نبال زيتونة

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: بيروت، لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"لاحظتُ من خلال عملي أن هناك سياسة مقصودة من الدولة كي لا يجتمع العلم والمال معاً في مكان واحد".

انتقلت نبال زيتونة الى دمشق لمتابعة دراستها الجامعية، وكان هاجسها آنذاك هو الحرية والخروج مما وصفته بالقوقعة، أي مجتمع محافظة السويداء ذو اللون الواحد. بدأت نبال العمل في مجال التعليم قبل التخرّج من خلال إعطاء بعض الحصص الأسبوعية في إحدى مدارس السويداء، وبعد حصولها على بكالوريوس في الأدب العربي من جامعة دمشق، تم تعيينها معلّمة في بلدة العبادي في الغوطة الشرقية لدمشق. تقول نبال: إن أماكن تعيين المدرسين الجدد كانت تعتمد على الواسطة، ولذلك تم إرسالها الى تلك المنطقة الريفية البعيدة عن مكان إقامتها في مدينة جرمانا. عملت نبال لمدة عام كامل في العبادي وحاولت خلال تلك الفترة الانتقال الى مكان آخر لكن دون جدوى، الى أن تمّ لها ذلك أخيراً بمساعدة أحد ضباط الأمن.

تقول نبال: "كانت بيئة بلدة العبادي مختلفة عن البيئة التي جئت منها، من حيث الانتماء الطائفي وطريقة اللباس وغيرها من تفاصيل الحياة الأخرى، لم أواجه شخصياً أية مشاكل مع هذا الوسط الجديد، لكني لاحظتُ أن بعض المعلمات غير المحجبات كن ّ يواجهن بعض الإشكالات في حال عدم قدرتهن على فرض احترامهن في المدرسة". وتذكر نبال أن سياسة "التجهيل الممنهج" كانت ظاهرة في قرى ريف دمشق النائية، حيث لا اهتمام بالعملية التعليمية أو المدارس. تقول في ذلك: "كان ثمة العديد من طلاب المرحلة المتوسطة لا يعرفون كتابة أسمائهم، حاولنا مناقشة تلك القضية الهامة مع مديرية التربية في ريف دمشق، لكن المسؤولين لم يبدوا استعدادهم للتعاون في تغيير ذلك الوضع".

من خلال عمل نبال في التدريس في محافظة السويداء ثم في محافظة ريف دمشق لاحظت أن هناك سياسة مقصودة من الدولة كي لا يجتمع العلم والمال معاً في مكان واحد. تقول: "في محافظة السويداء التي تُعتبر محافظة فقيرة كان يتم الاهتمام بالعملية التعليمية والمدارس، في حين لم يكن ثمة أي اهتمام في منطقة الغوطة الشرقية التي تعتبر منطقة غنية، فسياسة التجهيل هنا ضرورية كي لا يجتمع العلم والمال معاً". تتحدث نبال عن مشاركة بعض المدرّسين المبتعثين من محافظات أخرى في ترسيخ الوضع التعليمي السيء في مناطق الريف، "كان معنا معلمة من اللاذقية، لا تهتم بتدريس الطلاب بشكل جيد، كانت تمضي نصف الوقت واقفة على باب الصف بانتظار انتهاء الدوام لأن الطلاب كانوا من طائفة مختلفة عنها. لم تكن الإدارة تجرؤ على توجيه أي ملاحظة لها لأن زوجها كان ضابطاً في الجيش".

في عام 2001 شكلّت نبال مع مجموعة من النساء تجمّعاً عملنَ من خلاله على موضوع الخطاب النسوي وحرية التعبير باسم "الخطاب النسوي الأدبي". كانت العضوات من خلفيات طائفية وعرقية متنوعة وكانت اللقاءات تتم خلال فترات متقطعة في أحد بيوت ناشطات التجمّع، ذلك قبل أن يتم استدعائهن بعد فترة للتحقيق في أحد الفروع الأمنية لتوضيح ماهيّة النشاطات التي كنّ يقمنَ بها. تقول نبال: "عندما شرحتُ للمحقق عن طبيعة الإطار الذي يجمعنا، وهو السعي لإعطاء المرأة السورية حقوقها، استغرب ذلك قائلا: ومن قال إن المرأة لم تأخذ حقوقها؟ في دولة البعث المرأة أخذت أكثر من حقها، ومن يريد أن يعمل في هذا المجال فعليه التوجه الى المنظمات التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي. وعلى هذا النحو، اضطررنا للتوقف عن نشاطاتنا لأننا لم نكن بوارد مواجهة الأجهزة الأمنية".

مارست نبال مهنة التدريس حتى أواخر عام 2013 حين تم اعتقالها من مكان عملها في إحدى مدارس مدينة جرمانا بريف دمشق. تقول في ذلك: "كانت كل التهم واردة كي يتم اعتقالي، فلا ضرورة لاتهامي بممارسة نشاط محدد، كان ثمة توجّه بمحاسبة جميع العائلات المعروفة بمعاداتها للنظام الحاكم".