فعندما يتم التعاطي مع خبر يخص مؤسسة حكومية معينة، تجد الخبر نفسه بذات المضمون في الصحف الثلاث، والسبب أن مدير تلك المؤسسة على علاقة مباشرة بصحفيي الجرائد الثلاث وبالتالي يتم نشر نفس الخبر كما ورد في اليوم التالي، ولذلك كانت الصحافة أحد مسارب منظومة الفساد الذي طال جميع القطاعات في سوريا".

في العام 2006، أُتيحت لمرشد فرصة العمل في محطة "شام" التلفزيونية، وهي أول قناة فضائية سورية خاصة أسسها رجل الأعمال السوري أكرم الجندي. حاولت القناة أن تعمل وفق المعايير الدولية في مجال تدريب الكوادر وتطوير المحتوى ونظام الرواتب وما الى ذلك، ولكن التجربة لم تدم طويلاً، حيث صدر قرار من وزير الإعلام بإيقافها بعد أشهر قليلة من بدء بثها التجريبي، كونها حاولت أن تمثل انشقاقاً عن حالة التدجين المكرسة في المجتمع السوري.

يقول مرشد، "أشعر بالقهر الشديد لأننا كصحفيين لم نقدم للمواطن السوري إعلاماً يشبهه بالحدود الدنيا، وأننا كنا مجرد شهود زور على جميع الأحداث التي مرت في سوريا".