وهيب الحسيني

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: تركيا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"كانت بداية جيل الفنانين الكبار، وكان ثمة زخم للعمل الجاد الذي أثمر عنه أجمل ما أنتجه التلفزيون السوري".

نشأ وهيب الحسيني في محافظة الحسكة ودرس في مدارسها ثم توجه الى جامعة دمشق لدراسة الفنون الجميلة. ثم عمل وهيب بعد التخرج في التلفزيون السوري كمسؤول عن ديكور البرامج بالتعاون مع رئيس القسم، كان ذلك حوالي العام 1962، يقول وهيب: "تعرّفتُ خلال تلك الفترة على كثير من الفنانين من لبنان ومصر والعراق، فضلاً عن الممثلين السوريين، كانت بداية جيل الفنانين الكبار أمثال دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي وغيرهم، وكان ثمة زخم للعمل الجاد الذي أثمر عنه أجمل ما أنتجه التلفزيون السوري". بعد نحو عام ونصف من العمل في التلفزيون، حصل وهيب على عقد عمل في دولة الكويت، فأخذ إجازة طويلة بلا راتب، وعمل في تلفزيون الكويت لنحو أربع سنوات، ثم عاد الى سوريا في إجازة لبضعة أشهر، كانت آخر زيارة قضاها في سوريا بسبب تغير الأوضاع السياسية في البلد كما يقول.
تعرف وهيب خلال عمله على صحفيين ورؤساء تحرير وبدأ يرسم الكاريكاتير لبعض الصحف المستقلة، كما انتُدب من قبل دائرة الثقافة الكويتية للمساهمة في المهرجانات الثقافية خارج الكويت وداخلها كمهندس ديكور مسرحي، حيث صمم وهيب ديكورات أول عمل مسرحي كويتي. بعد ثماني سنوات من العمل مع التلفزيون الكويتي، أسس وهيب شركة خاصة لأعمال الديكور بالشراكة مع طبيب كويتي معروف، ثم عمل في بعض المشاريع بمدينة البصرة العراقية، وصار يتنقل ما بين الكويت والعراق حتى استقر أخيراً واشترى بيتاً في بغداد، يقول: "شهد العراق في سبعينات القرن الماضي انفتاحاً ونهضة كبيرة شملت جميع مناحي الحياة، الثقافية والعلمية والخدمية وغيرها".
توقفت الأعمال والمصالح بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، فاشترى وهيب مزرعة وصار يمارس هوايته باقتناء السيارات القديمة حتى وصلت مقتنياته إلى 30 سيارة خزنها في مرآبه الخاص بمدينة الموصل. في العام 1982 أقام وهيب وعائلته في لندن لبضع سنوات عمل خلالها برسم الكاريكاتير السياسي في صحف ومجلات عدة، كان ينتقد نظام الخميني في إيران والنظام السوري المساند له خلال حربه مع العراق، ما عرضه لتهديدات من جهات تتبع للنظام السوري، يقول في ذلك: "انتهت صلاحية جواز سفري السوري ولم يكن بمقدوري تجديده بسبب انتقادي الدائم للنظام، يضاف الى ذلك أننا لم نتكيف مع مناخ لندن البارد والبيئة الاجتماعية المختلفة عن طبيعة المجتمع العربي، فعدنا الى العراق عام 1988 وقدّمتُ طلباً للحصول على الجنسية العراقية". حصل وهيب على الجنسية العراقية ما ساعده على التنقل بين العراق والأردن، حيث عاد للعمل في مجال الديكور المسرحي، كما عمل مع بعض الصحف والمجلات ومنها مجلة شيحان الأردنية.
استمر وهيب بالتنقل بين العراق والأردن لفترة طويلة، وكان يفضّل العمل لصالح الصحف المعارضة، ينتقد أي خلل أو أعمال قمع للحريات، سواء من قبل الاحتلال الاسرائيلي أو حتى التجاوزات في الدول العربية أو السلطة الفلسطينية. أقام وهيب لفترة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل كمستشار فني بمجال الديكور لصالح الشيخ خالد بن زايد. وبعد الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 ، قرر أن يصفي جميع أعماله ومصالحه ويعود الى سوريا، آملاً بصدور عفو عام عن المعارضين، وراغباً بالاستقرار في بلده بين أهله وأقاربه، وعلى هذا النحو، صفّى وهيب أعماله في العراق وعبَرَ الحدود الى سوريا مع عائلته وبمساعدة أحد معارفه في منطقة الحصيبة الحدودية، متحدياً المخاطر المحتملة، ومع وصولهم إلى سوريا، اقتادته دوريّة أمن إلى أحد فروع الأمن في مدينة دير الزور، كان الاستقبال ودوداً جداً، واقتيد وهيب بعدها إلى دمشق ولكن بطريقة محترمة ولائقة كما يقول.
وصل وهيب إلى فرع الأمن في دمشق، ورفض البقاء في زنزانات المعتقلين المكتظة، كان الضابط المسؤول عن الفرع علي مخلوف متعاوناً جداً حيث خصص زنزانة للعراقيين وأوصى بتلبية كافة طلباتهم.
أُوقف وهيب لمدة عشرة أيام، وتم التحقيق معه عدة مرات، يقول في ذلك: "لدى سؤالي عن رأيي بالرئيس صدام حسين بطريقة استفزازية من قبل الضابط المحقق، استجمعتُ قواي وأجبت بأنه قائد وطني شئنا أم أبينا، ما دفع جميع الضباط للتعامل معي باحترام بعد تلك المقولة".
سعى وهيب بعد إطلاق سراحه لاستصدار جواز سفر سوري، إلا أنه كان مطلوباً لعدة فروع أمنية ومنها فرع فلسطين، ما دفعه لإلغاء الفكرة، كما رفض أي وساطة عُرضت عليه من قبل أقاربه العاملين لصالح النظام. يقول وهيب، "حياتي كانت مليئة بالمجازفات والمخاطرة، أشعر بالسعادة الغامرة لأنه تسنى لي أن أضع بصماتي، وأن أكون سباقاً في مناكفة هذه العائلة الحاكمة في سوريا".