مِشعَل

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: مرسيليا, فرنسا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يبلغ مِشعل 41 عاماً من العمر، وهو من دمشق، حاصل على درجة الماجستير، وكان خلال فترة مكوثه في دمشق قد سافر إلى الخارج كثيراً للعمل بما في ذلك فرنسا. عندما تفاقم الوضع في سوريا، جاء إلى فرنسا بتأشيرة طويلة الأجل سبق منحها له من أجل العمل، وبعد مرور ستة أشهر طلب تصريحاً بالبقاء. بعد إقامة قصيرة في باريس قدم إلى مرسيليا حيث كان لديه بعض الأصدقاء. 

خلال ستة أشهر من إقامته على هذه التأشيرة قطع الاتصال مع المجتمعات العربية والسورية ودرس اللغة الفرنسية لوحده، من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 7 مساءً يومياً وذلك لمدة ستة أشهر. "كنت أقرأ باللغة الفرنسية خلال كل دقيقة كنت استطيع توفيرها خلال استخدامي المترو وفي أيّ مكان آخر". كذلك زار مِشعل كل الفعاليات الثقافية والفكرية التي كان باستطاعته زيارتها، بالإضافة إلى المهرجانات والمتاحف والحفلات الموسيقية والمحاضرات الجامعية، كما التقى بالعديد من الأشخاص الفرنسيين. قام مِشعل بتكوين صداقات بسرعة، وفي إحدى المرات كان يعيش مع ثلاثة من الأصدقاء مقابل طهي الطعام لهم، وكانوا يمضون ساعتين الى 3 ساعات في كل ليلة يساعدونه في دراسة اللغة.

بدأ مِشعل في إعطاء دروس خاصة باللغة الإنجليزية للفرنسيين، حيث كان قد طوّر قدرات ممتازة في اللغة الإنجليزية من خلال دراساته الجامعية وأسفاره الدولية السابقة حين كان يقيم في سوريا. كما سجل عرضا بخدماته كمترجم في غرفة التجارة، وحصل على وظائف مؤقتة في المؤتمرات مقابل 500 يورو يومياً لمدة ثلاثة أيام، مثلاً.

 أحد أصدقائه قال لصديق آخر، وكان هذا الأخير تاجراً مهمّاً في مرسيليا: "لا أعرف كيف ستفعل هذا، لكن عليك أن تجد طريقة للحصول على وظيفة جيدة من أجله"، حدث هذا بعد بضعة أيام. وبما أنه كان يريد حقا التدريس في الجامعة فقد كان يذهب كثيراً إلى هناك لحضور المحاضرات وقدم نفسه الى الأقسام ذات الصلة وعرض أن يدرس. وقد حدث أن تغيب أستاذ واحتاجوا إلى شخص يحل مكانه فوجدوا مشعل أمامهم ووظفوه، تم إعطاؤه في وقت لاحق عدة صفوف لتدريسها بشكل منتظم. 

وبعد أكثر من عام بقليل من وصوله إلى فرنسا بدون مهارات باللغة الفرنسية  بات شخصاً يقوم بتدريس صفوف في إدارة الأعمال باللغة الفرنسية. وقد حصل كذلك على الجنسية الفرنسية في نصف الوقت المنتظر بسبب تدخل أصدقاء لأصدقائه كانوا يشغلون مناصب مهمة حدث وأن قابلهم في الحفلات التي حضرها. 

يقول مشعل: أنه بعد هذه الفترة الأولى من تكوينه الكثير من الأصدقاء الفرنسيين وهذا الجهد من أجل التوسع الذي مكنه من أن يؤسس نفسه، شعر أنه بمجرد أن يبدأ بالعمل فإنه يفضل أن يكون لديه مجموعة أو اثنتين من الأصدقاء الأساسيين.

الشيء الوحيد الذي تغير فيه هو العادة المتمثلة في الحكم على الآخرين باستمرار الموجودة في سوريا، والتي تصل الى حد السخرية منهم. يقول إن السوريين يسخرون من الأشخاص القادمين من دول الخليج لكن هؤلاء باتوا يحققون إنجازات أفضل بكثير منهم وقد تجاوزهم. ويقول أيضاً إنه الآن بات أكثر قبولاً لوجود إختلافات، وبعض أكثر أصدقائه المقربين هما زوجان مثليان، وهو ليس لديه مشكلة في ذلك بالطبع. قام مِشعل مؤخراً بإعادة دمج السوريين في حياته الاجتماعية وأصبح لديه الآن خليط من الأصدقاء. 

سوف تلد زوجته أول طفل لها قريباً وهو قلق بشأن تربيته من حيث الهوية واللغة، ويقول إن هناك الكثير من اللاجئين والمهاجرين السوريين الذين يعيشون في تناقض، فلم يعودوا يعلمون من هم بعد الآن، أو ماذا يجب عليهم أن يفعلوا، يقول: أنه من حيث الممارسة الدينية، هناك مسلمون يشربون و يصومون خلال شهر رمضان ويتبعون حياة غير أخلاقية، كل ذلك في خلط غير مترابط البتة. 

يفكر مشعل في العودة إلى سوريا مع أنّه كان يزورها كما عائلته خلال وجوده في فرنسا، بعد كل هذا العزم على الاندماج ونجاحه الملحوظ  في ذلك، لماذا يفكر بهذا؟ يقول إنه يفتقد إلى حد كبير طقوسه اليومية  في لقاء صديق أكبر منه سناً كان معلم له في دمشق، في مقهى معيّن في الساعة  10 من كل صباح للتحدث والاستمتاع بفنجان من القهوة، وقد علم أن صديقه وافته المنية مؤخرا. يقول مشعل إن لديه أصدقاء فرنسيين حميمين للغاية، لكن هذا النوع من العلاقة الحميمة في الصداقة حيث تكون العادات من دون أية حسابات، ويتم تمضية وقت مشترك بغض النظر عن أيّ شيء أمر مستحيل حصوله في أي مكان آخر. وهذا هو الأهم بالنسبة إليه.