تقدم الأنسة ميريلا أبو شنب (31 عاماً) من سوريا، دمشق، هويتها السورية قائلة:
أتذكر من قبل، كيف كنت أعرّف عن نفسي أني سورية، وكنت أشعر بكل فخر واعتزاز بهذا الشيء، ولكن، بعد الحرب، عندما أقول كلمة "أنا سورية"، صرت أشعر أحياناً بالخجل، وأحياناً أخرى بالخوف، وأحياناً أحسب حساب ردة فعل الطرف الآخر، بالأخص للأشخاص الذين هم من جنسية أخرى، وكيف سوف تكون نظرتهم إلى هذه البنت التي هي سورية، القادمة من بلد الحرب، كيف سوف يحكمون على طائفتي؟ كيف سوف يحكمون على دراستي وثقافتي؟ وكيف سوف يضعون تلك الصورة النمطية في مخيلتهم للبنت السورية أو لأي إنسان يأتي من سوريا ويقبلهم؟ أبتسم عندما أقول أني من الشام القديمة، أما بالنسبة للدين، فأنا لا أذكره أبداً، لا يعني لي. أعرّف عن تحصيلي العلمي أيضاً، ومن الممكن أن أخبّر عن الأشياء التي أريد أن أقوم بها في المستقبل.
وبالنسبة لأثر الصراع في سوريا وما تركه على هويتها، تخبرنا الأنسة ميريلا قائلة:
قبل الحرب، لم أكن أفكر مجرد تفكير بموضوع الهوية، وأنا أؤكد هنا على موضوع الهوية "كبطاقة شخصية" لأنها أصبحت تستخدم بكثرة في الصراع، وأصبح هناك حواجز في البلد، وأصبحت ملزماً أن تظهر بطاقتك الشخصية ليتعرفوا على اسمك، اسم عائلتك، من أي مدينة أنت. فلم نكن ننظر إليها، كانت مجرد ورقة، وأحياناً لا تخرج معنا من البيت، كنا نضعها في الدرج وأثناء الحرب، صارت ترافقنا في كل مكان، وبالتالي صرنا نفكر بها، صرنا نفكر بالأشياء المكتوبة داخل هذه البطاقة الشخصية، نستعملها دائماً معنا حين نعرّف عن أنفسنا. وأول موقف مفصلي عشته في هذا الصراع، بالنسبة لانتمائي، وبالنسبة لجنسيتي وبالنسبة للهجتي، عندما سافرت إلى بيروت أواخر عام 2012، لأكمل دراستي وأقدم ماستر في الإعلام، وبنفس الوقت كنت أبحث عن فرصة للعمل، وعندما وجدت فرصة عمل في إحدى المحطات اللبنانية، كان الشرط أن لا أتحدث باللهجة السورية!
وترى الأنسة ميريلا أن الصراع لازال مستمراً حتى الآن، وأن الحرب ليست عسكرية فقط، هي حرب اقتصادية، بحسب رأيها، وتضيف:
والتبعات من هذه الحرب أسوأ بكثير من الحرب العسكرية، لا أستطيع النظر إلى المستقبل بعد نهاية الصراع على الأرض ما الذي من الممكن أن يحدث في البلد، ولكني أستطيع أن أقول خلال العشر سنوات الماضية وإلى يومنا هذا، نحن لا نزال متأثرين وسنبقى كذلك كسوريين في كل بقاع العالم، ليس فقط في الوطن العربي، بل بكل أنحاء العالم، صرنا نشعر بخجل في بعض الأحيان وخوف في معظم الأحيان من ردة فعل الأشخاص الآخرين علينا، لا أزال أشعر بهذا الخوف. الاستقرار والأمان لم يرجعوا، ولا أتخيل أنهم سيرجعون، لا أتخيل أن هناك شيء يمكن أن يمحي الأسى الذي مررنا فيه على الصعيد الشخصي.
وعن أثر الهجرة على هويتها السورية، تعتقد الأنسة ميريلا أن هذا الأثر كان سلبياً جداً، وتؤكد:
مع الأسف لم أجد أي نقطة إيجابية، ربما بسبب البلدان التي اخترتها، وهي بلدان عربية ولا تُعنى كثيراً بحقوق الإنسان ولم تكن بلداناً بعيدة عن التمييز العنصري، فنشعر بذات النظرة الدونية أو نظرة الشفقة، حتى لو سافرت وكنت مثقفاً ولديك درجة تحصيل علمي عالية ومن عائلة لها شأنها في بلدك، ولكنك بمجرد أن تسافر إلى أية دولة من تلك الدول العربية، سوف تعامل كمواطن درجة ثالثة.
أما بخصوص العادات والتقاليد التي ترى الأنسة ميريلا أنها تؤثر على هويتها، تقول:
كلمة طقوس، عادة تعود لكلمة طقوس دينية، فهي اجمالاً الأعياد والمناسبات، الفارق الجوهري بممارسة هذه الطقوس، هو العائلة، اليوم نحن تشتتنا، وإذا كانوا يقولون لو تعود المقاهي والأماكن وتعود البلد للإعمار ولكن من يعيد لك الرفاق؟ الشباب الذين هاجروا وأفراد العائلة التي أصبح كل فرد منها في بلد، هذا لن يعود! وبالتالي فإن الطقس الذي كنت أعيشه قبل الحرب مع عائلتي وأصدقائي، لم يعودوا موجودين، فأنت هنا لم تعد تشعر بذات اللذة.
وأخيراً تصف الأنسة ميريلا أبو شنب هويتها بثلاث كلمات، قائلة:
هويتي كامرأة سورية، أنا إنسانة دمشقية وحالمة بمستقبل أفضل.