ولدت ندى الحسن عام 1989 لعائلة كبيرة تقطن مدينة حلب وتعود أصولها الى ريف حلب الجنوبي. حرص والداها على تربية أبنائهم العشرة تربية إسلامية ملتزمة، وشجعوهم على الدراسة وقراءة وحفظ القرآن الكريم منذ الصغر.
اختارت ندى أن تكمل مرحلة الدراسة الإعدادية في المدارس الشرعية وقررت ارتداء النقاب وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وتركت المدرسة أواخر المرحلة الثانوية متأثرة بزميلاتها اللواتي تركن المدرسة أيضاً لأسباب عدة ومن أهمها الزواج المبكر.
تزوجت ندى من شاب يكبرها بأحد عشر عاماً، وبحكم صغر سنها وفترة الخطوبة القصيرة التي لم تتجاوز 40 يوماً، لم يتسنى لها التعرف جيداً على خطيبها وأهله بشكل كاف، وهكذا تم الزواج على عجل.
انتقلت ندى الى بيت زوجها في إحدى قرى ريف حلب الشرقي، كانت قرية جميلة ذات بيوت واسعة، لكن المشكلة كمنت بعادات أهلها المجحفة بحق المرأة، تقول ندى، "هناك، تعتبر ولادة الفتاة عاراً ويعم الحزن والمآتم، بينما تعم الأفراح وتوزع الحلويات حين يكون المولود ذكراً".
سكنت ندى مع عائلة زوجها في منزل على أطراف القرية كان أشبه بمزرعة تضم كافة أنواع الأشجار المثمرة وفيها بيت واسع يشبه بيوت حلب، لكن المفاجأة كانت بوجود غرفة مخصصة للأغنام داخل المنزل، والمفاجأة الأخرى بالنسبة لندى هي أن نساء البيت كن يعملن بتربية الأغنام والزراعة وكثير من الأعمال الأخرى خارج البيت، وعلى هذا النحو، توجّب على ندى أن تعمل مثلهن وأن تخلع نقابها أيضاً.
بعد الزواج بشهر واحد تبين لندى أنها حامل، وعندما واجهت زوجها بأنه أخفى عنها طبيعة الحياة في قريته، كان رده قاسياً وتبين لها أنه ضعيف الشخصية أمام والدته وعائلته كسائر أبناء قريته الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً أمام أهاليهم، فاستسلمت ندى للأمر الواقع وحاولت التكيف مع وضعها الجديد.
تتحدث ندى عن بعض جوانب الحياة وعادات سكان القرية الذين يسمون "الشوايا"، تقول، "لا يهتم الأهالي عادة بتدريس بناتهم حيث يتم الاكتفاء بدراسة المرحلة الابتدائية لتعلم القراءة والكتابة فحسب، يتسم لباس الفتيات بالاحتشام، وينتشر الوشم على الوجه بين معظم السيدات".
وتتابع القول، "تتصف اللهجة الشاوية بثقل مخارج حروفها، حاول متحدثوها الحفاظ عليها من خلال رفضهم القاطع للتكلم بأي لهجة دخيلة وخاصة اللهجة الحلبية، وذلك من مبدأ عدم التنكر لأصلهم".
توترت الأحوال بين ندى وأهل زوجها حتى قاطعوها جميعاً، فالتجأت الى أهلها وبقيت عندهم حتى وقت الولادة. تفاقمت الخلافات بين العائلتين، وما زاد من حالة الجفاء هو أن المولودة كانت فتاة، فلم يرَها أبوها إلا بعد مرور ثمانية أشهر.
تقول ندى، "تُهمل المولودة من قبل العائلة حتى تبدأ بالمشي والكلام، حينها فقط يبدأون بالتعامل معها كإنسانة".
رفعت ندى دعوى طلاق ضد زوجها، وبمجرد استلامه تبليغاً للحضور حاول استرضائها و إعادتها للمنزل، فعادت بعد أن ألغت الدعوى، ولكن زوجها أرسلها عن طريق الخداع الى بيت أهلها مجدداً وتركها لمدة ثلاث سنوات دون أي تواصل او نفقة لها أو لابنتها.
عادت ندى أخيراً الى بيت زوجها على أمل أن يتبدل حالها للأفضل، ولكن معاملتها تغيرت نحو الأسوأ، وباتت تنام مع ابنتها في غرفة خالية من الأثاث وفيها حصيرة وفراش أرضي فقط.
استمرت المشاكل بين الزوجين، وتعرضت ندى وابنتها للضرب والإهانات من زوجها، وازداد الطين بلة حين أنجبت بنتين توأمًا، فاشترط عليها زوجها أن ترضعهما لستة أشهر قبل أن تغادر الى بيت أهلها، وأخيراً وبعد سنوات من القهر، اضطرت ندى لاتخاذ أصعب قرار في حياتها وهو اصطحاب ابنتها الكبرى والتخلي عن التوأم نظراً لضعف الحالة المادية لأبيها وعدم قدرته على تحمل نفقاتها وبناتها الثلاث.