نور امرأة سورية من مدينة درعا عمرها 25 عاماً، وتعيش حالياً بجوار برلين مع زوجها وأطفالها، وصلت إلى ألمانيا قادمة بالطائرة عام 2015 حيث ساعدها أقرباؤها بالدخول إلى ألمانيا. لديها طفلة صغيرة، وهي ترعى ثلاثة أطفال آخرين هم أبناء شقيق زوجها الذي قضى تحت التعذيب في السجن، حسب قولها.
كانت في سورية تدرس علم الاجتماع، لكنها لم تكمل دراستها لأنها اضطرت للفرار في عامها الجامعي الأخير. الآن تقوم بدورات تدريبية في علوم الكمبيوتر وتعمل في المحاسبة، لكنها لا تحب هذا العمل ولهذا "توقفت عنه، بالإضافة إلى أن المصطلحات الألمانية صعبة، إضافة لساعات العمل الطويلة، كما أنها تعمل مع زوجها في الصيدلة طوال اليوم، لهذا فهي تشعر أن هذا ليس عملاً مناسباً لسيدة لديها أربعة أطفال" حسب ما روت.
وتقول نور: إنها "تغيّرت بشكل هائل منذ أن استقرت في برلين، خاصة حول انفتاحها في أمور حياتها واهتماماتها". حيث التقت بالعديد من الأشخاص في عملها، وهذا أمر يسعدها حقاً. كما تحضر سلسلة من المحاضرات المجانية العّامة حول مختلف المواضيع كالدين والجنس وإلى ما هنالك، وقد اكتشفت أن اليهودية مختلفة جداً عمّا كانت تعرفه في سوريا من أفكار "جاهلة وغبية صراحة" على حد تعبيرها، وأن "الميول الجنسية ليست خياراً بالضرورة إنما هي طبيعة بشرية". وقد تحدثت بنفسها عن الذكورية بعد أن حضرت عدّة محاضرات حول هذا الموضوع. كما أنها لم تعد تشعر "بالخوف بعد الآن إذا اكتشفت أن أحد أبنائها كان شاذاً".
أصبحت الرياضة جزءاً من حياتها أيضاً، وتمارسها بانتظام، ترتدي الحجاب ومقتنعة بهويتها الدينية، ولا ترغب في التغيير. كما أشارت إلى أنّ العديد من النساء السوريات المسلمات اللواتي تعرفهن خلعن الحجاب بسبب متطلبات العمل، وهي هنا لا تطلق الأحكام عليهن ولكنها لا تريد أن تحذو حذوهنّ.
في الفترة الأولى التي قضتها في دريسدن، والتي قالت عنها "إن المواطنين فيها يكرهون الغرباء"، قام رجل مختل عقلياً بضربها بزجاجة وقفز من الحافلة وهرب. بكت بحرقة حتى اضطر سائق الحافلة في نهاية الأمر من التوقف والتقدم من مقعدها والاعتذار منها نيابة عنه، قائلاً لها: "إنه رجل مجنون وسكّير"، لكن أكثر ما أثار ذهولها هو سلبية الآخرين الموجودين في الحافلة، وعدم تدخلهم عندما ضربها وأثناء بكائها! وفي حادثة أخرى منفصلة، صرخ رجل بها قائلاً: "ألمانيا للألمان". كانت محبطة في أول عامين، وشعرت بأنها فقدت كل شيء، تعيش في مكان لا يرحب بها وتترتب على عاتقها الكثير من المسؤوليات والأعباء.
فيما بعد شعرت نور بالارتياح، حين انتقلت إلى برلين، لأنها تشعر أن المكان هنا مريح أكثر بالنسبة لها، إذ بدأت بالدراسة وكان الناس داعمين جداً لها، فعندما دخلت الصفوف المدرسية بصحبة ابنتها الصغيرة ساعدوها في حمل الصغيرة عندما توترت. شعرت تدريجياً أن هذا ليس كل شيء ويمكنها فعل أشياء كثيرة في حياتها. تشعر نور الآن أنها متشجّعة جداً ومتحمسة كثيرة لحياتها القادمة، وتسعى لتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية مع الألمان والسوريين والعرب الآخرين على حد سواء.