ولد مروان عبد الرزاق عام 1954 في مدينة مصياف التابعة لمحافظة حماة، ولكنه أصلاً من قرية مريمين التابعة لعفرين في ريف حلب، وكانت عائلته تتنقل بسبب ظروف عمل والده في سلك الشرطة.
استقرت عائلة مروان في مدينة حلب عام 1965، وكان حينها في الصف الثالث الابتدائي، ويقضي فصل الشتاء في حلب، وفصل الصيف في قرية مريمين.
في أوائل السبعينات، كان مروان في مرحلة الدراسة الثانوية، وكان المناخ السياسي حينها يشهد نهوضاً في نشاط المقاومة الفلسطينية، إضافة لآثار حرب تشرين التحريرية، وفي ظل تلك الأوضاع، كان قسم كبير من شباب قرية مريمين مهتمين بالنشاط السياسي وبعضهم منخرطين في نشاط المنظمات الفلسطينية اليسارية كالجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.
بدأ مروان بالاحتكاك بتلك الطبقة المثقفة من الشباب الذين كانوا يكبرونه بسنوات، وبدأ القراءة في أدبيات الجبهة الشعبية واليسارية عموماً. يقول، "كانت مريمين تتميز بوجود نخبة من الشباب المتعلمين، فضلاً عن قربها من مدينة عفرين ذات النسيج السكاني المتنوع، لذلك لم يكن للتشدد الديني وجوداً في القرية".
في عامه الجامعي الثاني في كلية الهندسة بجامعة حلب، انتسب مروان الى حزب العمل الاشتراكي العربي، والذي أنشأته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كفرع تابع لها في سوريا، ولكن الحزب لم يستمر طويلاً وتم انتهاء نشاطه عام 1977.
شكّل مروان مع مجموعة من الطلبة ما سموّه "اللجان الطلابية"، والتي بدأت بانتقاد وفضح ممارسات الاتحاد الوطني للطلبة وممارسات النظام الحاكم وتدخله في انتخابات الاتحاد وما الى ذلك. تم اعتقال مجموعة من ناشطي اللجان الطلابية، وعلى إثر ذلك بدأ مروان ورفاقه بنشر بيانات تطالب بالإفراج عن شباب اللجان وإجراء انتخابات نزيهة لاتحاد طلاب يمثلهم دون تدخل من الدولة، فضلاً عن مطلب الإفراج عن الطلاب المعتقلين بتهم سياسية، ولكن تلك البيانات لم تلقى صدى كبيراً في الجامعة بسبب سرية العمل تفادياً للاعتقال.
في ظل تلك الأوضاع الأمنية غير المستقرة، حاول مروان التواري عن الأنظار فتوقف عن الدراسة لمدة سنتين، ثم عاد الى الجامعة بعد الإفراج عن المعتقلين اليسارين، يقول، "في عام 1980، أفرج النظام عن المعتقلين اليسارين طمعاً بوقوفهم الى صفه ضد جماعة الإخوان المسلمين".
لم تنجح خطة النظام مع الأحزاب اليسارية التي أعلن كثير منها تأييده لجماعة الإخوان، فعادت موجة الاعتقالات تطال كوادرها، وفي عام 1981، كان مروان يقوم بزيارة الى بيروت، فتم اعتقاله بسبب تهم قديمة تتعلق بتوزيع منشورات معارضة، فقضى نحو 8 شهور محتجزاً في الأفرع الأمنية بدمشق، ثم تم نقله الى سجن المزة العسكري.
يقول، "كان سجن المزة مؤلفاً من طابقين، يضم القسم السفلي معتقلي جماعة الإخوان المسلمين وبعض العراقيين المتهمين بتهم تخص السلاح، أما الطابق العلوي فكان يحوي قيادات 23 شباط مثل صلاح جديد وآخرين، والذين هم جزء من انقلاب عام 1966 على الرئيس السابق أمين الحافظ".
ويتابع القول، "مكثتُ في سجن المزة ثلاث سنوات، كانت مريحة نوعاً ما، إذ كنت أتواصل مع المعتقلين ونتبادل النقاشات، ولكننا كنا نسمع عن حالات تعذيب وإعدامات طالت سجناء الطابق السفلي".
أُفرج عن مروان بعد ثلاث سنوات دون محاكمة، شعرَ بعد تلك التجربة أنه ينقصه كثير من المعرفة، فقد كانت قراءاته السابقة متسقة مع ما يوافق موقفه وأفكاره السياسية، فأعاد امتحان الشهادة الثانوية، ثم انتسب لكلية الفلسفة بجامعة دمشق، وذلك بالتوازي مع عمله الجديد في وظيفة حكومية بحلب.
في عام 1989، ترك مروان العمل الحكومي، وافتتح مكتباً خاصاً بالأعمال الهندسية، ولكنه لم يوفق بالعمل بسبب تفشي الفساد في آلية التعاطي مع نقابة المهندسين. يقول في ذلك، "كان بعض المتنفذين في النقابة يفرضون علينا نسبة كبيرة من أرباح المشاريع تصل الى أكثر من 60 في المئة، ما اضطرني للبحث عن مصدر رزق آخر، فبدأت العمل مع إخوتي بتجارة قطع تبديل السيارات".
لم يجد مروان نفسه في الأعمال التجارية وهو صاحب التوجه السياسي الماركسي. يقول، "كانت البلاد حينها تشهد تصحراً في النشاط السياسي استمر لما بعد عام 2000، حينها مُنح هامش أكبر للتعبير عن الرأي من خلال المنتديات والمحاضرات وما الى ذلك، ولكن ذلك الوضع تغير وبدأت الأمور بالتراجع بعد إعلان دمشق وما تلاه من حملة اعتقالات للناشطين".