ولدت نجوى صوفي عام 1944 في قرية العنازة الواقعة بين مدينتي بانياس وطرطوس على الساحل السوري، وتنقلت بين بلدات ومدن عدة، بسبب طبيعة عمل والدها في سلك الشرطة ثم في مؤسسة الكهرباء. نشأت نجوى في حي مارتقلا بمدينة اللاذقية، وهو حي قديم كان جلّ سكانه من المسلمين السنّة ماعدا عائلتين إحداهما من الطائفة العلوية والثانية مسيحية.
تذكر نجوى حين كانت تتردد في طفولتها على "الكتّاب" لتعلم القرآن والقراءة والكتابة، حيث كان الأهالي يدفعون للشيخ المعلم مبلغاً من المال كل يوم خميس لقاء تعليم الأطفال، ولذلك كان يسمى "خميسية". ثم درست نجوى في مدارس مدينتي جبلة واللاذقية، وكانت من الجيل الأخير الذي حصل على شهادة "السرتافيكا" وهي شهادة تمنح بعد إنهاء الصف الخامس الابتدائي، واستُبدلت لاحقاً بشهادة إتمام المرحلة الابتدائية التي تُمنح بعد الصف السادس.
تقول نجوى إن الاهتمام بالتعليم ازداد مع مرور السنين وخاصة تعليم الإناث: "دخلت الفتيات الفروع الجامعية التي كانت حكراً على الرجال، وأثبتنَ كفاءة عالية واستلمنَ مناصب قيادية في مجلس الشعب والإدارات المحلية وحتى الوزارات، ورغم ذلك بقيت القيادة للرجال، وما تزال القوانين السائدة في سوريا تبخس المرأة حقها وحتى فيما يخص الزواج والطلاق وحضانة الأطفال".
درست نجوى المرحلة الثانوية في "ثانوية البنات" بمدينة اللاذقية، والتي تغير اسمها فيما بعد الى "ثانوية البعث"، تقول: "في تلك الفترة بدأنا نحتك ببعض الطالبات من الطائفة العلوية، ولكن كنا جميعاً نُعامل من قبل كادر المدرسة دون أي تفريق، كانت المعلمات ذوات كفاءات عالية، وأذكر من بينهن مُدرّسة اللغة العربية دعد جمال أخت الشهيد المعروف جول جمال".
أنهت نجوى المرحلة الثانوية وبدأت بالتعليم في مدرسة على أطراف حي مارتقلا عام 1965، كانت تتقاضى حينها 220 ليرة سورية، وكانت مديرية التربية تُلحق المعلمين والمعلمات بدورات تدريبية متعددة على مدار سنوات عملهم، في مجالات اللغة العربية والرياضيات والإدارة وغيرها.
في عام 1979 حضرت نجوى دورة تدريبية في مجال الرياضيات الحديثة أعطاها أستاذ روسي باللغة الروسية، مع وجود مترجم فوري. وفي إحدى الورشات التدريبية الأخرى التي تختص بالإدارة، أحرزت نجوى المركز الثاني على مستوى محافظة اللاذقية، فتمت مكافئتها وتعيينها كمديرة مدرسة، فعملت في المنصب الجديد لعام واحد ثم سافرت وعملت موجهة تربوية في السعودية.
تقول نجوى إن الصورة النمطية المعتادة لمدير المدرسة هي أن يكون الممثل لذوي السلطة والنفوذ في المدرسة، فهناك دائماً بعض الطلاب من أبناء المدعومين يتم تمييزهم بتوجيهات من المدير، كما يتم منحهم علامات إضافية والتغاضي عن أخطائهم كي يتفوقوا على أقرانهم، رغم أنهم لا يلتزمون أو يأبهون بالقوانين والنظم المدرسية.
توفي زوج نجوى بعد فترة قصيرة من زواجها، تاركاً خلفه طفلتهما ذات الأشهر الثمانية، حينها شعرت نجوى بأهمية عملها الذي أغناها عن حاجة الناس رغم بساطة الراتب، وفي إحدى المرات قابلت نجوى الرئيس الراحل حافظ الأسد أثناء زيارة وفد نقابة المعلمين في اللاذقية الى القصر الرئاسي، فحاولت استغلال الفرصة لتطلب منه النظر في وضعها المعيشي الصعب بعد وفاة زوجها. تقول في ذلك: "في عام 1979 ذهبتُ برفقة وفد نقابة المعلمين في زيارة الى الرئيس حافظ الأسد في قصر برج سلام، تم تفتيشنا وتغيير سيارتنا مراراً على الطريق، وبعد المقابلة المقتضبة التي تخللتها جلسات تصوير، تقدمتُ إلى الرئيس وأعطيته ورقة شرحتُ فيها وضعي المعيشي وحرماني من التعويض الشهري لزوجي المتوفى والذي كان موظفاً حكومياً. وضع الرئيس الورقة في جيبه، فشعرتُ بالسعادة والأمل كوني أوصلت شكوتي الى رئيس الدولة مباشرة، ولكن شيئاً لم يتغير ولم يستجيبوا لطلباتي، وبقيتُ على هذا الحال حتى سافرت الى السعودية لتحسين وضعي المادي وشراء منزل أسكن فيه مع ابنتي".
لاحظت نجوى خلال مسيرتها الطويلة في سلك التعليم ازدياد عدد المدارس بشكل كبير سواء في عهد الرئيس حافظ الأسد أو مابعد عام 2000 في عهد بشار الأسد، كما ازداد عدد الكليات والتخصصات الجامعية في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية، تقول في ذلك: "ازداد عدد طلاب جامعة تشرين القادمين من مناطق أخرى، وتوسع النشاط السياحي في اللاذقية وخصوصاً في المنشآت على طول شاطىء البحر، ولكن الأسعار بقيت مرتفعة وغير متناسبة مع رواتب الموظفين". وتتابع القول: "تولى بشار الأسد سدة الحكم في البلاد، فتوسمنا فيه خيراً، سمعنا أنه وزّع أجهزة الحاسوب على الطلاب المتفوقين في الشهادة الإعدادية في مستهل فترة حكمه، فتوقعنا أن تلي هذه الخطوة خطوات لاحقة لدعم المتفوقين، ولكننا لم نرى شيئاً من ذلك، واستمرت الأمور على حالها كما يعرفها الجميع".