نجاح عوض

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"عندما تمتلك هدفاً وتسعى الى تحقيقه بجد وصدق فسوف تنجح، يجب عليك ألا تخاف من الفشل".

نجاح عوض، فلسطينية سورية ولدت في مخيم اليرموك جنوب دمشق، هي الأكبر بين اخوتها التسعة، كان والدها يعمل موظف براتب بسيط إضافة لعمله بأحد محلات البقالة في الحي لتأمين حياة كريمة لعائلته. تذكر نجاح أن الوضع المادي المتواضع للعائلة إضافة لتشجيع والديها، حفّزاها على مواصلة الدراسة سعياً لتحقيق النجاح والاستقلال المادي في حياتها. تقول نجاح: "عندما تمتلك هدفاً وتسعى الى تحقيقه بجد وصدق فسوف تنجح، يجب عليك ألا تخاف من الفشل".
لم تكن الظروف المحيطة بنجاح في مرحلة الطفولة مثالية، وتذكر كيف كانت تذهب الى بيت الجيران ليساعدوها في إتمام فروضها المدرسية، لأن والدتها كانت أمية لاتجيد القراءة والكتابة. رغبت نجاح أن تدخل كلية الصيدلة لكن معدلها في الشهادة الثانوية لم يسمح لها بذلك، فدرست في المعهد المتوسط الصحي وتخرجت منه عام 1995، وبعد ثلاث سنوات من التخرج عملت على مشروع فتح صيدلية، لتحقيق رغبتها في مزاولة مهنة الصيدلة. انتظرت نحاج احدى صديقاتها حتى تنهي دراستها في كلية الصيدلة لمشاركتها في المشروع، نظراً لأن والدها كان أفضل حالاً من الناحية المادية، ويستطيع مساعدتهما في ذلك.
بدأت نجاح وشريكتها بالبحث عن مكان مناسب ليصبح الصيدلية التي طالما حلمت بها، ولكن المجتمع المحيط لم يستسغ فكرة وجود المرأة العاملة بينهم، فبدأ أصحاب المحلات المجاورة يبحثون عن حجج وعراقيل لتتنازل عن فكرة العمل في المنطقة. تقول نجاح: "كان من المستهجن في المحيط الاجتماعي بمنطقة شعبية كمخيم اليرموك أن تبدأ شابتان مشروعهما لوحدهما في وقت كان فيه الكثير من الرجال عاطلين عن العمل، وهنا برز دور العائلة في تشجيعي على المضي قدماً لتحقيق الهدف، فعلى الرغم من كون أمي امرأة أمية كانت تؤكد على أهمية العلم في حياة أبنائها لتأمين مستقبلهم، وهكذا ورغم الصعوبات وعدم توفر رأس مال كاف للمشروع بدأت الأمور تتحسن بالتدريج، وصرنا نتعامل مع عدد من شركات ومستودعات الأدوية التي تقدم المواد الطبية عن طريق التقسيط، وبدأ المشروع يؤتي ثماره نتيجة الصدق والالتزام مع الموزعين في مواعيد الدفع".
تتابع القول: "في البداية واجهنا صعوبات كبيرة لبدء مشروعنا الخاص، فهناك من حذرنا من استئجار المحل بحجة أن موقعه يدخل ضمن المخطط الهندسي للتنظيم الجديد، وآخرون أخبرونا بأن المحل يعاني من مشاكل في أساسيات البناء، لكن كل تلك الحجج لم تمنعنا من مواصلة الطريق، وكثير ممن لم يرضوا بداية عن المشروع أصبحوا من زبائن الصيدلية". وتذكر نجاح بعض المواقف الصعبة التي تعرضت لها أثناء العمل في الصيدلية، تقول: "كان بعض الشباب ممن يتعاطون أنواعاً من الحبوب المهدئة كبديل عن المخدرات يأتون الى الصيدلية طلباً لتلك العقاقير التي لاتباع عادة إلا من خلال وصفة طبية، وفي احدى المرات أشهر أحدهم سكيناً وهددني كي أعطيه كمية من الحبوب، لكني استطعت احتواء الموقف من خلال مسايرته حتى قمت بإخبار أخيه الأكبر عن تصرفاته، ولم يتعرض لنا بعد ذلك".
كان مخيم اليرموك يحتوي على نسبة كبيرة من السوريين لكنه حافظ على صبغته الفلسطينية من خلال صور القادة والشهداء الفلسطينيين المنتشرة بين أرجائه، فضلاً عن شوارعه التي تحمل أسماء مدن وقرى وشهداء فلسطين. واصلت نجاح العمل في الصيدلية لحوالي خمس سنوات، واستطاعت في تلك الفترة أن تجمع ثمن بيت، ولكن بعد أن تزوجت وأنجبت طفلها الأول اضطرت لترك العمل بسبب حالة الطفل الصحية التي تتطلب عناية خاصة، على الرغم من دعم زوجها وتشجيعه الدائم لها.
اليوم نجاح أم لثلاثة أطفال، تعمل على تربيتهم وزرع حب العلم والعمل في نفوسهم كما كان والدها يفعل معها ويقول لها دائما: "يا ابنتي عليك أن تدرسي وتحصلي على الشهادة، فهي سلاحك في الحياة".